ان الموظف العام هو الأداة الحكومية التي تمارس الحكومة دورها من خلاله، وهو الذي يعبر عن الدولة تجاه مواطنيها ولذلك دأبت جميع الشرائع والقوانين على حماية الوظيفة العامة من كل من يتاجر بها، وينأى بالدولة ومرافقها من شبه الفساد والذي يصب في أداء دور الحكومة بأكملها، وقانون الجزاء الكويتي كغيره من القوانين قد جرم هذا الفعل المشين والذي يعد اخطر جرائم الشرف الوظيفي الذي يخل بالثقة بين المواطن والدولة ويؤثر على مبدأ المساواة بين الأفراد، فقد نظم القانون رقم (6) لسنة 1960 بإصدار قانون الجزاء إلى تجريم وعقاب جريمة الرشوة ثم جاء تعديل بعض أحكام قانون الجزاء بالقانون رقم (31) لسنة 1970 ووسع من نطاق جريمة الرشوة.
وهذه الجريمة كما عرفتها المادة (35) من القانون رقم (31) لسنة 1970 بقولها:
«يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز عشر سنوات والغرامة تساوي ضعف قيمة ما أعطى أو وعد به بحيث لا تقل عن خمسين دينارا كل موظف عام طلب أو قبل لنفسه أو لغيره وعدا أو عطية لأداء عمل أو الامتناع عن عمل من أعمال وظيفته ويسري هذا الحكم ولو كان العمل المنصوص عليه في الفقرة السابقة لا يدخل في أعمال وظيفة المرتشي، ولكنه زعم ذلك أو اعتقده خطأ».
كما يسري حكم المادة ولو كان المرتشي يقصد عدم أداء العمل او عدم الامتناع عنه.
وجريمة الرشوة كغيرها من الجرائم لابد أن تتوافر بأركانها ركن مادي وركن معنوي بالإضافة إلى ركن مفترض هو كون الجاني موظفا عاما، والموظف العام كما جاء بالمادة بمعناه الواسع الشامل حتى ولو غير مختص بل زعم اختصاصه أو اعتقد خطأ باختصاصه، والركن المادي يتمثل في جميع وسائل الاتجار بالوظيفة العامة فتقع الجريمة إذا طلب أو قبل الموظف العام وعدا أو عطية لأداء عمل أو الامتناع عنه من أعمال وظيفته وتستوي أن تكون الرشوة له أو لغيره وتستوي أن تكون الرشوة نقودا أو أي مزايا عينية أو أي فائدة يحصل عليها الموظف العام أو يوعد بها مادية أو غير مادية كترقية ولا يلزم تسلم الموظف هذه العطية بنفسه بل يكتفي تسليمها لشخص آخر يعلمه الموظف المرتشي أو لم يعلمه ولكن وافق عليه وقام بالعمل المطلوب.
بالإضافة للركن المادي لابد أن يتوافر الركن المعنوي للجريمة والقصد الجنائي المطلوب توافره في جريمة الرشوة هو قصد عام بمعنى أن يتألف من إرادة الموظف الفاعل بتنفيذ نشاطه الإجرامي مع علمه بجميع عناصر الركن المادي المكون للجريمة، وبالتالي لكي تتحقق جريمة الرشوة يجب أن يطلب الموظف أو يأخذ وعدا وهو يعلم أن الأخذ أو الطلب أو الوعد هو مقابل لفعل أو الامتناع عن فعل يقع في دائرة اختصاصه الوظيفي او ما في حكمه.
ويسري حكم الرشوة على العمل خارج وظيفة المرتشي إذا علم خطأ انه داخل فيها أو زعم ذلك أو ادعى كذبا للحصول على الرشوة، ولابد أن يكون الركن المادي سابقا على أداء العمل المطلوب.
فإذا كان قبول الموظف العام على العطية أو الهدية لاحقا لأداء العمل فقد افرد لها المشرع نصا خاصا ملحقا بجريمة الرشوة وفق القانون أن يكون الموظف قد أدى العمل ومن ثم قبل الهدية كمكافأة على أداء عمله.
كما جرم القانون كل من طلب أو قبل لنفسه أو لغيره وعدا أو عطية لاستعمال نفوذ حقيقي أو مزعوم للحصول أو محاولة الحصول على أية سلطة عامة أو على ميزة من أي نوع.
ويعاقب الراشي والوسيط بالعقوبة المقررة للمرتشي إلا أن تقديرا للظروف فقد خفف القانون العقوبة على الراشي والوسيط إذا كان الراشي صاحب حق.
واعفى القانون كلا من الراشي والوسيط من العقاب إذا اخبر السلطات العامة بالجريمة ولو بعد تمامها وترد إليه الرشوة المدفوعة.
وبهذا فقد استفاض المشرع بالنص والتوسع على كل أشكال الرشوة وعقابها لخطورتها ومساسها بمصالح الأفراد وتأثيرها على ثقة المواطن بالدولة وقضاء على الإفساد الإداري وتحفيزها على الصالح العام.
(حفظ الله الكويت وأميرها من كل مكروه).
[email protected]