في الوقت الذي تتجه فيه جميع دول العالم إلى زيادة ميزانياتها المخصصة للتعليم، فوجئنا جميعا بما يتردد عن التوجه نحو تخفيض ميزانية جامعة الكويت والهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب، في قرار يأتي على عكس التوجه الذي تسير فيه معظم دول العالم، خاصة بعد ما أظهرته لنا أزمة فيروس كورونا المستجد (كوفيدـ19) من أهمية البحث العلمي وضرورة الاهتمام بها في الفترة المقبلة والاستثمار فيها ودعمها ومساندة كوادرها في مختلف التخصصات.
حقيقة، وكوني أنتمي إلى الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب منذ عدة سنوات بحكم عملي في الهيئة، وفي ظل ما أراه من كوادر وطنية شابة متميزة في مختلف الكليات والمعاهد التي تضمها الهيئة، وتماشيا مع توجه الدولة نحو التوسع في إحلال العنصر الوطني في مختلف الوظائف، خاصة في الوظائف الفنية.
بناء على ما سبق، كنت أتوقع أن يحدث عكس ذلك خلال الفترة المقبلة، بأن تتم زيادة الميزانية المخصصة للتعليم العالي بشكل عام، والتعليم التقني منه بشكل خاص، لسد حاجة سوق العمل في الكويت والعمل على الاستغلال الأمثل للكفاءات الوطنية، فكما ذكرت في مقالة سابقة أن أبناء هذا الوطن أولى بأن يعتمد عليهم في التنمية والتطوير.
هذا القرار إن تم بالفعل تطبيقه فإن عواقبه ستكون سلبية جدا، وسيضع تحديات وصعوبات كبيرة جدا أمام الهيئة خلال مسيرتها، ولن تتمكن من القيام بدورها والحفاظ على سير العملية التعليمية، ومن ثم تأثرها كليا بداية من القدرة على استيعاب الطلاب وعطاء أعضاء هيئتي التدريب والتدريس والمناهج والشعب وصولا إلى جودة المخرجات، وحال انخفضت جودة المخرجات أو أصبحت لا تتناسب مع احتياجات سوق العمل ستكون الخسائر أكبر بكثير من الجزء الذي سيتم تخفيضه من ميزانية الهيئة.
نعلم جميعا أن هناك عجزا في ميزانية الدولة، وأن التخفيض سيطول مختلف الوزارات والجهات الحكومية في الدولة، ولكن ما يجب أن يؤخذ في الحسبان هو أن وضع المؤسسات التعليمية غير، وأن تخفيض ميزانياتها سيؤثر سلبا على كفاءة وجودة مخرجات العملية التعليمية في مختلف المجالات ومن ثم تأثر بقية المؤسسات عند التحاق هذه الكوادر للعمل بها.
ختاما: التوجه نحو تخفيض ميزانية جامعة الكويت والهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب، يحتاج إلى المراجعة، خاصة أنه لا توجد خطة استراتيجية تدعم تخفيض الميزانية المخصصة للتعليم العالي مقابل إعطاء الاستقلالية للجامعات لتنويع مصادر الدخل فيها، ويجب ألا يؤثر عجز الميزانية العامة للدولة على المؤسسات التعليمية، بل أن يتم دعم هذه المؤسسات لأنها هي المصدر الرئيسي للكوادر الوطنية القادرة على تطوير وتنمية مصادر دخل الدولة.
[email protected]