قانون التركيبة السكانية الذي أقره مجلس الأمة قبل أيام قليلة هو خطوة في الاتجاه الصحيح لمواجهة الزيادة العشوائية للعمالة الوافدة الهامشية في البلاد، خاصة بعدما زادت بشكل ملحوظ في السنوات الماضية.
هذا القانون بالرغم من أهميته الكبيرة إلا أنه لابد أن يواكبه أيضا تحرك آخر لمواجهة التمدد العشوائي للعزاب في المناطق السكنية، والذي تعاظم كثيرا في السنوات الأخيرة، وازداد أكثر تزامنا مع أزمة فيروس كورونا المستجد نتيجة تطبيق العزل المناطقي الذي تم على بعض المناطق، مما دفع ذلك العزاب للخروج من مناطق معينة والاتجاه نحو مناطق نموذجية للنأي بأنفسهم عن أي عزل مناطقي آخر، حال عاودت الحكومة تطبيقه على مناطق الوافدين.
جميعنا يعلم جيدا أن الحل الأمثل لهذه المشكلة هو المدن العمالية النموذجية، هذا الحل من شأنه أن يوفر الأمن والأمان للعمالة الوافدة، إضافة توفير الأمن لباقي المناطق الأخرى، فلا يعقل أن تقيم عائلة بجانب عمارة بها سكن عزاب في نفس المنطقة، فهذا الأمر غير مطمئن سواء كانت تلك العائلة لمواطنين أو مقيمين.
هذه المدن إذا تم إنجازها بشكل سليم ستوفر أيضا حياة كريمة للعزاب وتتيح لهم كل ما يحتاجون إليه من خدمات مثل المستشفى والمخفر والجمعية وخدمات البنية التحتية المختلفة لتكون مدنا عمالية متكاملة وشاملة.
إن الإسراع في إنشاء المدن العمالية يشكل أهمية بالغة للمجتمع الكويتي كونها تتعلق بالتعامل مع ظاهرة أصبحت تشكل خطرا مجتمعيا وأمنيا منذ سنوات، وفعليا أوجدت انعكاسات سلبية على المجتمع، مما يحتم علينا التحرك السريع للتعامل مع هذه الظاهرة، لحماية مجتمعنا وتوفير بيئة صحية وسليمة.
وجود هذه المدن له العديد من الفوائد الأخرى، منها القضاء على العديد من الظواهر السلبية التي بدأت تسيء للمظهر العام للمدن، كما أن وجودها سيساهم في رفع مستوى الإنتاجية، فضلا عن تقليل المشاكل التي قد تحدث مع وجود العزاب في الأحياء السكنية وسط العائلات.
واقعيا هناك تأخر حكومي في إنجاز هذه المدن، حيث كان من المفترض أن يتم الانتهاء من إنشائها منذ سنوات، وعدم وجودها ساهم أيضا في ارتفاع أسعار العقارات في البلاد، ولكن أن تأتي متأخرا خير من ألا تأتي، ولكننا نشد على أيدي الحكومة بأن يتم تسريع وتيرة إنشاء هذه المدن، فنتمنى أن تتعامل الحكومة بجدية أكبر مع عملية تنفيذ هذه المدن، بحيث يتم الانتهاء منها خلال عام بحد أقصى ويتم نقل العمالة إليها تدريجيا، حتى يكون قانون التركيبة السكانية ذا فعالية، لأنه بدون المدن العمالية سيفقد القانون الكثير من فاعليته.
[email protected]