وزير العمل بطرس حرب تحول مع حكومة تصريف الأعمال الى «وزير معلومات».
كشف بعد زيارته قصر بعبدا ان القرار الظني سيحيله مدعي عام المحكمة «بلمار» الى قاضي الاجراءات التمهيدية «فرانسين» وكشف في اليوم التالي بعد زيارته بكركي ان البطريرك الماروني مار نصرالله بطرس صفير قدم فعلا استقالته الى الفاتيكان منذ أشهر طالبا إعفاءه من مهامه. ولكن دوائر الفاتيكان تتريث في البت في هذه الاستقالة لأسباب عدة منها ما يتعلق بطبيعة المرحلة الحالية في لبنان وضرورات الاعداد المسبق لترتيبات الخلافة واحتفال ازاحة الستار عن نصب القديس مارون في ساحة الفاتيكان الشهر المقبل. حول هذه الاستقالة المعلن عنها بمفعول رجعي هذه المعطيات والملاحظات:
1- رغم ان الاستقالة مرفوعة منذ أشهر الى الفاتيكان، فإن الاعلان عنها الآن يعني ان الاستقالة أصبحت «رسمية ونهائية»، وبالتالي فإن السؤال الأول المطروح هو: لماذا يتم الاعلان عن هذه الاستقالة اليوم وقبل صدور موقف الفاتيكان؟ فاستقالة البطريرك صفير، ورغم انها تتم لأسباب شخصية و«عمرية»، الا انها تكتسب أهمية خاصة، وطنية وسياسية، لأنها تعلن «انسحاب البطريرك صفير من الشأن الوطني العام، مع ما كان له من دور محوري و«قيادي» على الساحة المسيحية، وحصل ذلك في مرحلة بالغة الدقة والحساسية على المستوى الوطني، وتتصف بالضعف والتشرذم على المستوى المسيحي.
2- استقالة البطريرك صفير تعني بشكل مباشر انه يريد ان يسقط مقولة ان البطريرك يظل بطريركا مدى الحياة، أو ان البطريرك لا يستقيل الا مرغما ومتى صار مريضا وعاجزا عن مواصلة مهامه.
البطريرك صفير يغادر منصبه وهو ما زال متمتعا بقدراته الذهنية والجسدية وقادرا على الاستمرار لو أراد. ولأنه يغادر من موقع قوة لا ضعف ستكون له كلمة مؤثرة في اختيار خلفه وسيكون الناخب الأول والأقوى عندما يحين أوان انتخاب بديل عنه في يونيو المقبل بعدما يتم تعيين مطارنة جدد خلفا للمطارنة المحالين الى التقاعد وبينهم مطارنة بارزون (سمير مظلوم، رولان أبو جودة، بولس غي نجيم، بولس إميل سعادة، يوسف بشارة، فرنسيس البيسري..).
3- صحيح ان سياسة بكركي هي «سياسة الموقع» أي الخط التاريخي للكنيسة المارونية، لا سياسة الشخص أي سياسة البطريرك الذي يشغل هذا الموقع وان أي بطريرك جديد سيجد نفسه ضمن المبادئ والثوابت والأساسيات.. ولكن خروج البطريرك صفير من سدة البطريركية سيؤدي في مرحلة انتقالية أولى على الأقل الى فراغ يصعب ملؤه نظرا للدور الوطني الذي قام به والفترة الطويلة الغنية بالتجارب التي أمضاها والخبرة التي راكمها والعلاقات الدولية التي أقامها. وبالتالي لا يمكن الا توقع انحسار الدور السياسي لبكركي في المرحلة الانتقالية التي تمتد من الكشف عن استقالة صفير الى قبول الاستقالة من الفاتيكان الى انتخاب بطريرك جديد الى تركيز وضعية البطريرك الجديد وبلورة مواقفه وأساليبه وطرق مقاربته للأمور والقضايا.
3- البطريرك مار نصرالله بطرس صفير يصنف من سلالة البطاركة التاريخيين والاستثنائيين الذين لعبوا دورا وتركوا أثرا وصنعوا أحداثا واتخذوا قرارات. في عهده كان لبنان حاضرا بقوة في حاضرة الفاتيكان، من اعلان قداسة أكثر من راهب ماروني، الى السينودس الخاص للبنان الى سينودس الشرق الأوسط أخيرا الذي كان صفير يتقدم بطاركة الشرق فيه. وفي فترة الـ 25 سنة التي أمضاها صفير في بكركي وتعتبر الأدق والأخطر في تاريخ لبنان الحديث كان الكاردينال صفير من المساهمين في التأثير على مسارها في محطات مفصلية عدة كان أبرزها: اتفاق الطائف الذي يعود للبطريرك صفير دور أساسي في ولادته وتغطيته مسيحيا.
- المصالحة المارونية الدرزية في الجبل التي كرسها بزيارته التاريخية.
- انتفاضة 14 آذار أو ثورة الأرز التي أطلق البطريرك صفير شرارتها في العام 2000 (النداء الأول لمجلس المطارنة الموارنة).
ولكن البطريرك صفير بدأ يواجه في السنوات والأشهر الأخيرة ضغوطا ومتاعب متزايدة ناجمة بشكل أساسي عن: - وضع مسيحي منقسم لم يستطع البطريرك ازاءه شيئا.
وبموازاة اخفاق جهود المصالحة المسيحية، حصلت مقاطعة قيادات مسيحية لبكركي وتوجيه اتهامات له بالانحياز الى فريق 14 آذار الذي مازال مستمرا حتى اليوم وتمثل في الاجتماع الأخير لـ 14 آذار المسيحي الذي استضافته ورعته بكركي في ذروة احتدام أزمة المحكمة الدولية.
- وضع لبناني متأزم ومتفاقم منذ العام 2005 اضطر معه البطريرك صفير الى اتخاذ مواقف واضحة وحادة ضد حزب الله أخذت في دربها الطائفة الشيعية. وكان من نتيجة هذين الوضعين ان أصيب دور البطريرك صفير كعامل رعاية وتوازن وكمرجعية وطنية جامعة.