دشن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي والشيخ سيف بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية الاماراتي قاعدة «معسكر السلام البحري» العسكرية الفرنسية في أبوظبي أمس، لتكون اول قاعدة فرنسية في الخليج العربي ولتضم ما يقرب من 500 فرد.
وجاء الافتتاح على رأس جدول اعمال الرئيس الفرنسي الذي وصل الامارات مساء أمس الاول في زيارة رسمية هدف من خلالها ايضا لدفع مفاوضات صفقة بيع طائرات رافال الفرنسية للامارات. وكان ساركوزي قد أكد في مقابلة مع «وام» أن علاقات الصداقة القائمة بين فرنسا والإمارات تستمد قوتها من التمسك المشترك بقيم الحوار والتسامح والسلام وأن دولة الإمارات قطب للاعتدال والاستقرار في منطقة هي أشد ما تكون بحاجة إليهما.
وقال في المقابلة إن الزيارة الأولى أتاحت «فتح صفحة جديدة من الصداقة بين بلدينا من خلال الإعلان عن قرارين كبيرين: إطلاق تعاون فرنسي إمارتي في المجال النووي السلمي وإنشاء فرنسا لقاعدة عسكرية دائمة لها في أبوظبي».
وأوضح أنه يعتبر هذا الحدث «لحظة هامة»، ومشيرا إلى أنها أنشئت «بناء على طلب من السلطات الإماراتية».
وأضاف ساركوزي أن فرنسا «ومن خلال وجودها العسكري الدائم تتعهد بكل تصميم بالوقوف إلى جانب أصدقائها الإماراتيين لتحقيق أمنهم فكما يقال الصديق وقت الضيق» وأنها ستقف إلى جانب دولة الإمارات إن حدث وتعرض أمنها للتهديد وأن فرنسا ومن خلال هذه القاعدة الأولى لها في الشرق الأوسط «تظهر استعدادها لتحمل كل مسؤولياتها لضمان استقرار هذه المنطقة الضرورية للتوازن العالمي».
كذلك أوضح الرئيس الفرنسي أن زيارته ستترافق مع حدث آخر «أحرص عليه من كل قلبي حيث سيتم فيها تدشين أعمال بناء متحف اللوڤر أبوظبي على جزيرة السعديات»، معتبرا أن «المؤسسات كاللوڤر أبوظبي والسوربون أبوظبي» تشكل آفاقا جديدة للصداقة بين البلدين.
ثلاثة مواقع
ومن المقرر ان تكون القاعدة الفرنسية في ثلاثة مواقع وهي القاعدة البحرية في ميناء ابوظبي والقاعدة الجوية التي ستضم ثـــلاث مقاتلات فرنسية ومعســـكرا للتــــدريب على القتال بالمدن والصحراء.
وقال قائد القاعدة الكولونيل الفرنسي ارفية شيريل في تصريحات صحافية ان مهمة القاعدة هي دعم قواتنا بالمحيط الهندي وتطوير التعاون العسكري الثنائي.
وحضر وزير الخارجية الاماراتي الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان ونظيرة الفرنسي برنار كوشنــــير ورئيــس اركان القوات المسلحة الاماراتية الفريـــق الركن حمـــد محــمد ثاني الرميثي.
وبدأت مراسم الاحتفال بعزف السلام الوطني لدولة الامارات والجمهورية الفرنسية ثم استعرض الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي والفريق الشيخ سيف بن زايد آل نهيان حرس الشرف وتم رفع علمي دولتي الامارات وفرنسا.
وقام بعدها الرئيس ساركوزي والشيخ سيف بن زايد آل نهيان بجولة في مرافق المعسكر استمعا خلالها الى شرح عن محتويات المعسكر منذ انشائه وحتى الان والمراحل التطويرية التي سيشهدها خلال الفترة المقبلة.
انتقاد إيراني
وكما كان متوقعا انتقدت ايران على لسان المتحدث باسم وزارة خارجيتها دولة الامارات بسبب منحها قاعدة عسكرية لفرنسا.
ونقلت وكالة «مهر» الإيرانية للأنباء عن المتحدث حسن قشقاوي قوله ـ في تصريحات للصحافيين ـ إن فرنسا ابتعدت عن سياسة الاعتدال، واصفا منح قاعدة عسكرية في الامارات لفرنسا، بأنه اجراء لا يخدم الأمن في المنطقة.
وأضاف قشقاوي ان تعزيز التواجد العسكري في المنطقة وتواجد قوى من خارج الاقليم، يؤدي الى هشاشة الامن والاستقرار في المنطقة، ويجر عمليا الى سباق التسليح، موضحا ان بعض الدول تتحدث عن اخطار وهمية ساعية لتصوير المنطقة على أنها غير آمنة، وذلك من اجل رفع مبيعاتها من السلاح اكثر، لاسيما ان هذا الاجراء يحظى بالاهتمام بسبب الازمة المالية الموجودة، لأن فرنسا تعاني من مشكلات اقتصادية حادة.
وقال قشقاوي إننا نوصي دول المنطقة بألا تسمح للشركات العسكرية الغربية المفلسة، بأن تحيي مطامعها من خلال التمسك بالذرائع الواهية، معربا عن اسفه لما وصفه بابتعاد فرنسا عن سياسة الاعتدال، مضيفا ان طهران تتوقع من المسؤولين الفرنسيين أن يتعاملوا بمسؤولية اكبر مع قضايا المجتمع الدولي.
وحذر المتحدث باسم الخارجية الايرانية، المسؤولين الاماراتيين من مغبة «الالتحاق بركب سياسات الاجانب في المنطقة من خلال منحهم قاعدة عسكرية»، واصفا هذا الاجراء بأنه غير مفهوم، ولا يمكن اعتباره خطوة في إطار امن المنطقة.
وتم اختيار موقع متميز لإقامة القاعدة حيث شيدت بالقرب من مضيق هرمز في مقابل إيران، وهو ما اكتسب المزيد من الأهمية في ظل التوترات الحالية التي يثيرها البرنامج النووي الإيراني وخلافها الديبلوماسي الدائم مع إسرائيل.
ونقلت صحيفة «لو موند» الفرنسية اليومية عن مصدر ديبلوماسي القول: إذا ما شنت إيران هجوما على الإمارات فإنها ستكون بذلك تهاجم فرنسا أيضا.