عزيزي القارئ، بدأت بعض الأخبار السارة ترد إلينا من وكالات الأنباء العالمية خلال اليومين الماضيين تعطي بصيصا من الأمل لوجود ضوء بسيط في نفق الكرونا المظلم، حيث أشارت هذه الأخبار الى وجود دواء تمت تجربته سريريا وأعطى نتائج أعلى من الجيدة وهو مزيج من دواء مستخدم لعلاج الملاريا والمضاد الحيوي الشهير «تترومايسين»، وعندما سمعت كلمة «تترومايسين» تذكرت المسرحية الكوميدية السورية «كاسك يا وطن» والتي مثلها الممثل السوري دريد لحام والذي كان يطالب بدواء «تترومايسين» لعلاج الأوضاع في الوطن العربي، فتذكرت الآن هذه المسرحية التي عرضت قبل 41 عاما وبالتحديد في عام 1979 وطالبت هذه المسرحية بدواء «تترومايسين» لعلاج الوطن العربي، فاضطررت إلى أن أشير الى هذه المسرحية من باب المزح وتخفيف الضغط عن الحالة التي نمر بها.
ونعود إلى الوضع الذي نعيش فيه الآن ونقول لأنفسنا وللجميع انه من الضروري جدا المحافظة على سلامة أنفسنا وسلامة أهلنا وكذلك سلامة هذا الوطن المعطاء الذي لم يقصر معنا نحن أهل الديرة، وكذلك لم يقصر مع كل وافد جاء إلى هذه الأرض الطيبة طالبا الرزق الحلال والحياة الكريمة والسعيدة، ولذلك علينا جميعا واجب الحفاظ على هذا الوطن والالتزام بكل التعاليم التي تصدرها الدولة، فالمكوث في البيت وان كان مزعجا للبعض فهو ضرورة ملحة حتى لا تكون سببا في الإصابة وانتقال العدوى إليك ومن ثم تنتقل العدوى إلى أهل بيتك وقرابتك وكل الفريج الذي تسكن، حيث قطعا سوف «تطشر» بيتكم وفريجكم وكل المنطقة كما حدث من بعض الأشخاص الذين نشروا العدوى لبعض الأشخاص، ولذلك نرجو منكم المكوث في البيت إلى أن تنتهي هذه المحنة التي نسأل الله أن يرفعها عنا وعن كل العالم عاجلا غير آجل.
ولذلك عزيزي القارئ ابق في البيت هذه الأيام علشان أهلك وديرتك.
ولكن دعني عزيزي القارئ هنا أن أبعدك قليلا عن أخبار هذا الفيروس الذي أخافنا وأزعجنا كثيرا وأنقلك إلى موضوع آخر يختلف كليا عن موضوع الـ «كورونا» الكريه، فرأيت أن أتكلم هنا عن بعض الأمور الفلكية قليلا مبتعدا عن هذا الوباء وانتشاره في العالم وأجعلك تنساه ولعدة دقائق، خصوصا ونحن نستعد لدخول شهر رمضان المبارك الذي تبعدنا عنه أيام قليلة جدا لا تزيد على 15 يوما فقط، حيث أن بداية شهر رمضان ستكون في يوم الجمعة الموافق 24 الجاري، وهو أول يوم في هذا الشهر الفضيل والذي كما يبدو أنه سنكون جميعا محتجزين في البيوت طوال هذه الفترة.
ولذلك رأيت أن أغير الجو الذي نحن فيه هذه الأيام محاولا إبعادك بعض الشيء وبقدر الإمكان عن أخبار هذا الفيروس اللعين والتي ألسنة الناس جميعها تردد «كورونا يا طلابت كورونا».
دعنا هنا نتكلم عن بعض الأمور الفلكية التي ستحدث في سماء المنطقة قبل دخول شهر رمضان المبارك وبعده أيضا، حيث سنلاحظ بعض الأمور الفلكية التي ستحدث في الأيام المقبلة:
1 ـ القمر يقترن بكوكب زحل قبيل الفجر
هذه الظاهرة الفلكية ستحدث في فجر يوم الثلاثاء 14 الجاري، وخلال الساعات الأربع التي تسبق شروق الشمس ولمدة أربعة أيام، وبدءا من هذا التاريخ سنشاهد القمر في موقعا يكون بالقرب من ثلاثة كواكب ساطعة وهذه الكواكب هي المشتري وزحل والمريخ. في صباح هذا اليوم سترى القمر وكأنه على بعد عرض كف اليد الكبيرة أو العريضة وإلى اليمين من هذه الكواكب وتحديدا على بعد 7 درجات من كوكب المشتري الذي سيكون لونه أبيض ساطعا، بالإضافة إلى كوكب زحل الذي يميل لونه إلى الاصفرار وكوكب المريخ الذي يعرف باسم الكوكب الأحمر وهو في لون محمر وموقع هذا الكوكب (المريخ) إلى يسار الكوكبين الآخرين المشتري وزحل. هذا المنظر من وجود القمر في السماء وعلى يساره المريخ ثم يليه زحل ثم المشتري خلال فترة الساعات القليلة التي تسبق شروق الشمس سيجعل الناظر إلى هذه الكواكب الثلاثة مع القمر كأنه ينظر إلى صورة لوحة من المناظر الطبيعية المثيرة للاهتمام بمنظرها الطبيعي الخلاب يجعله ومن دون شك يقول «سبحان من رسمها».
2 ـ ذروة ظهور المذنب أطلس ليلا في الجزء الشمالي من السماء
ولكن بعد أن ينتهي هذا المنظر الخلاب فإنه في خلال فترة الأيام القادمة والتي تبدأ من يوم الخميس الموافق 16 الجاري وحتى يوم الثلاثاء الموافق 28 منه، ستظهر في السماء واضحة في الليل شهب نيزك «ليريدز» Lyrids، وهذه الشهب ستبدو للناظر وكأنها زخات مطر نارية تتساقط على كوكب الأرض فهذه الشهب جاءت من المذنب المعروف باسم C/1861 G1 (تاتشر)، وتصل زخات الشهب ذروة كميتها في يوم الأربعاء الموافق 22 الجاري وتقريبا في حوالي الساعة 9 مساء حسب توقيت الكويت المحلي، ومن المتوقع أن يصل عدد هذه الشهب إلى 18 كرة نارية كبيرة في الساعة وهذه الشهب أو الكرات النارية تجعلك تشعر وأنت تنظر إليها وكأنك تنظر إلى وجود قمر جديد قد تكون في السماء.
ولكن أفضل وقت لمشاهدة هذه الشهب المتساقطة سيكون بين منتصف الليل والساعة 4:30 من فجر يوم الأربعاء، كما سنلاحظ انخفاض عدد الشهب المتساقطة في الفجر تدريجيا وتختفي هذه الشهب بعد شروق الشمس، وهذه الشهب ستأتي متتالية ككرات متوهجة بالنار وقادمة من بعيد جدا في السماء، وكأن مصدرها النجم الساطع في السماء «النجم فيغا» Vega، هذه الزخات من الشهب ستكون عالية في السماء شديدة الاندفاع والسرعة.
ولكن من المتعارف عليه عند علماء الفلك انه لا يمكن التنبؤ بموعد ظهور المذنبات في السماء ولكن في ليلة يوم السبت الموافق 18 الجاري فإن هناك أعدادا كبيرة من علماء الفلك تتوقع ظهور المذنب المسمى أطلس c/2019 Y4 (ATLAS) في السماء وإذا كان هذا التوقع صحيحا فإن هذا المذنب سوف يمكن رؤيته من خلال التلسكوبات أو المناظير المقربة فقط ولا يمكن رؤيته بالعين المجردة خلال الأيام القادمة من الشهر الجاري، ويمكن مشاهدة هذا الحدث الفلكي في الليالي الظلماء وغير المقمرة أي التي لا يكون فيها القمر بدرا ولا يكون ظاهرا في السماء فإنه يمكن للناظر إلى السماء رؤية هذا المذنب في منطقة سماوية داخل المثلث الكبير والذي يتكون من النجم الساطع العيوق والنجم القطبي أو نجم الشمال ونجوم بنات النعش، ولكن هذا المذنب يمكن رؤيته بالعين المجردة وبدون استخدام التلسكوبات أو المناظير في أواخر شهر أبريل أو في شهر مايو مشرقا وبراقا بما يسمح برؤيته بالعين المجردة. ولكن بعد فجر يوم الأربعاء ستقل وتتناقص كمية الشهب المتساقطة على الأرض وتقل تدريجيا حتى تختفي عن الأنظار في شهر مايو بسبب تغير موقعها في السماء.
3 ـ قمة سطوع وضياء كوكب الزهرة في المساء
في يوم الاثنين 28 الجاري سنشاهد كوكب الزهرة في المساء وقد ازداد ضياؤه الذي يعطي أكبر قدر من إضاءة كوكب الزهرة في مساء هذا اليوم، ونراه في لمعان وإضاءة قوية في السماء كأكبر لمعان لكوكب الزهرة لم يحصل منذ فترة طويلة من الزمن. وتوصف حالة الإضاءة هذه وفق المصطلحات الفنية أو العلمية أو المصطلح الفلكي الخاص بها هو مصطلح المزيج الأمثل من حجم القرص الظاهر للكوكب في مرحلته المضيئة. في ذلك المساء، وسيشرق كوكب الزهرة بقوة إضاءة مذهلة بنسبة 75.5% من إضاءة الشمس وسوف تبدو إضاءة أكثر بنسبة 27% أو 4.73 من إضاءته الاعتيادية، وسيكون كوكبا واضحا يمكن رؤيته من أي منظار عادي (دربيل) أو تلسكوب أو حتى بالعين المجردة فسيبدو كوكب الزهرة للمشاهدين مثل جوهرة تتلألأ في الفضاء.
تجدر الإشارة هنا بشأن كوكب الزهرة وحركته السريعة في مداره الأصغر حول الشمس ومن خلال المراقبة الفلكية لهذا الكوكب خلال الفترة المقبلة فإن حجمه الظاهري سيكبر نظرا لاقترابه من الأرض، ولكن سوف تتضاءل إضاءته وكذلك حجم قرصه شيئا فشيئا حتى يصبح في النهاية مثل الهلال وذلك عند رصده من خلال التلسكوبات فقط في نهاية شهر مايو المقبل.
وهناك معلومة بسيطة عن كوكب الزهرة والذي كان يعرف باسم نجمة الصباح عند شروقها في الصباح وكذلك لها اسم آخر هو نجمة المساء عند شروقها في المساء وقد اعتقد كل علماء الفلك القدماء ولفترة طويلة جدا من الزمن في أن نجمة الصباح ونجمة المساء هما نجمتان مختلفتان عن بعضهما البعض فأسموا النجمة الأولى باسم «فوسفوروس» والنجمة الثانية باسم «هسبروس» لكن العالم اليوناني فيثاغورس أدرك قبل 500 سنة من ميلاد السيد المسيح أن النجمتين هما عبارة عن كوكب واحد وهو كوكب الزهرة واحتمال تسميته بالنجم الذي عرف به بسبب سطوعه وقوة ضيائه وحركته السريعة نسبيا حول الشمس.
عادل يوسف المرزوق