باريس - هدى العبود
اهتمام كبير فرنسي كبير سبق زيارة الرئيس السوري بشار الأسد إلى فرنسا لحضور قمة الاتحاد من أجل المتوسط، وقالت وزيرة المغتربين السورية د.بثينة شعبان لـ «الأنباء»: ان الاهتمام غير المسبوق بالزيارة يدل على تفهم أهداف السياسة السورية، وان الأسد كان محقا في مواقفه السياسية تجاه الوضع في العراق ولبنان وفلسطين.
وفي ردها على سؤال لـ «الأنباء» حول ما إذا كانت هناك ضغوط عربية على سورية قالت الوزيرة السورية: «سورية لا تتعامل مع الضغوطات ومواقفها مبدئية وثابتة وقراءتنا سليمة، وحرصنا على الأمن والاستقرار وإبعاد شبح الحروب في المنطقة»، مؤكدة أن «سورية كانت تتمتع بدورها المهم في الشرق الأوسط وقد لعبت دورا مهما، وكل من حاول تقليص دورها فشل لأن التاريخ والجغرافية يؤكدان أنه لا يستطيع أحد أن ينكر دور سورية».
وحول ما إذا كانت هناك مسحة شخصية تحكم العلاقة السورية - الفرنسية قالت شعبان: «إن الحوارات التي تمت عبر القنوات الفرنسية وزيارة المبعوثين الفرنسيين إلى دمشق وزيارة الوزير المعلم إلى باريس تؤكد أن التعامل بين سورية وفرنسا يتم بشكل موضوعي وعلمي، والعلاقة هي علاقة دولة لدولة، وهذا نقرؤه على أنه مسار جيد، ونحكم على الأمور كما تأتي، الآن نرى أن العلاقات تسير بشكل صحيح ينطلق من مصالح البلدين، وهذا المسار سيتعزز وسيستمر في المستقبل».
وعن اتفاقية الشراكة بين سورية والاتحاد الأوروبي قالت الوزيرة السورية: «اتفاقية الشراكة وضعت جانبا منذ سنوات، والأمور ستعود إلى مجراها الطبيعي والصحيح بين سورية وفرنسا، وبين سورية وأوروبا وبين العرب وأوروبا، ونأمل أن تكون لهذه الزيارة أبعاد إيجابية».
من جهته، قال المحلل السياسي الفرنسي هنري رافينيا لـ«الأنباء»: «يمكننا من قراءة التاريخ ووقائعه بالنسبة للعلاقات السورية الفرنسية أن نجد أن هذه العلاقات كانت طبيعية في جميع مراحلها، وحتى مفصل ميسلون كان طبيعيا ولم يكن ممكنا عدم حدوثها، ويمكن أن نقول أن هذه الفترة من التاريخ ليست منطقية، وإننا كفرنسيين نفهم ذلك تماما، وكلنا يعلم أن ديغول كان حكيما وعادلا في سياسته تجاه لبنان وسورية ومنطقة الشرق الأوسط، وكان عادلا ومنصفا في مطالبته بحقوق الإنسان».
وأضافت رافينيا: «بلادي تنظر لمصالحها برؤيتها الاستراتيجية والجيو سياسية، لكن لا نستطيع أن ننكر ان فرنسا خرجت أحيانا عن مسارها التاريخي، وللأسف لم يكن موقف جاك شيراك من سورية مرضيا عندما فكر ولو للحظة أن طريق العودة إلى بيروت عبر بوابة دمشق».
بدوره قال مسؤول فرنسي رفيع المستوى فضل عدم الكشف عن اسمه إلا بعد زيارة الرئيس الأسد وحضوره القمة والعرض العسكري: «ساركوزي حكيم في سياسته فقد طالب إسرائيل بدولتين واحدة لإسرائيل والأخرى للفلسطينيين، وهو صديق لإسرائيل ومعجب جدا بنهج المحافظين الجدد في أميركا، ولقد استفاد ساركوزي من أخطاء سلفه، كما أنه أحاط نفسه بفرنسيين مسيسين ومتعصبين لإسرائيل وأميركا وحلف شمال الأطلسي، ورفع الكثير من الشعارات التي توحي بأنه سيعمل على خندق باريس - أميركا وإسرائيل، واعتبر السياسة العربية لفرنسا خطأ استراتيجيا، وهذا فهم في البداية على أنه سيلغي السياسة العربية ويمارس القطيعة مع البلدان العربية، لكن إذا حللنا سياسته نجده وحتى خلال رياضته الصباحية يفكر كيف سيعيد فرنسا إلى موقعها الطبيعي، ويعمل على أن يفكر العرب أن لبلاده موقعها الطبيعي، وليس في قبضة سلفه شيراك الذي واجه الشرطة الإسرائيلية».
وخلص المسؤول الفرنسي إلى القول: «دمشق ليست عدوا لفرنسا، ولا صديقا نعتمد عليه في تنفيذ سياساتنا ومآربنا، ونحن لنا مصالح متبادلة تكثر فيها النقاط الإيجابية وبرأيي هذه ليست معادلة صعبة».
ومن المقرر أن يلتقي الرئيس الأسد عن الساعة الخامسة من اليوم الرئيس الفرنسي ساركوزي وهو اللقاء الأول بين الرئيسين، وتوقعت مصادر مقربة من الوفد المرافق للرئيس السوري حصول لقاء ثنائي يجمعه بنظيره المصري الرئيس حسني مبارك، وعززت هذه التوقعات الاعلان عن تشكيل الحكومة اللبنانية امس وتأتي هذه التوقعات بعدما اكدت مصادر مطلعة الانباء عن قمة سورية - لبنانية تجمع الاسد الى الرئيس اللبناني ميشال سليمان في مقر اقامة الرئيس السوري في باريس يعقبها لقاء قمة ثلاثي يجمعهما بالرئيس الفرنسي اليوم ورجحت المصادر ان يتسع اللقاء ليشمل كذلك الرئيس المصري..
وقد ركزت وسائل الإعلام الفرنسية بشكل ملحوظ على زيارة الرئيس الأسد فأشارت صحيفة الـ «اللوموند» الفرنسية الشهيرة إلى صوابية الموقف السوري من حرب العراق ومن تطورات الوضع اللبناني، على أساس موافقة الرئيس الأسد وسورية على كل ما يتفق عليه اللبنانيون.
بدورها قالت جريدة فرانس سوار بقلم السياسي الفرنسي المعروف (رولان دوما): إن عودة الدفء إلى العلاقات السورية - الفرنسية هو في مصلحة فرنسا أكثر مما هو في مصلحة سورية.
ولفت إلى أن سورية بلد محوري لا يمكن تجاوزه وركيزة أساسية في تحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة بما فيها المسار الفلسطيني.