عبرت آخر قافلة من الجنود الأميركيين امس الحدود من العراق إلى الكويت امس منهية رسميا انسحاب القوات الأميركية بعد نحو تسع سنوات من الحرب والتدخل العسكري والذي أودى بحياة نحو 4500 أميركي وعشرات الآلاف من العراقيين.
وغادر الموكب الأخير من القوات الأميركية الذي ضم 110 آليات تحمل على متنها 500 جندي معسكرا يبعد حوالى 350 كيلومترا عن المعبر الحدودي العراقي ـ الكويتي، على أن يبقى في العراق 157 جنديا أميركيا يساعدون على تدريب القوات العراقية ويعملون تحت سلطة وإشراف السفارة الأميركية في بغداد.
وتأتي هذه الخطوة التاريخية بعد ثماني سنوات وتسعة أشهر من عبور القوات الأميركية للحدود ذاتها في الاتجاه المعاكس، في بداية عملية تحرير العراق التي تحولت إلى نزاع طويل قتل فيه عشرات الآلاف.
وكان جنود اللواء الثالث من فرقة سلاح الفرسان الاولى بالجيش الأميركي هم آخر من اجتاز الحدود باتجاه الكويت، ليسدلوا بذلك الستار على أكثر الحروب الأميركية إثارة للجدل منذ حرب فيتنام قبل نحو نصف قرن، بالإضافة إلى فرقة صغيرة من المارينز مكلفة بحماية البعثة الديبلوماسية الأميركية.
يذكر أن حوالي 4500 جندي أميركي قتلوا في العراق منذ غزوه في شهر مارس من عام 2003 بهدف الإطاحة بنظام حكم المقبور صدام حسين.
وتنص الاتفاقية الأمنية الموقعة بين بغداد وواشنطن في نهاية نوفمبر من العام 2008 على وجوب أن تنسحب جميع القوات الأميركية من جميع الأراضي والمياه والأجواء العراقية في موعد لا يتعدى 31 ديسمبر من العام الحالي، فيما انسحبت القوات الأميركية المقاتلة بموجب الاتفاقية من المدن والقرى والقصبات العراقية في 30 يونيو من العام 2009.
ويشار إلى أن اجتماع قادة الكتل السياسية انتهى بتخويل الحكومة بالابقاء على مدربين أميركيين للقوات العراقية تحت اتفاقية الإطار الاستراتيجي.
ووقع العراق والولايات المتحدة أيضا خلال عام 2008 اتفاقية الإطار الإستراتيجية لدعم الوزارات والوكالات العراقية في الانتقال من الشراكة الإستراتيجية مع العراق إلى مجالات اقتصادية وديبلوماسية وثقافية وأمنية، تستند إلى تقليص عدد فرق إعادة الأعمار في المحافظات، فضلا عن توفير مهمة مستدامة لحكم القانون بما فيه برنامج تطوير الشرطة والانتهاء من أعمال التنسيق والإشراف والتقرير لصندوق العراق للإغاثة وإعادة الأعمار.
إلى ذلك، رأت صحيفة «الشعب» الصينية الرسمية إن التاريخ لن يشيد بالاجتياح الأميركي للعراق الذي تم بدوافع كاذبة ومضللة..
موضحة أن أميركا والعراق لم يكونا وحدهما اللذين دفعا تكلفة هذه الحرب، بل منظومة العلاقات الدولية تعرضت كلها لصدمة عنيفة.
وقالت الصحيفة الصينية، في تعليق لها بعددها الصادر اليوم، إن الهدفين الأولين لهذه الحرب الأميركية على العراق كانا يتمثلان في إزالة خطر امتلاك نظام صدام حسين لسلاح الدمار الشامل، والإطاحة بالحكومات الديكتاتورية الراعية للإرهاب، حيث تبين زيف الأول منذ أن دخلت القوات الأميركية إلى بغداد، حتى أن وزير الخارجية الأميركي السابق كولن باول الذي دافع عن ذلك في الأمم المتحدة اعترف بأنه قد تم خداعه».
وأضافت أن الهدف الثاني تحقق، لكنه عاد بنتائج عكسية، فالعراق التي لم تكن تحتوي على تنظيم القاعدة، أصبحت بعد الحرب «جنة» الإرهابيين، وهنا تعد أميركا قد أقدمت على شن حرب على دولة مستقلة ذات سيادة وفي ظل معارضة من المجتمع الدولي، والآن حتى الإعلام الأميركي عندما يذكر الحرب على العراق يستعمل مصطلح واحد «اجتياح»، ولاشك أنها قد أسست مثالا سيئا عن المجتمع الدولي.
وأشارت إلى أن حرب العراق بلا شك تعد أحد الأحداث الكبرى التي شهدها القرن 21، كما لا شك فيه أن الشعب والرأي العام الأميركي بصدد تقليب نظره في هذه الحرب التي دامت 9 أعوام وأهلكت أرواح ما يقارب 4500 جندي أميركي و30 ألف مصاب آخرين، وأنفقت أميركا من أجلها 3 تريليونات، موضحة أن العجز المالي الذي تعاني منه الولايات الأميركية مرتبط بهذه الحرب، كما أن الثمن الذي دفعته أميركا لم يكن قليلا، في المقابل حيث تبين أن نفوذ إيران في العراق أكبر بكثير من نفوذ الولايات المتحدة».
آخر قتيل أميركي في العراق ديفيد هيكمان يحمل الرقم 4474
حول الانسحاب الأميركي من العراق، اختارت صحيفة واشنطن بوست الأميركية ان تركز على آخر قتيل اميركي في العراق، وهو ديفيد هيكمان، الذي يحمل الرقم 4474 في عدد قتلى الجنود الاميركيين منذ الحرب وقالت الصحيفة ان جثمان ديفيد ايمانويل هيكمان يرقد في حديقة السلام في مقبرة ليكفيو ورقم قربه هو 54، في بلدة غرينسبورو حيث نشأ وترعرع.
وأضافت الصحيفة: غطت التربة الحمراء تابوته، بعد ان دفن قبل نحو اسبوعين من موعد عودته الى البلاد.. كانت هناك ورود قرنفل ذابلة على التراب الرطب، لم يكن هناك اي علامة بعد تدل على ان هذا هو قبر الجندي.
ووفقا للصحيفة، قتل هيكمان (23 عاما) في بغداد في انفجار قنبلة زرعت على جانب طريق انفجرت في شاحنته المدرعة يوم 14 نوفمبر بعد ثماني سنوات وسبعة اشهر و25 يوما على بدء الغزو الاميركي للعراق.
ومضت الصحيفة تقول ان هيكمان هو القتيل رقم 4474 من الجنود الاميركيين الذين لقوا حتفهم في العراق، وفقا لوزارة الدفاع الأميركية، مشيرة الى انه ربما يكون الاخير.
القتلى من العسكريين والمدنيين
رويترز: فيما يلي أحدث الأرقام عن القتلى من العسكريين والمدنيين في العراق منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في مارس عام 2003 حتى انسحاب القوات الأميركية من العراق امس:
قوات التحالف التي قادتها الولايات المتحدة:
٭ الولايات المتحدة: 4487.
٭ بريطانيا: 179.
٭ دول أخرى: 139.
٭ الإجمالي: 4805.
الجيش العراقي:
جنود عراقيون قتلوا خلال الغزو (تقديريا): عشرة آلاف
أفراد من قوات الأمن العراقية بعد سقوط صدام حسين:
٭ العدد الرسمي للقتلى منذ يناير 2005: 8825.
٭ قبل 2005 (تقديريا): 1300.
٭ الإجمالي 10125.
المدنيون:
٭ جمع موقع ايراك بادي كاونت من خلال تقارير إعلامية ما بين 103536 و113125.
٭ جمع من خلال الإحصاءات العراقية الرسمية منذ عام 2005: 50578.
عدد قتلى الحرب وفقا لأرقام الحكومة العراقية:
٭ اجمالي عدد القتلى (2004 ـ 2011 حتى نهاية اكتوبر): 61921.
٭ اجمالي عدد المصابين (2004 ـ 2010): 159710.
المالكي يطالب البرلمان بسحب الثقة من نائبه صالح المطلك
اعلن مسؤول عراقي رفيع المستوى امس ان رئيس الوزراء نوري المالكي طلب من البرلمان «سحب الثقة» من نائبه صالح المطلك بعدما وصفه هذا الاخير في مقابلات صحافية بأنه «ديكتاتور اسوأ من صدام حسين».
وقال المستشار الاعلامي للمالكي علي الموسوي لوكالة «فرانس برس» ان «رئيس الوزراء قام بتوجيه رسالة رسمية الى مجلس النواب للمطالبة بسحب الثقة من صالح المطلك» نائب رئيس الوزراء.
وجاء ذلك على خلفية قول المطلك في مقابلة مع قناة «سي.ان.ان» ان واشنطن تركت العراق «بيد ديكتاتور يتجاهل تقاسم السلطة ويسيطر على قوات الامن في البلاد وقام باعتقال مئات الاشخاص خلال الاسابيع الماضية».
كما عرض تلفزيون «البابلية» المحلي التابع للمطلك تصريحات لنائب رئيس الوزراء قال فيها ان «المالكي ديكتاتور اكبر من صدام حسين لكون صدام كان يبني اما هو فلم يقم بشيء».
ويتولى المطلك منصب نائب رئيس الوزراء لشؤون الخدمات، ويعد احد زعماء القائمة العراقية التي يقودها رئيس الوزراء الاسبق اياد علاوي، المنافس السياسي الابرز لنوري المالكي.
يشار الى ان المطلك كان ممنوعا من المشاركة في الانتخابات بسبب شموله بقانون المساءلة والعدالة المتعلق بحظر عمل مسؤولي حزب البعث المنحل، الا ان صفقة سياسية لتسهيل عملية تشكيل الحكومة سمحت له بتسلم منصبه الرسمي.
وتعتبر هذه التوترات جزءا من الصراع بين حكومة المالكي وقائمة العراقية التي علقت مشاركتها في جلسات البرلمان بدءا من السبت.
من جهة اخرى، قامت قوات الامن العراقية باعتقال اثنين من عناصر حماية نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي، احد زعماء القائمة العراقية ايضا «لتورطهما بتفجيرات وعمليات ارهابية»، وفقا لمصادر امنية.
وتحدثت امس صحف محلية بينها «المدى» عن صدور مذكرة اعتقال بحق الهاشمي، الا ان المصادر الرسمية رفضت تأكيد الخبر.
وتعد القائمة العراقية (82 مقعدا) الكتلة الاكبر بعد التحالف الوطني العراقي (159 مقعدا) في البرلمان الذي يضم 325 نائبا.
الى ذلك، أعلن في العراق اول من امس عن تأجيل عرض اعترافات «مهمة وخطيرة» تثبت تورط مسؤول وصف بأنه «كبير جدا» بعمليات إرهابية.
وقال ممثل عن مجلس القضاء الأعلى العراقي خلال مؤتمر صحافي مقتضب مشترك مع المتحدث باسم قيادة عمليات بغداد اللواء قاسم عطا انه «نظرا لعدم اكتمال الإجراءات التحقيقية حول الشبكة الإرهابية تقرر إرجاء إعلان الإعترافات بشأنها حتى إشعار آخر».
وكانت الفضائية العراقية نقلت في خبر عاجل اول من امس عن مصدر في وزارة الداخلية العراقية قوله إنه «سيتم عرض اعترافات مهمة وخطيرة تثبت تورط مسؤول كبير جدا في الدولة العراقية بعمليات إرهابية» من دون أن يسمي المسؤول المذكور أو أن يفصح عن منصبه.
وأضاف أن «الاعترافات موثقة وبمبرزات جرمية ستعرض خلال مؤتمر صحافي» لم يحدد موعده.
الى ذلك، اعتبر النائب عن ائتلاف دولة القانون حسين الأسدي أن تعليق نواب القائمة العراقية مشاركتهم في جلسات مجلس النواب وتقديم استقالات وزرائها هو «استباق للأحداث جاء بعد أن تم الكشف عن تورط مكتب نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي بالإشراف على عمليات إرهابية طالت عددا من المواطنين والمسؤولين ومؤسسات الدولة».
«فورين بوليسي»: «انتهاء الحرب في العراق».. ضمن أكبر 14 كذبة في عام 2011
اعتبرت مجلة «فورين بوليسي» الأميركية أن إعلان واشنطن «إنهاء الحرب في العراق» يحتل المرتبة الثانية من بين أكبر 14 كذبة في العام الحالي الذي أوشك على الانتهاء، وذلك بعد الكذبة الأولى وهي إعلان الغرب المتكرر عن أن أي اجتماع قادم للقادة الأوروبيين سيكون حاسما في حل الازمة المالية الراهنة بمنطقة اليورو، وهو ما لم يحدث حتى الآن.
وبررت المجلة في تقرير لها امس على موقعها الإلكتروني تصنيفها لإعلان واشنطن إنهاء الحرب نهائيا في العراق بعد 9 سنوات بـ «الكذبة الكبرى الثانية»، ذلك لأن تورط أميركا عسكريا في العراق ـ حسبما ذكرت المجلة ـ بدأ في التسعينيات من القرن المنصرم وان إعلانها الانسحاب ما هو إلا مرحلة من سلسلة من الحروب في المنطقة، تراهن المجلة على أنها لن تكون الأخيرة.
وقالت المجلة أن إعلان أميركا نجاح مهمتها في العراق يعد كذبة ثالثة، مبررة ذلك أنه نتيجة لتورطها في العراق فإنه بات يعاني حاليا من التقسيم وانعدام الديموقراطية واستشراء الفساد وزيادة النفوذ الإيراني داخله، علاوة على أن الغزو الأميركي كلف واشنطن تريليون دولار وآلاف القتلى والمصابين الأميركيين إلى جانب مئات الآلاف من الضحايا العراقيين وتعريض سمعة الولايات المتحدة للخطر.