حددت المادة الخمسون من الدستور الكويتي السلطات المنوطة بدور السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، لضمان عدم تعدي أي سلطة على الأخرى. وهذا موجود في جميع الدساتير. ومبادرات السلطة التشريعية في السنوات الماضية كان اليوم بشكل خاص يعبر عن العلاقة بين السلطات التشريعية والتنفيذية.. وكانت جميع المبادرات تدور حول مدى استقلالية السلطات وعدم اعتداء أي سلطة على الأخرى، ولم يسبق أن حصل اعتداء بين السلطات الثلاث على مدى الستين عاما الماضية.
ورغم الظروف التي مرت بها الكويت بالإضافة إلى الظروف السياسية في المنطقة، وصلنا إلى يوم 30 أكتوبر حيث تمكنت السلطة التشريعية من السيطرة الكاملة على آخر فرصة باقية لاستقلاليتها، وهو ما كنا نفخر به، ولكن في الظروف السياسية والاجتماعية الحالية استكملت السلطة التشريعية هجمتها على جميع السلطات، وذلك فيما يتعلق بنقل قرار السلطة القضائية عن محكمة التمييز التي حكمت على السلطة التشريعية ومنعتها من عدم الاعتداء على السلطة القضائية فيما يتعلق ببعض النواب الذين تعدوا حدودهم ونقضوا حكم السلطة القضائية على النواب الذين اعتدوا على مجلس الأمة، أي أنهم ألغوا السلطة القضائية، وبذلك أصبحت السلطة التشريعية هي السلطة الحاكمة في الكويت وتعدت على السلطة القضائية التي كانت مستقلة حتى هذا اليوم.
نحن الآن أصبحنا أمام سلطة واحدة في البلد هي السلطة التشريعية فقط، لأن النواب قد تعدوا على سلطة صاحب السمو الأمير، وتعدوا على احترام مجلس الأمة ودخلوه عنوة وعبثوا بجميع ممتلكاته وأهانوا المجلس واستقلاليته وأصبحت القضية قانونية. كان من الواجب أن ترد السلطة القضائية على هذه الإهانة، والتدخل حسب الدستور ضد الذين اعتادوا الاعتداء على الدستور في جميع المناسبات، وأصبحت السلطة الوحيدة مخالفة للدستور الذي أوجد مجلس الأمة والذي يمثل السلطة التشريعية.
هذا في نظري مكمن الخطيئة، لأن مثل هذه الخطيئة يجب ألا تغتفر، لأن عدم وجود أي وسيلة تحترم بين السلطتين التنفيذية والتشريعية بالكويت يعتبر مخالفة دستورية كاملة دون النظر إلى أي اعتبار.
وهنا يجب أن نقف طويلا لنذكر الشباب لإعادة كل سلطة لحقوقها ورفض هذا القرار الجائر الذي استغله أعضاء مجلس الأمة والتذكير بسبل جديدة لحماية الدستور من الاعتداء عليه من السلطات، وهذا في نظري لا يأتي إلا بقرار من صاحب السمو الذي يعتبر الفيصل بين جميع السلطات وتحقيق العدالة الاجتماعية والسياسية. ويجب ألا نغفل عن العبث في الدستور بكل قرار مستقبلي ومصيري يجب الوصول إليه حتى تستقر حياة الديموقراطية في الكويت.
وبدون ذلك لن تستمر الحياة الديموقراطية في الكويت، فهل يا ترى نسمع هذا الكلام ونسير عليه، بالتوازن الذي عشنا عليه طيلة 60 عاما منذ إقرار الدستور الذي فصل بين جميع السلطات.