- سليمان التقى عون واستبقاه على الغداء وسط أجواء إيجابية وتأكيد على إطلاق عجلة الدولة
بيروت ـ عمر حبنجر داود رمال
مرت أمس الذكرى السنوية الأولى لثورة الياسمين في تونس فاتحة ثورات الربيع العربي الذي لا سابقة له من قبل.
في مثل هذا اليوم أقدم محمد البوعزيزي، الشاب التونسي على إشعال النيران في نفسه بسبب تردي أوضاعه المعيشية، فأشعل ثورة الياسمين، ومن حيث لا يدري أشعل مرج الغضب الشعبي العربي في كل مكان.
أيام مضت على هذا العمل الانتحاري التاريخي حتى خرج التونسيون الى الشوارع ساخطين على نظام الرئيس زين العابدين بن علي وزوجته وأبناء أسرتها الفاسدين، ولم يصمد النظام القمعي، وسرعان ما فر بن علي بحطام نظامه الى المملكة العربية السعودية التي استضافته حجبا للشرور، التي سرعان ما فرضت نفسها على عواصم عربية أخرى.
من تونس انطلق شعار «الشعب يريد إسقاط النظام» باتجاه القاهرة آخذا بطريقه الرئيس حسني مبارك الذي سرعان ما أصبح أول زعيم عربي يمثل في قفص الاتهام ومن القاهرة انتقل الشعار الى ليبيا، انتهى زعيمها مختبئا في قسطل ماء ثم قتيلا.
الربيع الثوري حمل الشعار نفسه الى سورية، حيث علت المطالبة برحيل النظام الذي رد على الهتاف بالرصاص، ما فتح عليه أبواب التدخل الدولي الذي قطع شوطا بعيدا على طريق إلحاقه بمن سبقه من أنظمة مشابهة.
بالنسبة للبنان الذي يعاني ارتدادات الأوضاع المتفاقمة، بقي بعيدا عن هدير الموج، حيث توقف الربيع العربي الصاخب عند حدوده الشرقية والشمالية، دافعا إليه بعض الرذاذ الساخن عبر خروقات عسكرية سورية أو نزوح مواطنين سوريين هاربين من قصف المدافع، أو من عصف شبيحة النظام.
لكن لبنان مسكون بالخوف من استدراجه الى المعمعة السورية، صحيح ان هناك مشاركات فئوية او حزبية، مع الثورة او مع النظام، إلا ان المطلوب، كما يبدو تعميم الفوضى فيه، على امل امتصاصه الفوضى السورية القائمة.
ومن هنا كان التحرش بالقوات الدولية في الجنوب، ثم بالجبهة الجنوبية الراكدة مع إسرائيل منذ العام 2006، عبر إطلاق الصواريخ «التسجيلية» لكن الدولة اللبنانية التي انقسمت حول الموقف من النظام السوري في مجلس الأمن أو في الجامعة العربية، توحدت في الدفاع عن القوات الدولية، وتضامنت حول الالتزام بالقرارات الدولية، من المحكمة الى اليونيفيل، وانصرفت الى معالجة الملفات الداخلية، الناعمة منها والشائكة، من تصحيح الأجور الذي مازال تحت الدرس، الى التعيينات والترقيات، وصولا الى قانون الانتخابات الذي كان محور لقاء الفعاليات المارونية في بكركي يوم الجمعة.
ومع استبعاد الوصول الى قانون انتخابات يرضي كل الأطراف، فمن المسلم به ان الحوار الجزئي او المتكامل من شأنه الحفاظ على الحد الأدنى من السلام والكلام بين القيادات.
ووصفت مصادر القوات اللبنانية أجواء لقاء بكركي بـ «الإيجابية» رغم الجدالات التي حصلت.
وكان مشروع الانتخابات الذي أعده «اللقاء الأرثوذكسي» والذي يرى ان تنتخب كل طائفة لبنانية نوابها، محور الدرس. وقد تقدم به د.سمير جعجع كخيار ممكن، وتم درسه بشكل معمق، وطرح حوله العماد عون الكثير من التساؤلات وقد رأى ان هذا المشروع يحتاج الى المزيد من البحث، بينما اعتبر سليمان فرنجية ان انتخاب كل طائفة لنوابها يمكن ان يمس بالسلم الأهلي، وتقرر درسه من جانب اللجنة الرباعية التي شكلها اللقاء.
حزب الله رأى ان المشروع الأرثوذكسي للانتخابات يعيد غزل الطائفية من شريانها الحيوي وبلمسة حنان رعوية وتحت سقف بكركي، حيث اعتبر صيغة صالحة لتحقيق التمثيل.
وقالت قناة «المنار» الناطقة بلسان حزب الله ان الساسة الموارنة باعونا النسبية واشتروا الطائفية وبثمن يكاد يوازي أثمان الحرب الأهلية، واللافت انه كان يترك باب النقاش مفتوحا بصيغ حضارية، واذ وجدناه في لقاء بكركي يصعد الأمواج الطائفية على قاعدة عدم الانعزال.
وأضافت بعد إيماءة عون بالموافقة، كيف سيواجه حزب الله وأمل؟ وهل يختفي تيار المستقبل خلف سمير جعجع الذي طرح المشروع الأرثوذكسي؟
وتساءلت «المنار» عن دور الرئيس ميشال سليمان الذي أراد ان يطبع عهده بسمة النسبية.
النائب أنطوان زهرة، عضو كتلة القوات اللبنانية أيد فكرة ان تنتخب كل طائفة نائبها تحقيقا لصحة التمثيل.
لكن الوزير السابق عضو التيار الوطني الحر ماريو عون اعتبر ان المشروع الارثوذكسي لا يتقدم كثيرا الى الامام وهناك مضيعة للوقت في هذا المشروع وهو يؤدي الى تقوقع الطوائف على بعضها، مشددا على ان تحالف العماد عون مع حزب الله تحالف استراتيجي.
في هذه الأثناء، حمل اللقاء الذي جمع رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان مع رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون في قصر بعبدا امس (السبت)، إشارات إيجابية على صعيد حلحلة بعض الملفات الشائكة في مجال العمل الحكومي لاسيما منها مسألة التعيينات في المراكز الشاغرة في الإدارة والمؤسسات العامة.
وقال مصدر مطلع لـ «الأنباء» ان اللقاء الذي استكمل على غداء عمل الى مائدة رئيس الجمهورية بحث في التطورات الراهنة داخليا واقليميا كما تم افراد جزء مهم للبحث في القضايا والملفات المطروحة للبحث والنقاش في مجلسي الوزراء والنواب.
وشدد المصدر على العلاقة الجيدة التي تجمع بين سليمان وعون، ورغم الصورة التي تظهر العلاقة بالمتوترة فإن ذلك مغاير لما يسود اللقاءات بينهما حيث يغلب طابع الود والتفاهم في مقاربة الملفات المطروحة بروح من المسؤولية الوطنية والشفافية العالية.
وأكد المصدر ان رئيس الجمهورية ليس في موقع الخصومة مع اي طرف من الفرقاء اللبنانيين ويمارس دوره كحكم بين الجميع، وهو حريص على ابقاء التواصل قائما ويرى ان الحوار هو المدخل الوحيد لتبديد كل الهواجس ومعالجة كل الاشكاليات.
وأوضح المصدر ان اجواء اللقاء بين سليمان وعون ايجابية وبناءة، وان مطلع العام القادم سيشهد تفعيلا للعمل الحكومي عبر اطلاق عجلة مؤسسات الدولة بإداراتها كافة.