شيعت سلطنة عمان أمس السلطان الراحل قابوس بن سعيد الذي وافته المنية عن عمر يناهز 79 عاما بمقبرة العائلة المالكة بولاية بوشر بمحافظة مسقط.
وذكرت وكالة انباء عمان الرسمية «أونا» في بيان ان سلطان عمان الجديد السلطان هيثم بن طارق بن سعيد تقدم المشيعين، كما حضر بمعيته أفراد الأسرة المالكة والوزراء والمستشارون والقادة العسكريون وأعضاء مجلسي الدولة والشورى وكبار المسؤولين وجموع غفيرة من المواطنين.
وأضافت الوكالة ان موكب الجنازة خرج من قصر بيت البركة إلى جامع السلطان قابوس الأكبر مرورا بشارع السلطان قابوس، حيث اصطف المواطنون وأفراد القوات المسلحة على جانبي الطريق.
وأقيمت صلاة الجنازة بجامع السلطان قابوس الأكبر حيث لف جثمان السلطان الراحل بعلم السلطنة، وأم المصلين الشيخ أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام للسلطنة.
وقد ودع أبناء الوطن قائد مسيرتهم المباركة التي امتدت نحو عقود مليئة بالإنجازات العظيمة في شتى المجالات تم خلالها ترسيخ دعائم الأمن والاستقرار وبناء الدولة الحديثة.
ونعى الديوان السلطاني السلطان قابوس وقال في بيان اوردته وكالة «اونا»: (يأيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي).. إلى أبناء الوطن العزيز في كل أرجائه، إلى الأمتين العربية والإسلامية وإلى العالم أجمع. بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره، وببالغ الحزن وجليل الأسى ممزوجين بالرضا التام والتسليم المطلق لأمر الله ينعى ديوان البلاط السلطاني المغفور له - بإذن الله تعالى - مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور المعظم الذي اختاره الله إلى جواره مساء يوم الجمعة بتاريخ الرابع عشر من جمادى الأولى لعام 1441هـ الموافق العاشر من يناير لعام 2020م بعد نهضة شامخة أرساها خلال خمسين عاما منذ أن تقلد زمام الحكم في الثالث والعشرين من شهر يوليو عام 1970م وبعد مسيرة حكيمة مظفرة حافلة بالعطاء شملت عمان من أقصاها إلى أقصاها، وطالت العالم العربي والإسلامي والدولي قاطبة، وأسفرت عن سياسة متزنة وقف لها العالم أجمع إجلالا واحتراما.
وأضاف البيان: «إذ يعلن ديوان البلاط السلطاني الحداد وتعطيل العمل الرسمي للقطاعين العام والخاص لمدة ثلاثة أيام، وتنكيس الأعلام في الأيام الأربعين القادمة ليدعو الله - جلت قدرته - أن يجزي جلالته خير الجزاء، وأن يتغمده بالرحمة الواسعة والمغفرة الحسنة، وأن يسكنه فسيح جناته مع الشهداء والصديقين وحسن أولئك رفيقا، وأن يلهمنا جميعا الصبر والسلوان وحسن العزاء، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، ويوقن به عباده الصابرون المحتسبون الراضون بقضاء الله وقدره وإرادته (إنا لله وإنا إليه راجعون).
يذكر أن السلطان الراحل قابوس بن سعيد ولد في مدينة صلالة بمحافظة ظفار في 18 شوال 1359هـ الموافق 18نوفمبر 1940م، وهو السلطان الثامن من سلالة الإمام أحمد بن سعيد المؤسس الأول لأسرة آل بوسعيد سنة 1744م، الذي مازالت ذكراه موضع احترام وإجلال في عمان كمحارب شجاع وإداري محنك.
وفي سنواته المبكرة تعلم السلطان قابوس اللغة العربية والمبادئ الدينية على أيدي أساتذة مختصين، كما درس المرحلة الابتدائية في المدرسة السعيدية بصلالة، وفي سبتمبر 1958م أرسله والده السلطان سعيد بن تيمور إلى انجلترا حيث واصل تعليمه لمدة عامين في مؤسسة تعليمية خاصة في (سافوك)، وفى عام 1379هـ الموافق1960م التحق بالأكاديمية الملكية البريطانية (ساند هيرست) حيث أمضى فيها عامين درس خلالهما العلوم العسكرية وتخرج برتبة ملازم ثان، ثم انضم إلى إحدى الكتائب البريطانية العاملة آنذاك في ألمانيا.
وبعدها عاد السلطان قابوس إلى بريطانيا ودرس لمدة عام في مجال نظم الحكم المحلي، وأكمل دورات تخصصية في شؤون الإدارة. ثم هيأ له والده الفرصة، فقام بجولة حول العالم استغرقت ثلاثة أشهر، عاد بعدها إلى البلاد عام 1383ه الموافق 1964م وأقام في مدينة صلالة.
وعلى امتداد السنوات الست التالية تعمق السلطان قابوس في دراسة الدين الإسلامي، وكل ما يتصل بتاريخ وحضارة عمان دولة وشعبا على مر العصور، وقد قال السلطان الراحل في أحد أحاديثه «كان إصرار والدي على دراسة ديني وتاريخ وثقافة بلدي لها عظيم الأثر في توسيع مداركي ووعي بمسؤولياتي تجاه شعبي والإنسانية عموما. وكذلك استفدت من التعليم الغربي وخضعت لحياة الجندية، وأخيرا كانت لدي الفرصة للاستفادة من قراءة الأفكار السياسية والفلسفية للعديد من مفكري العالم المشهورين».