خطوة جريئة، وفي محلها تماما، أقبلت عليها الولايات المتحدة الأميركية قبل أيام قليلة، عندما وقع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، قرارا بتفضيل المهارة على الشهادة التعليمية في التوظيف، بهدف توسيع الفرص وإعادة تشكيل طريقة التوظيف في القطاع الحكومي القائم على الشهادات العلمية، واستبدالها بالتوظيف المبني على المهارات.
هذا القرار الصائب تماما خاصة في الوقت الحالي، سيساهم في تحقيق طفرة نوعية كبيرة في الإنتاجية والإبداع والابتكار في الوظائف، لأن التركيز لن يكون على أي جامعة درس فيها الشخص، وإنما على المهارة والموهبة ومدى قدرة الشخص على الإبداع والابتكار في العمل.
هذه التجربة سبق أن طبقتها العديد من الشركات الكبرى، منها على سبيل المثال شركتا «Google» و«Apple»، حيث تم فيهما إلغاء شرط الشهادة الجامعية في الكثير من الوظائف، وهذا التوجه لم يأت من فراغ، بل هو مبني على حقائق ودراسات، حيث اكتشفت شركة غوغل بعد سنوات عديدة في تحليل سبب نجاح موظفيها، أن التحصيل العلمي لا علاقة له بالنجاح في بيئة العمل، مما يرجح أن تفقد المؤهلات الأكاديمية جزءا كبيرا من قيمتها في السنوات المقبلة فيما يخص شغل الوظائف، نتيجة اليقين أن المهارة أهم من الشهادة.
هذا التوجه سيكون السائد في المستقبل القريب، لأن غالبية الدول والمؤسسات العالمية تبحث عن الإبداع والموهبة، وخلال سنوات معدودة ستتغير نظرة العالم، وستكون الموهبة هي العنصر الأساسي لإثبات ذكاء الفرد وقدرته على النجاح في سوق العمل، وهذا ليس بغريب عندما نستذكر أشخاصا حققوا نجاحات عالمية مثل بيل غيتس وستيف جوبز ومارك زوكربيرغ ولم يتخرجوا في الجامعة.
الاعتماد على المهارة والموهبة في التوظيف لا يغني بلا شك عن الخبرات والمؤهلات العلمية، ولكنه في الكثير من الوظائف يعد أكثر مصداقية في تحديد مدى كفاءة المتقدم للوظيفة، وكما نعلم جميعا، فقد غزت الشهادات المزورة العالم وأصبح من السهل الحصول على درجات علمية مرموقة من البيت، ومن هنا تأتي أهمية ودور الموهبة والمهارة.
ختاما، نرجو من المؤسسات الحكومية والخاصة تبني هذا النهج بجدية وتوظيفه بما يتلاءم مع طبيعة العمل في بلدنا الحبيب الكويت، فنحن في أمس الحاجة في الفترة المقبلة الى اختيار الكفاءات المناسبة التي تساهم في دفع عجلة الإنتاج وتحقيق التنمية، والاعتماد على المؤهلات العلمية فقط لن يحقق هذا، لذلك أقترح أن يتم الدمج بين هذا وذاك، ليكون شغل الوظائف وخاصة القيادية والإشرافية بناء على مهارات القيادة والخبرة في مجال الوظيفة المطلوبة وليس فقط المؤهلات العلمية، وذلك بهدف زيادة الفرص وحتى نفتح المجال أمام الكفاءات الوطنية لكي تبدع وتبتكر في العمل ومن ثم تتحقق المصلحة الوطنية.
[email protected]