بقلم: بدر مشاري الحماد.. نائب رئيس جهاز المراقبين الماليين بالوكالة (سابقاً)
[email protected]
أطل علينا الشيخ ناصر صباح الأحمد نائب رئيس المجلس الأعلى للتخطيط في أواخر أيام شهر رمضان المبارك معايدا الشعب الكويتي في هذا الشهر، وداعيا الله بأن تتجاوز الكويت الأزمة الصحية التي تواجه الكويت والعالم.
وقد استذكر رؤية صاحب السمو الأمير، حفظه الله ورعاه، التي عكستها رؤية كويت 2035، ولعلنا نستذكر هنا أيضا خطاب سموه الأخير بمناسبة العشر الأواخر من رمضان والذي احتوى على مضامين ذات أهمية خاصة تلامس واقع الحال، وتمثلت في التوجيه الى تركيز جهود الدولة على بناء اقتصاد مستقر ومستدام أساسه الإنسان، ومراجعة منهج ونمط حياتنا اليومية وترشيد استغلال مواردنا وتقليل الاعتماد على الغير في أعمالنا، خاصة في ظل وجود تحديات كبيرة وغير مسبوقة للحفاظ على سلامة ومتانة اقتصادنا الوطني من الهزات الخارجية الناجمة عن أزمة وباء فيروس كورونا وتراجع أسعار النفط.
هذا الخطاب يمثل الخطوط العريضة لمسار الإصلاح المالي والاقتصادي للدولة في سبيل المحافظة على المقومات المالية للدولة وضمان استدامتها.
أما رسالة الشيخ ناصر فاتسمت بالصراحة والشفافية وجلد الذات أحيانا من خلال الإشارة الى ضعف الإدارة المالية والمتمثل في الاستمرار في الاعتماد على مورد وحيد ممثل في النفط وعدم إيجاد موارد مالية متنوعة لتعزيز متانة المالية العامة للدولة الى جانب عدم تقييم أداء الموازنة العامة للدولة نظرا لضخامة مصروفاتها.
ويبدو أن الإدارة المالية لم تأخذ بعين الاعتبار الدروس المستفادة من الأزمات السابقة التي واجهت الدولة وانعكست سلبا على الأداء المالي والاقتصادي لها، وكم من جائحة نحتاج، لا سمح الله، حتى نعي حجم تلك المخاطر، نعم تتمتع الدولة، ولله الحمد، بمركز مالي متين، لكن هذا المركز يستلزم بأن نحافظ على استدامته وديمومته لتوفير حياة كريمة لمن يأتي بعدنا من أجيال.
ولعل ركائز رؤية الكويت 2035 هي السبيل لتحقيق تلك الاستدامة والديمومة، لكن تلك الركائز وحدها لن تحقق تلك الرؤية، فكما قال الشيخ ناصر إن تحقيق تلك الرؤية تتطلب ان تثبت الإدارة فاعليتها من خلال حسن الإدارة ومحاربة الفساد، وهذا لن يأتي إلا من خلال اختيار عناصر الإدارة وفقا لمعايير الكفاءة والجدارة والاستحقاق، فلن تتحقق الإدارة الفاعلة ولا يمكن محاربة الفساد في ظل الاختيار وفق المحسوبية والولاءات.
كما ان كل الدراسات المتعلقة بالإصلاح المالي والاقتصادي والتي قدمت خلال السنوات الماضية أكدت ان إصلاح الاختلالات المالية والاقتصادية مرتبط بشكل أساسي بالواقع السياسي نظرا لما قد يعكسه هذا الواقع من إفرازات ذات مضامين مالية واقتصادية ليست بالضرورة ان تكون إيجابية، وهنا تكمن مشكلة الاختلالات المالية والاقتصادية.
كما يجب أن تعكس خطط التنمية مضامين معالجات الاختلالات المالية والاقتصادية، بحيث تعيد صياغة الدور الحكومي وهيمنته على النشاط الاقتصادي، مع التشديد على أهمية الدور الحكومي في مراقبة ومتابعة النشاط الاقتصادي بما يكفل جودة الخدمة ومعقولية كلفتها والحفاظ على المال العام.
ختاما نقدر لمعالي الشيخ ناصر الصباح صراحته وشفافيته، ونأمل من خلال توجيهاته بأن تتم تهيئة المواطن بشكل مناسب للخطوات الإجرائية لرؤية كويت جديدة 2035 وتنوير الرأي العام بتطورات تلك الرؤية لأهمية مشاركته ودعمه، وأن تبرز الحكومة دورها كشريك حقيقي له.
وتقبل الله طاعتك وعساك من عواده.