لم أستعجل التعليق مباشرة على كلمة صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، بل تركت لنفسي الوقت حتى أتمعن في أبعادها ومراميها، وفي ذات الوقت مراقبة أدائنا كمواطنين ومسؤولين لأعرف إن كان البعض منا قال «سمعا وطاعة» بدافع من ضميره الوطني الذي خاطبه مباشرة صاحب السمو، وقالها البعض الآخر لرفع العتب ومن باب «تسجيل الموقف» ليمضي بعدها في نكث كل ما أوصانا به سموه من ممارسات وسلوكيات وتصرفات لصون الديموقراطية والحفاظ على الوحدة الوطنية، وتعزيز حرية الرأي والتعبير التي كفلها الدستور، وأتت جلسة مجلس الأمة الأخيرة لتكشف كم أن المسافة شاسعة بين مقاصد صاحب السمو وأولئك المصرين على الخروج عن الضوابط الأخلاقية والممارسات الديموقراطية لدفع ولي الأمر إلى اتخاذ القرار الصعب الذي طالما تمنى ـ ولايزال ـ ألا يتخذه، إلا أن الدفاع عن مكاسب المواطنين وحقهم بالاستقرار والتنمية في الحاضر والمستقبل حتى نوصل الأمانة للأجيال القادمة كما أوصلها لنا الآباء والأجداد، وطنا نتباهى بالانتماء إليه وننعم بما أغدق به علينا من خيرات مادية ومعنوية ووفر لنا كرامة العيش الآمن المطمئن على يومنا وغدنا قد يدفعه إلى ذلك لأن مصلحة الكويت فوق كل مصلحة.
فسمو الأمير حدد في خطابه السامي مكامن الخطر على التجربة الديموقراطية فذلك لأن سموه يعرف أن ما يجري تحت قبة البرلمان من تشنج في الخطاب وإصرار على تأزيم العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية هو الباب الذي قد تأتينا منه الرياح العاصفة التي قد تؤدي إلى اللجوء إلى ما يعيد الأمور إلى نصابها.
وسمو الأمير حين يؤكد الحفاظ على الدستور والالتزام بأحكامه والعمل وفق نصوصه وروحه، فإن سموه يدعو الجميع إلى التمسك بهذا العهد الذي توافق عليه الكويتيون حكاما ومواطنين منذ فجر الاستقلال ليكون المرشد والدليل الذي يحدد الحقوق والواجبات، وتجارب السنوات الأخيرة كشفت أولئك الذي يخرقون كل القوانين ويتجاوزون كل مبادئ الدستور عندما يتعلق الأمر بمصالحهم الخاصة، وعلينا ألا نصدقهم عندما يزايدون على الآخرين وينصبون أنفسهم مدافعين عن الدستور.
وسمو الأمير عندما يحذر من المس بالوحدة الوطنية ويدعو إلى العمل على تمتين النسيج الوطني بين كل مكونات المجتمع الكويتي، فإنه يدعو أولئك الذي يستغلون المنابر والمنتديات ووسائل الإعلام لتجاوز حرية الرأي والتعبير، حتى أصبح التهديد والوعيد والتشكيك وإثارة النعرات وتبادل الاتهامات لغة التخاطب المتبادلة وهذه اللغة علمنا التاريخ والتجارب القريبة والبعيدة أنها بداية النهاية لأسس الوحدة الوطنية لأي شعب وأمة، وبداية الانفكاك والتحلل.
لذلك نحن اليوم وغدا وكل يوم بحاجة للاستماع إلى كلمة صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد للتمعن في كل عبارة وردت فيها، وبذل الجهد للالتزام بمضمونها لتكون دليلنا للمستقبل ونحن نعمل على صيانة وحدتنا الوطنية حتى نبلغ في ظل قيادته الرشيدة شاطئ الأمان.
[email protected]