- النهار «يبوق» دقيقة يومياًمن الليل بدءاً من 22 ديسمبر حتى 21 يونيو ويحدث العكس من 22 يونيو إلى 21 ديسمبر
كنت في إحدى الأمسيات جالسا في صالة المنزل أتابع إحدى مباريات منتخب الكويت في دورة كأس الخليج العربي وإذا حفيدي عبدالرحمن الشهير باسم حمني، حفظه الله، يدخل عليَّ الصالة ويقول «يوبا عادل شنو معنى الليل يبوق من النهار؟ وصج عاد الليل يبوق من النهار»، رددت عليه قلت له اسأل أبوك وهو يجيب عن هذا السؤال.
رد علي بسرعة قائلا أنا سألت أبوي ولكن قال لي اسأل أبوك عادل يجاوبك أحسن مني على هذا السؤال!
قلت له يا ولدي سوف أجيبك عن سؤالك هذا، ولكن هذا السؤال قد سبق لي وأنا صغير أن سألت العم والجد الكبير محمد الداود المرزوق، رحمه الله، الذي كان نوخذة ولديه إلمام كبير بعلم الفلك، فقد كنت في مثل سنك صغيرا في العمر أسمع الرجال الكبار في السن الذين لهم علم ودراية في علم البحر وكذلك في أمور الفلك يقولون اليوم النهار باق (سرق) من الليل كذا دقيقة، أو يقولون العكس الليل باق (سرق) من النهار كذا دقيقة.
ولكن دعني اسألك أولا: هل درست في المدرسة في دروس الجغرافيا عن دوران الأرض حول نفسها وحول الشمس؟ فأجابني الولد «أي يوبا درسنا في السنة الماضية»، قلت له: إن ما سوف أقوله لك الآن هو تذكير لك لما سمعته من أستاذ الجغرافيا ودرسته في المدرسة في السنة الماضية، فكون الليل يبوق (يسرق) من النهار أو العكس فهي كلمة مجازية تعني أخذ الشيء وما هي إلا عملية فلكية نتيجة لظاهرة حدوث الليل والنهار التي تنتج عن دوران الكرة الأرضية حول نفسها أو أثناء دورانها حول الشمس، فالكرة الأرضية تدور حول محورها الوهمي أو حول نفسها مرة واحدة في اليوم وتكون حركتها من الغرب إلى الشرق، أي أننا نرى الشمس تشرق من الشرق وتغرب في الغرب وتستغرق هذه الدورة الكاملة مدة زمنية تبلغ ما مقداره (23 ساعة و56 دقيقة و49 ثانية) أي أنها تقل بمدة زمنية تبلغ (3.11) دقائق عن طول اليوم المعروف والذي هو (24) ساعة، ولكن لضبط العملية الحسابية فيتم تجاوزها على اعتبار أن مدة طول اليوم هي 24 ساعة كاملة لا تنقص دقيقة واحدة.
أما عن كيفية الاختلاف في طول الليل والنهار يوميا فهذا يحدث نتيجة ميل وانحراف محور الأرض.
فالمحور الوهمي الذي تدور حوله الكرة الأرضية قد تم احتساب ميلانه بمقدار يبلغ أقصى حده حوالي 23.5 درجة عندما تتعامد الشمس على مدار السرطان ويكون ذلك في يوم 21 ديسمبر من كل عام، أو عندما تتعامد على مدار الجدي ويكون ذلك في يوم 22 يونيو، كما تتعامد مرتين على خط الاستواء في يوم 21 مارس وكذلك في يوم 21 سبتمبر.
وحركة الأرض حول المحور كما هو معروف - وقد درسناه في المدرسة منذ الصغر - تكون من شقين:
1- حركة الأرض حول محورها وتنتج عنه الليل والنهار.
2- حركة المحور حول الشمس وتنتج عنه تعاقب فصول السنة.
هذا الانحراف كان السبب في اختلاف الفترة الزمنية بين شروق الشمس وغروبها على خطوط العرض الوهمية التي وضعت للكرة الأرضية والتي يتم بموجبها تحديد المواقع المطلوب تحديد أماكنها.
وتجدر الإشارة هنا إلى ازدياد طول النهار أو الليل، فكلما توجهنا من خط الاستواء والذي هو خط منتصف الكرة الأرضية إلى الشمال نحو القطب الشمالي أو الى الجنوب نحو القطب الجنوبي فإننا نجد طول النهار في أحد القطبين يبلغ 6 شهور وفي نفس الوقت يكون طول الليل في القطب الثاني هو الآخر 6 شهور أيضا.
ولولا هذا الفرق وثبات المحور عن ميوله لكان وقت شروق الشمس وغروبها ثابتا لا يتغير ولكان طول النهار 12 ساعة والليل كذلك.
ودعني أبدأ من يوم يكون قريبا جدا لنا ولنأخذ يوم 22 ديسمبر الماضي وهو اليوم الذي يكون فيه النهار في غاية القصر والليل في غاية الطول.
ولكي أوضح الأمر بصورة جيدة، دعنا نأخذ مدينة الكويت مثالا لشرحنا هذا وتوضيح هذا الأمر وبيانه.
فأقول لننظر في التقاويم وبالتحديد في مواقيت شروق الشمس وغروبها في مدينة الكويت خلال هذه الفترة ولنسجل مواقيت شروق الشمس وغروبها في الأيام الماضية ولمدة أسبوع كامل.
اليوم الأول 22/ 12/ 2017 وهو اليوم الذي سوف نعتبره يوم الأساس الذي نبدأ به الشرح: الشروق الساعة 6:38:34 صباحا والغروب الساعة 4:54:35 مساء.
اليوم الثاني 23/ 12/ 2017: الشروق الساعة 6:39:03 صباحا الفرق زيادة مقدارها 29 ثانية في الصباح عن اليوم السابق والغروب الساعة 4:55:07 مساء الفرق زيادة مقدارها 32 ثانية في المساء عن اليوم السابق والزيادة الإجمالية في طول اليوم تبلغ 61 ثانية أي أن اليوم زاد عن اليوم السابق دقيقة واحدة وثانية واحدة.
اليوم الثالث 24/ 12/ 2017: الشروق الساعة 6:39:30 صباحا الفرق زيادة مقدارها 27 ثانية في الصباح عن اليوم السابق والغروب الساعة 4:55:40 مساء الفرق زيادة مقدارها 33 ثانية في المساء عن اليوم السابق والزيادة الإجمالية في طول اليوم تبلغ 60 ثانية أي أن اليوم زاد على اليوم السابق دقيقة واحدة فقط.
اليوم الرابع 25/ 12/ 2017: الشروق الساعة 6:39:56 صباحا الفرق زيادة مقدارها 26 ثانية في الصباح عن اليوم السابق، والغروب الساعة 4:56:14 مساء الفرق زيادة مقدارها 34 ثانية في المساء عن اليوم السابق والزيادة الإجمالية في طول اليوم تبلغ 60 ثانية أي أن اليوم زاد على اليوم السابق دقيقة واحدة فقط.
اليوم الخامس 26/ 12/ 2017: الشروق الساعة 6:40:21 صباحا الفرق زيادة مقدارها 25 ثانية في الصباح عن اليوم السابق، والغروب الساعة 4:56:49 مساء الفرق زيادة مقدارها 35 ثانية في المساء عن اليوم السابق والزيادة الإجمالية في طول اليوم تبلغ 60 ثانية أي أن اليوم زاد على اليوم السابق دقيقة واحدة فقط.
اليوم السادس 27/ 12/ 2017: الشروق الساعة 6:40:44 صباحا الفرق زيادة مقدارها 23 ثانية في الصباح عن اليوم السابق، والغروب الساعة 4:57:25 مساء الفرق زيادة مقدارها 36 ثانية في المساء عن اليوم السابق، والزيادة الإجمالية في طول اليوم تبلغ 59 ثانية أي أن اليوم زاد على اليوم السابق أقل من دقيقة واحدة بثانية واحدة.
اليوم السابع 28 /12/ 2017: الشروق الساعة 6:41:06 صباحا الفرق زيادة مقدارها 22 ثانية في الصباح عن اليوم السابق، والغروب الساعة 4:58:03 مساء الفرق زيادة مقدارها 38 ثانية في المساء عن اليوم السابق، والزيادة الإجمالية في طول اليوم تبلغ 60 ثانية أي أن اليوم زاد على اليوم السابق دقيقة واحدة فقط.
من هذا المثال الذي ينطبق على مدينة الكويت فقط، نجد انه في الفترة الحالية النهار يبوق (يسرق) من الليل ما مقداره تقريبا دقيقة واحدة في اليوم ويستمر هذا الوضع حتى يوم 21 يونيو من كل عام، حيث يحدث العكس فيبدأ الليل يبوق (يسرق) من النهار ما مقداره أيضا دقيقة واحدة تقريبا في اليوم حتى يوم 22 ديسمبر من كل عام.
إذن من هذه الدراسة البسيطة نجد أن هناك دقيقة واحدة زيادة في اليوم عن اليوم السابق.
فدعنا نحسب هذه المدة الزمنية التي هي مجال شرحنا والتي أخذها النهار من الليل من يوم 22 /12/ 2017 حتى بداية أول يوم من أيام السنة الميلادية الجديدة والتي تبلغ 11 يوما نجد أن المدة هي 11 دقيقة وهي المدة التي طال فيها النهار.
ولكن ما المدة التي يطول فيها النهار حتى يبلغ أقصى طولا له في يوم 21 يونيو وبعد الحساب الى يوم 22 ديسمبر الذي يبلغ به الليل غاية طوله نجد أنها مدة زمنية تبلغ 184 يوما أي المدة هي 184 دقيقة وفي معدل ينقص دقيقة واحدة في اليوم نجد أن 184 دقيقة هي في الواقع تمثل (3.04) ثلاث ساعات واربع دقائق حيث نجد أن الشمس تشرق وتغرب في يوم 22 /6 حسب المواقيت التالية:
الشروق الساعة 4.49.12 صباحا والغروب الساعة 6.50.39 مساء أي أن طول النهار في يوم 22 يونيو يبلغ مدة زمنية مقدارها (14.01.27) أربع عشرة ساعة ودقيقة واحدة وسبعة وعشرون ثانية تقريبا.
وأما يوم 22 ديسمبر فإن الشروق يكون في الساعة 6.38.49 صباحا والغروب 4.56.51 مساء أي أن طول النهار في هذا اليوم تبلغ مدته الزمنية (10.18.02) عشر ساعات وثماني عشرة دقيقة وثانيتين.
إذن الفرق بين طول اليومين يبلغ (3.43.25) ثلاث ساعات وثلاثة وأربعين دقيقة وخمسة وعشرين ثانية
ومن هنا نقول إنه خلال الفترة من يوم 22 يونيو الى يوم 22 ديسمبر هنا في الكويت نقول إن الليل يطول والنهار يقصر ومن الفترة من يوم 22 ديسمبر الى 22 يونيو فالعكس يحدث النهار يطول والليل يقصر.
وان اليوم يطول أو يقصر بمدة زمنية تبلغ دقيقة واحدة تقريبا ويمكن تجاوزا أن نقول نصف دقيقة من الصباح ونصف دقيقة أخرى من المساء.
والان هل عرفت يا ولدي حفظك الله كيف أن الليل يبوق (يسرق) من النهار أو العكس؟