هذه الأيام نلاحظ في صحافتنا خطوطا عريضة للأخبار المتعلقة بالخلاف الواقع بين قطر وبعض الدول العربية وعلى رأسها السعودية والإمارات ومصر.
إن ما يثير الإنسان هو المبالغة في الانتقادات الجائرة لبعضنا البعض، كل يلوم الآخر على المبادرة في البدء بالخلاف. ولكن مهما كانت الأمور لا يجوز لنا كإعلاميين أن نبالغ بإثارة مثل هذه الأخبار، لأنه في لحظة من اللحظات وبإذن الله سيكون كل ذلك عبارة عن سحابة صيف ستنقشع في أقرب وقت، لأن دول مجلس التعاون ومصر وغيرها من الدول المؤيدة لطرفي الخلاف لا تنوي في الأساس الإضرار بالجهة الأخرى، وإنما المراد هو وقف المشاحنات الإعلامية واستخدام وسائل الإعلام من كل طرف في شحن الأطراف للوقوع في الهاوية، وبالتالي ستكون النتيجة في نظري هي زيادة الخلاف وتصعيده بدلا من التمكن من التهدئة والتفاهم.
لا شك أن الموضوع حساس جدا والمبادرة السريعة لقادة دول مجلس التعاون في إطفاء هذه النار التي انتشرت بشكل واسع مطلوبة الآن أكثر من أي وقت مضى، وإلا فلن نتمكن من السيطرة عليها وتصبح مجالا لتدخل الدول الكبيرة خاصة في هذه الأيام، حيث إن هناك تحركا واسعا من الولايات المتحدة الأميركية وروسيا وبريطانيا وفرنسا. الكل يحاول التدخل في هذه القضية باسم فك التنازع، ولكن الحقيقة أن الجميع سيقوم بهذه العملية على حسابنا والمنتفع من ذلك هي هذه الدول نفسها لتحقيق مصالحها الهامة على أبعد مدى.
لقد شاهدنا كذلك من خلال زيارة رئيس الولايات المتحدة الأميركية دونالد ترامب الذي رأيناه مختلفا تماما في كلامه وتصرفاته عما كان يوجهه من نقد لاذع للمملكة، ولكن غير رأيه عندما التقت مصالحه بعد الترحيب الذي حققه في المملكة العربية السعودية، ووقع عقودا طويلة المدى لشراء الأسلحة الأميركية والذي اعتبره هو نجاحا باهرا في أول زيارة له خارج أميركا.
مثل هذا الأمر يا إخوان يجب أن نحذر ونخاف منه، ويجب أن نعيه كثيرا لأنه لا يمكن الهروب من الموضوع وإلا سنكون لقمة سائقة للدول الكبرى وهذا لن يكون إلا بوحدة كلمتنا خاصة نحن دول مجلس التعاون. لا يمكن أن نعيش إلا في تعاون صادق ونرفض أي مبادرات قد تثير الخلاف بيننا لأن أغلب هذه المبادرات تستهدف الفتنة بيننا في هذا النموذج الناجح والفريد في التعاون العربي.
دعونا يا إخوان جميعا أن نبقى متحدين متفاهمين رغم كل الخلافات التي قد تبرز على السطح قبل ان يفلت منا زمام الأمور. فحكامنا ولله الحمد من الحكماء العقلاء الذين لا يقبلون أي خلاف أو فتنة يريدها لنا أعداؤنا وهم كثيرون ويعيشون على حدودنا ولن يقبلوا أن يتحقق هذا النجاح للدول الصغيرة التي استطاعت أن تصنع المستحيل، وتصل ولله الحمد الى صفوف الدول الهامة والمؤثرة.
انسوا كل خلاف لأن المنطقة تعيش في دوامة كبيرة من الخلافات، ولا تقبلوا أن تشتعل هذه الخلافات الكثيرة بيننا، حاولوا أن تقضوا عليها قبل أن تشتعل النار، لأن معنى ذلك أن تصعب الأمور وتحتاج إلى تدخل قوى في أمورنا، وهذا لن يكون بأي شكل من الأشكال ذا فائدة لنا. وتاريخ هذه الدول الكبيرة مع الصغيرة معروف، وأنا أناشد صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد، صاحب الحكمة والدراية وأدعو له بالتوفيق أن تظل هذه القضية في أولوياته القصوى وأن يحتويها بإذن الله بحكمته وموعظته الحسنة.
وفقكم الله جميعا إلى ما فيه الخير والسداد لهذه الأمة الخليجية الصغيرة في دول مجلس التعاون لتبقى دائما وحدة متراصة وواحة أمن وأمان لكل من يعيش على أرضها ولبقية الوطن العربي الكبير.