يتساءل العديد من الأصدقاء عن وقت الفترة الزمنية التي ترتفع فيها درجات الحرارة في الكويت ومتى تتجاوز درجة الحرارة الخمسين مئوية؟ وهل الطقس الذي يضرب عادة الكويت في فترة الصيف الحارة وهذا الغبار القوي الذي يغطي الديرة كلها له تأثير في القضاء على فيروس كرونا المستجد (كوفيد -19)؟ فأخبرت هؤلاء الأصدقاء بأن لدي معلومات بسيطة جدا عن وضع المناخ في منطقة الخليج العربي وشبه الجزيرة العربية، ولكن بخصوص ارتباط المناخ أو بصورة أدق ارتفاع درجة الحرارة والقضاء على هذا الفيروس فلست طبيبا ولا أعرف هل الحرارة الشديدة تقضي على هذا الفيروس ام لا؟ هذا السؤال يجب أن يوجه الى طبيب مختص في الأمراض السارية أو المعدية وهو الشخص الذي يمكن أن يعطيك الإجابة الصحيحة.
ولكن أود أن أشير هنا إلى أننا بدأنا نلاحظ ارتفاع درجة حرارة الطقس وها نحن نتوسط فصل الربيع الذي من أهم مظاهر دخول فترة السبق أو سبق السرايات وأنه بداية من يوم غد الأربعاء الموافق 15/4/2020 ستدخل علينا فترة سبق السرايات التي تعتبر من الفترات المناخية التي تتكون فيها المنخفضات الجوية السريعة التشكل ذات الحركة السريعة المصحوبة برياح نشطة وأمطار رعدية وزخات من البرد مع انخفاض بسيط في درجات الحرارة نتيجة لعبور جبهات هوائية باردة مع تلك المنخفضات الجوية.
وموسم (السبق) معروف بتقلباته الجوية المشابهة لفترة السرايات التي تهب فيها الرياح القوية أحيانا ومتقلبة الاتجاه والسرعة وعادة ما يتغير الجو فجأة بين مغبر وصحو.
وتهب نتيجة ذلك رياح نشطة تكون عادة شمالية غربية بسبب سيطرة منخفض جوي تكون قوته بين (1004- 1008) مليبار وهذا المنخفض يسبب حالة من عدم الاستقرار عادة في هذه الفترة ويتمركز في وسط الجزيرة العربية ويؤدي الى حالة من التقلب في الرياح من شمالية غربية الى جنوبية شرقية بين خفيفة السرعة ونشطة، سرعتها بين 24كم و35كم/ساعة مع فرص لأمطار رعدية متفرقة وزخات من البرد (البردي) نتيجة عبور العديد من الجبهات الهوائية الباردة مع تلك المنخفضات الجوية في منطقة الكويت أو في منطقة شمال الخليج حيث تتشكل السحب بصورة مفاجئة وسريعة مصحوبة بتقلبات جوية تتسم بالعنف أحيانا وعادة تكون الظاهرة في المساء أو بعد الظهر مع ارتفاع ملحوظ في درجة الحرارة التي ستبلغ بين 37 و41 في ساعة الظهيرة خلال هذه الفترة.
ومن المعروف أن فترة (السبق) هي الفترة التي تسبق فترة السرايات المعروفة التي تبدأ في العادة في نهاية شهر (4) أبريل والتي ستكون بدايتها في هذه السنة يوم الثلاثاء الموافق 28/4/2020 وتستمر حتى نهاية شهر مايو المقبل حيث تدخل بعدها فترة البوارح، ومن المتوقع أن تكون درجات الحرارة في فترة (السبق) عادة في أوائل العشرينيات خلال النهار فيما تميل الحرارة إلى البرودة في الساعات الأخيرة من الليل. وتنخفض الصغرى إلى 15 مئوية في المتوسط العام ويكون الطقس غائما جزئيا كما تكون الرياح شمالية شرقية معتدلة السرعة غالبا. وتبقى الفرصة مهيأة لتساقط زخات خفيفة من المطر. وفترة «سبق السرايات» تكون عادة بعد فترة (بياع الخبل) عباته أو بعد فترة (برد العجوز) التي تنتهي في أول يوم من أبريل حيث تكون فترة سبق السرايات من منتصف أبريل حتى نهاية مايو، حيث يبدأ بعدها مباشرة موسم السرايات الذي يكون من أواخر أبريل حتى نهاية مايو.
فترة السرايات أو موسم الكنة
تبدأ فترة السرايات أو فترة الكنة يوم 28 أبريل من كل عام وتستمر مدة 39 يوما، وهذه الفترة تتزامن مع فترة الأنواء أو منازل القمر التي هي نوء الرشا الذي يبدأ 29 أبريل ونوء الشرطين الذي يبدأ 12 مايو ونوء البطين الذي يبدأ 24 مايو، ولو لاحظنا لوجدنا ان مدة كل نوء من هذه الأنواء 13 يوما فيكون المجموع 39 يوما.
وتبدأ عادة فترة السرايات في اليوم الذي تغيب فيه نجوم الثريا أو ما يسمى بالعنقود النجمي أو المسمى فلكيا (M45) الذي يتكون من سبعة نجوم تسمى الشقيقات السبع فترة تبلغ (40) يوما تقريبا تبدأ من يوم 28 أبريل حتى يوم 7 يونيو ويمكن رؤية هذا العنقود النجمي بالعين المجردة وتشاهد هذه النجوم كسحابة تتخللها سبعة نجوم براقة سميت بالثريا عند العرب، الثريا تخفيها حمرة شعاع الشمس، وتظل فترة نحو أربعين يوما لتظهر فجر 7 يونيو من الجهة الشرقية وتغيب في جهة الغرب مثل الشمس.
وعنقود نجوم الثريا هي من النجوم التي كان العرب قديما وفي الجاهلية الأولى يتباركون بظهور هذه النجوم المباركة والتي يعتقدون أنها نجوم تدل على الخير ولذلك تغنى بها شعراء العرب قديما، فمثلا يقول الشاعر البصري المبرد:
إذا ما الثريا في السماء تعرّضت
يراها حديد العين سبعة أنجم
على كبد الجرباء وهي كأنها
جبيرة در ركبت فوق معصم
كما أن كلمة الثريا تعني مجموعة من المصابيح الكهربائية مزينة بزجاج الكريستال وتعلق في سقف المنزل، وجمع كلمة الثريا (ثريات).
والسرايات مفردها (سراية) وهي عواصف هوائية شديدة السرعة تهب دائما في المساء من بعد صلاة العصر ولم يحدث أن ضربت السراية في الصباح أبدا وموسم السرايات يكون في فصل الربيع الذي يبدأ في 20 مارس وينتهي في 31 مايو وتكون السرايات في فترة الزوال من بعد صلاة الظهر وهي الفترة الزمنية التي تضرب فيها (السرايات)، حيث تتغير زاوية سقوط أشعة الشمس على الأرض وارتفاع درجة الحرارة وهما السببان الرئيسيان لحدوث عدم الاستقرار في الجو، كما أن ميلان المحور الوهمي للكرة الأرضية يسبب تغير موقع الكرة الأرضية في الفضاء بالنسبة للشمس مما ينجم عنه تغير في توزيع مناطق المنخفضات والمرتفعات الجوية المؤثرة على المنطقة والتي تتحرك باتجاه الشمال أو الى الجنوب.
وتتكون عواصف السرايات بسبب رياح ناشئة من وجود منخفض جوي واصطدام هذه الرياح أثناء مرورها برياح خارجة من مرتفع جوي فتخرج هذه الرياح من المرتفع بسرعه فائقة مكونة جبهة هوائية تؤدي الى حالة من عدم الاستقرار في الجو. وتتميز فترة السرايات بتكون الغيوم الركامية خلال فترة زمنية قصيرة بين نصف ساعة وساعة وتهطل بعدها الأمطار الرعدية الغزيرة جدا التي قد تسبب السيول خلال فترة قصيرة وتصاحبها رياح عنيفة متقلبة الاتجاه لا تستقر في اتجاه معين وهذه الرياح النشطة قد تستمر طوال الليل أو إلى مطلع اليوم التالي أي ان فترتها تكون أقل من 24 ساعة، وتتمثل خطورة عواصف السريات في سرعة الرياح والأمطار والغبار وهي تأتي بصوره مفاجئة فقد يكون الجو يوحي بحالة من الاستقرار وفجأة ودون سابق إنذار او بوادر واضحة ينقلب الجو بعاصفة هوجاء تدمر كل شيء أمامها بسبب قوة رياحها وشدة أمطارها. وسميت السرايات لأنها تسري أي تسير في الليل وتسمى عاصفة السرايات في الكويت والخليج (بضربة السراية). وبعد فترة السرايات تهدأ الرياح وترتفع درجة الحرارة بشكل ملحوظ حتى نهاية حتى الأسبوع الأول من شهر (6) يونيو عندما تدخل فترة البوارح التي يهب فيها الغبار المعلق خلال فترة النهار الذي يبدأ مع ارتفاع حرارة الجو التي تبدأ في الساعة (9) ثم يترسب هذا الغبار بعد الساعة (10) في الليل.
موسم الكنة
وكلمة الكنة عربية صحيحة تستخدم في اللهجة الكويتية القديمة وتستخدم في تخزين الشرع في المخزن ويقولون (كنة الشراع أو كنة الشرع جمع كلمة شراع) وتعني إدخال الشرع وحفظها في المخزن لإعادة استخدامها في الموسم البحري القادم، وفي اللغة العربية تعني الاستتار والغياب أو الاختفاء.
ويقصد بالكنة اختفاء الثريا لفترة تبلغ مدتها 40 يوما وتستمر حتى يوم 7 يونيو فلا يمكن مشاهدة هذه النجوم خلال هذه الفترة بسبب توهج أشعة الشمس، لذا فإن هذه الفترة تسمى أيضا (غيوب الثريا) وهي إحدى أشهر الفترات المناخية للمهتمين بالأجواء والمناخ. وموسم الكنة يعتبر فترة فاصلة بين بداية الحر وشدة الحر أو القيظ. وموسم الكنة يتسم أيضا بحدوث اضطرابات وعدم استقرار في حالة الجو وظهور غيوم السرايات التي تظهر في الفترات المسائية التي يمتد نشاطها إلى ما بعد منتصف الليل تقريبا في خلال الفترة التي تقع بين فصل الربيع ودخول فصل الصيف بسبب تواجد منخفضات جوية متعددة فوق الجزيرة العربية.
ولفترة الكنة سمات مناخية تحدث في النصف الأول من هذه الفترة وهي ارتفاع درجات الحرارة بشكل ملحوظ، فتكون الأجواء حارة، خصوصا خلال فترة النهار.