تشهد البلاد من زمن بعيد خلافات كبيرة متغيرة ومتجددة ما بين الشعب وممثليهم والنشطاء السياسيين والمجتهدين والساعين حول مفهوم الحرية والديمقراطية وتفسير النصوص والقواعد الدستورية، وأثر هذا في كيفية إدارة الدولة وطريقة توزيع المناصب والمكاسب وما ترتب عليه من انتشار للفساد والتفنن في الجريمة للحصول على المال والمنافع من الدولة سواء بالطريق المباشر كالاختلاسات والسرقات أو غير المباشر مثل العمولات والمعاملات والتزويرات.. الخ.
والوصول إلى مثل هذه المآرب والجرائم لا يتأتى إلا من خلال خلق خلاف وخلافات مختلفة وفرض للرأي وتحجيم لآراء الآخرين بل وعدم إعطائهم فرصة لشرح وتوضيح موقفهم من خلال تحويل النقاش من واقعة محل بحث إلى عصبية قبلية أو فئوية أو شخصية أو طعن بالأنساب وافتراء وكذب وتلفيق التهم بلا دليل ودون أي مراعاة لأي رقيب، بل تغليف الباطل بكساء الحق حتى ينطلي على البسطاء.. مستخدمين الفنون الإعلامية والتأثيرات المختلفة في الإثارة وشل حركة عمل الدولة.. وخلق بالونة خلافات تشعل مؤسسات الدولة وأفرادها.. ليستطيعوا بعدها هم أو غيرهم مع وجود هذه الأجواء تحقيق مآرب شخصية ومكاسب مادية أو معنوية على حساب الدولة والشعب.
اليوم وبعد «العفو الكريم» والدعوة الطيبة من والد الجميع صاحب السمو الأمير الشيخ نواف الأحمد وتوحيد الجهود والصفوف بما يعود بالخير والمنفعة على البلاد والعباد، ووصول الإخوة السياسيين من غربتهم إلى أهلهم وذويهم سالمين غانمين وبداية تشكيل حكومة جديدة ورأي وأمل كبير لكويت المستقبل، أتمنى من الجميع ألا يكون الخلاف لشغل كرسي أو نيل شهرة، أو لجني مكاسب، وإنما المطلوب الخلاف الصحي الذي تتوسع به المدارك وتتلاقى فيه الأفكار وتزداد الخبرة بالحياة، فالخلاف الطيب هو أساس تطور البشر والطبيعة، فلولا غياب الشمس لما حضر القمر، ولا تبدلت الأيام وظهرت العبر، إنها حكمة الله اسمها القدر.
وآخر دعوانا «اللهم وحد على الحق كلمتنا واجمع شتات أمتنا».