عندما تقضي إجازة صيفية طويلة وخصوصا في بلد مثل فرنسا فيجب عليك ان تتوقع كل ما هو غير متوقع خصوصا إذا كان الأمر يتعلق بإصلاح الأجهزة الإلكترونية، حيث ان معظم الأجهزة أو (99%) قطع غيارها لا يتوافر في محلات الإصلاح ويتطلب فترة زمنية طويلة لا تقل عن أسبوع أو عشرة أيام إذا كنت محظوظا حتى يتم توفير هذه القطعة لك أو يقال لك الغ هذه الآلة واشتر آلة جديدة، لأننا لا نصلح ولا تتوافر حاليا قطع الغيار عندنا حتى لا يدفع ضريبة وجود قطعة الغيار عنده في المخزن وتحسب من الموجودات التي يتطلب دفع ضريبة عليها.
وهذا ما حصل لي عندما تعطل جهاز الكمبيوتر عندي في المنزل والمصلح لم يحضر لتصليح الجهاز منذ فترة، حيث كان من المفروض ان أرسل قبل مدة بعض المعلومات لأحداث فلكية إلى الجريدة لكي يتم نشرها ولكن شاءت الأقدار ان يتعطل الجهاز وكذلك يتعطل الإنترنت ولكن البركة في الأولاد استطاعوا ان يجعلوه يعمل بنصف طاقته وحسب المثل الكويتي الذي يقول «رمية أعمى صادت أرنب» وقبلت بهذا الوضع (التجدي ولا العمى)، حيث لايزال الإنترنت الله لا يوريكم بلوته يتطلب نصف ساعة حتى يتجاوب الجهاز مع الإنترنت، حيث تظهر بعد فترة عبارة (The program not respond).
كنت أود ان أرسل هذه المعلومات الفلكية قبل فترة من الآن ولكن ما باليد حيلة، وكنت أحب أن أذكر انه في يوم الثلاثاء (أول من أمس) الموافق 10/9/2019 كان الكوكب نبتون في السماء مقابل الشمس مباشرة والكوكب نبتون كان في أقرب نقطة إلى الأرض في هذا العام، فقد كان أكثر إشراقا وأكبر حجما ويمكن رؤيته بوضوح وبالعين المجردة طوال الليل. حيث يقع هذا الكوكب ذو اللون الأزرق والخافت الضوء بين المجموعة النجمية أو (الكوكبة) التي تسمى (الدلو الشرقي) والتي تكون إلى يمين الشخص الناظر أو ناحية الغرب السماوي.
وكذلك كنت أود أن أرسل بعض المعلومات الفلكية عن زخات الشهب التي تتعرض لها الأرض خلال فترة سنة كاملة، وكيفية تكون هذه الشهب ونزولها على شكل زخات تشابه زخات المطر في السماء.
فمن المعروف أن الأرض من خلال دورانها حول نفسها وكذلك دورانها حول الشمس تمر بأوقات زمنية محددة على تجمعات كبيرة جدا من ذرات غبار تخلفت من العديد بل الآلاف المؤلفة من المذنبات. فهذه المذنبات من خلال سيرها في الفضاء تترك وراءها كميات هائلة من الفضلات والبقايا التي هي على شكل غبار وكرات صخرية وذرات غبار في الفضاء، فتبقى هذه الفضلات في مدارات والطرق التي تسلكها المذنبات في خط سيرها في الفضاء.
فعندما تمر الأرض في رحلتها السنوية حول الشمس على هذه المسارات أو حتى تكون قريبة منها فإن نسبة كبيرة من هذه المخلفات أو ذرات غبار المذنبات تدخل أو تصطدم بالغلاف الجوي الغازي للكرة الأرضية، وبسبب جاذبية الأرض فإن هذه الفضلات أو ذرات الغبار تندفع نحو الأرض بسرعة عالية جدا، حيث يصل متوسط سرعتها الى نحو 240 ألف كم/ساعة فتحترق هذه الذرات او المخلفات مكونة شهبا ساطعة.
وتتكون هذه الشهب نتيجة الى 3 عوامل رئيسية هي:
1- احتكاك هذه الفضلات (غبار الفضاء) بالغلاف الجوي في الأرض.
2- وجود الجاذبية الأرضية التي تجذب الفضلات (غبار الفضاء) الى سطح الأرض.
3- وسرعتها الهائلة والكبيرة جدا التي تسير فيها هذه الفضلات في الغلاف الجوي.
هذه العوامل تسبب الحرارة العالية جدا مما يؤدي الى احتراقها ولذلك فإن هذه الفضلات التي خلفتها المذنبات العديدة وبسبب احتراقها نتيجة العوامل السابقة تكون على شكل كرات نارية في السماء أثناء دخولها السريع في الغلاف الجوي للكرة الأرضية مكونة فيما يعرف بالشهب أو زخات الشهب Meteor Shower)). وسميت زخات نسبة الى زخات المطر وفترات زخات الشهب هي من الفترات الثابتة ومعروفة تواريخها ولكن تختلف نسبة كثافتها وكذلك نسبة لمعانها من سنة الى أخرى.
وتسمى كل زخة شهاب باسم المجموعة النجمية أو (الكوكبة) التي تظهر من جهتها في السماء. فهناك على سبيل المثال تعتبر زخة شهب المجموعة النجمية أو (كوكبة) برشاوس أو حامل رأس الغول واسم هذه الكوكبة في اللغة الانجليزية (Perseides) هي من أكثف الزخات وأنشطها في السنة ولكن يزداد نشاطها عندما تمر الكرة الأرضية في مجال أو مسار في يوم 11-12/8 من كل سنة كوكبة حامل رأس الغول، حيث يمكن مشاهدته بمتوسط ما يعادل 50 شهابا في الساعة الواحدة.
فزخات الشهب هذه يعتقد من يتطلع إليها وكأنها قادمة من نقطة واحدة محددة في السماء ولكن تتباعد هذه الشهب كلما اقتربت من الأرض ولكن في واقع الحال هي لم تكن قريبة من بعضها بل انها متباعدة ومتناثرة في الفضاء ولا يعدو الأمر كونه نوعا من أنواع خداع البصر، حيث ان الإنسان عندما ينظر الى مسافات بعيدة جدا يرى الأشياء البعيدة وكأنها تلتقي في نقطة معينة، حيث درسنا في المدرسة قديما ان الخطين المتوازيين لا يلتقيان ولكنهما يلتقيان فيما لا نهاية ومثال على ذلك عندما تنظر الى خط السكك الحديدية تجد قضيبي السكة الحديدية وكأنهما في نظرك التقيا في نقطة معينة بعد مسافة طويلة وهذا بالفعل ما يحدث عندما يتم النظر لهذه الشهب وكأنها قادمة من نقطة معينة في السماء.