إن اللغة السائدة في مجتمع ما هي التي تحدد هويته وثقافته، ولغتنا العربية تجمع أمة تمتد من المحيط إلى الخليج، وتمتاز بكثير من المميزات التي تجعلها تفوق العديد من اللغات، مثل كثرة مرادفاتها واشتقاقاتها وغنى دلالاتها، فهي تستطيع استيعاب الكثير من المعاني، وتمتلك أساليب متعددة يمكنها إيصال المعنى بألفاظ قليلة.
ورغم الثراء اللغوي للغتنا العربية وغزارة معانيها ودلالاتها، إلا أن هذا لم يشفع لها في وقتنا الراهن في أن يهجر استخدامها البعض من أبنائها ويستعيض عنها ببعض اللغات الأجنبية، والخطير في الأمر ان هذا اصبح نهجا وسلوكا لدى البعض في العديد من المواقف.
لو كان الأمر مقتصرا على بعض التخصصات العلمية لكان مقبولا، ولكن «غزو» اللغات الأجنبية وبخاصة اللغة الانجليزية لمجتمعاتنا العربية حتى أصبحت نمطا سلوكيا اعتياديا يجعلنا نحس بالخطورة على لغتنا العربية وعلى هوية مجتمعاتنا العربية الثقافية.
ان الاستعاضة باللغة الانجليزية بديلا عن لغتنا العربية كلغة تواصل بين الآباء والأمهات ليس في المنازل فقط بل في الأسواق والمجمعات التجارية، وكذلك تواصل البعض منا في الكثير من المواقف الحياتية، وتحول هذه اللغة البديلة لتكون أسلوب حياة هو في حد ذاته تهديد كبير لهويتنا الثقافية والاجتماعية وتغيير يجب علينا التعامل معه وفهم ماهيته وملابساته.
إن تحول هذا الأمر إلى ظاهرة يفرض علينا جدية التعامل مع هذه الظاهرة ودراستها خاصة من علماء الاجتماع وعلماء اللغة لمعرفة أسبابها ووضع الحلول لكيفية التعامل معها، فالأمر ليس استخدام شرائح من المجتمع للغة الإنجليزية كوسيلة اتصال مع أبنائهم والمحيطين بهم، بل موضوع المحافظة على النسيج المجتمعي والهوية الثقافية لنا بما تحمل من قيم تراكمت عبر العديد من القرون وباتت ضرورية للفرد والمجتمع، ووضعت حضارتنا العربية والإسلامية على المحك.
[email protected]