ابتداء من الأول من مايو يبدأ العد العكسي للانتخابات البلدية التي ستجري على عدة مراحل طيلة الشهر بدءا من البقاع وبيروت.
هذه الانتخابات قوبلت بشكوك واسعة في أن تجري، وهذه الشكوك مازالت موجودة لدى البعض حتى الآن.
ولكن لوحظ أنه منذ لحظة التأكيد الرسمي والجازم من جانب الرئيس بري قبل يومين (في مؤتمره الصحافي) بأن الانتخابات البلدية حاصلة حتما، طرأ تغيير في طريقة التعاطي مع الانتخابات، فأصبح تعاطيا جديا وارتفعت حالة التعبئة والجهوزية وحدث ازدحام في مراكز الأقضية حيث تقدم طلبات الترشيح. وهذه خلاصات وانطباعات جولة «سياسية» على أبرز البلديات في المدن الكبرى.
بيروت
اللائحة الرسمية السياسية «لائحة البيارتة» أعلنها الرئيس سعد الحريري من «بيت الوسط» وحظيت بأوسع تغطية ممكنة من كل القوى السياسية باستثناء حزب الله.
حزب الله هو القوة الشعبية السياسية الوحيدة في بيروت التي لم تنضم الى اللائحة التي ضمت ممثلين عن كل القوى بما في ذلك حلفاء الحزب حركة «أمل» والتيار الوطني الحر.
أما السبب فيعود الى أن الحريري أبلغ بري بأنه يفضل إبقاء التمثيل الشيعي في مدينة بيروت على حاله، موحيا بأن حزب الله فيما لو سمى ممثلا له سيكون ذلك على حساب مقعد العائلات الشيعية البيروتية، وهذا ما جعل حزب الله يختار عدم المشاركة لأنه شعر بتوريط له في مشكلة مع العائلات، إضافة الى أنه لا يجد في الغياب خسارة وفي المشاركة قيمة وفائدة، لأن تمثيله يقتصر على مقعد «لا يقدم ولا يؤخر» ولكنه يمنح من خلاله تغطيته لبلدية بيروت التي لا يملك لا قرارها ولا تأثيرا فيها.
على الضفة الأخرى، توزعت المعارضة الى 3 لوائح: لائحة «بيروت مدينتي» المكتملة، واللائحة الجزئية التي يقودها الوزير السابق شربل نحاس بعنوان «مواطنون ومواطنات في دولة. إضافة الى لائحة جمعيتي «الواقع الثقافية والاجتماعية» و«الإنشاء التطوير اللهندسة» التي تضم 13 سنة، مرشح شيعي، وآخر درزي، و9 مسيحيين.
وهذا التوزع الى عدة لوائح سيستنزف قدرات المعارضة ويبعثر قواها.
صيدا
تشير المعطيات إلى أن اللوائح التي ستتنافس على مجلس بلدية صيدا تصل الى 3 لوائح حتى تاريخه من بينها اللائحة المدعومة من الرئيس فؤاد السنيورة والنائبة بهية الحريري والجماعة الإسلامية وهي برئاسة محمد السعودي. واللائحة المدعومة من «التنظيم الشعبي الناصري» ومعه «اللقاء الوطني الديموقراطي»، والثالثة التي أعلن عن تشكيلها المسؤول السابق في «الجماعة الاسلامية» د.علي الشيخ عمار الذي قال إنه سيشكل لائحة تضم عددا من الوجوه الإسلامية.
وهذه اللائحة ستؤلف من 17 عضوا شابا (عدد أعضاء بلدية صيدا 21)، محصورين بالحصة السنية ومسقطين منها العضوين الشيعيين والعضوين المسيحيين. ومن الأسماء التي يجري تناقلها، الشيخ محيي الدين عنتر الذي يعد من أبرز المناصرين للأسير والمناوئين للحريري.
رجل الأعمال الصيداوي محمد زيدان الذي تحدثت معلومات عن نيته الترشح للانتخابات، عقد ليل أمس الأول اجتماعا مع الرئيس الحريري في بيت الوسط، على مدار ساعتين. وأكد أنه أبلغ الحريري ملاحظاته وأسباب انزعاجه المتعلقة بالمجلس البلدي الحالي بشكل عام. وأعلن «أن الحريري وعده بحل كل الامور العالقة في هذا الخصوص وأخذ ملاحظاته بعين الاعتبار، وأنه، أي الحريري، سيعمل على حلها». وقال: «سنرى ما إذا كانوا سيأخذون بهذه الملاحظات، وعندها سيكون لنا موقف نعلنه في حينه».
طرابلس
تنتظر القوى المعنية بالاستحقاق البلدي عودة الرئيس نجيب ميقاتي من رحلة خاصة الى الخارج لحسم إمكانية التوافق على واحدة من الشخصيات الثلاث المستقلة التي طرحها ميقاتي لترؤس اللائحة المفترضة، (عمر الحلاب، عزام عويضة، وعبدالرحمن الثمين) ومن ثم تفويض الشخصية التي سيتم التفاهم حولها، بتأليف فريق العمل الذي تراه مناسبا، لتحرير البلدية من المؤثرات والضغوط السياسية قدر الامكان.
وينتظر أن يتضح مسار الأمور منتصف الأسبوع المقبل، على أبعد تقدير، فإذا تعذر التوافق بين المكونات الأساسية في المدينة (ميقاتي، تيار المستقبل، محمد الصفدي، روبير فاضل، فيصل وأحمد كرامي) تكون المعركة قد أصبحت حتمية، علما ان مناصري ميقاتي يحثونه على خوض المعركة لاعتقادهم بأنه يملك الأرجحية في المدينة حاليا، لكن ميقاتي لايزال يرفض هذا الطرح، منطلقا من أن ممثلي الأقليات، أي المسيحيين والعلويين، سيدفعون ثمن أي مواجهة انتخابية.
إقليم الخروب
في خطوة مفاجئة شكلت محطة مهمة لخوض انتخابات إقليم الخروب توافقيا، توصل ممثلون عن الحزب التقدمي الاشتراكي وتيار المستقبل و«الجماعة الإسلامية» إلى اتفاق أنهى عددا كبيرا من الإشكاليات التي رافقت التحضير للانتخابات البلدية والاختيارية في المنطقة.
وقالت مصادر قيادية شاركت في الاجتماع والتحضيرات التي سبقته إن الأحزاب الثلاثة: «أنجزت اتفاقا مهما جدا حسم كثيرا من المعارك الانتخابية توافقيا، خلافا للروايات التي تحدثت عن أن هذه القوى تعاني إرباكا تجاه هذه الانتخابات وعن خلاف كبير بينها، خصوصا بين «الإشتراكي» و«المستقبل»، وبين «المستقبل» و«الجماعة الإسلامية»، إضافة إلى القول إن هذه القوى، لاسيما الحزب الإشتراكي منها، تخشى الانتخابات والتحالفات التي يمكن أن تهدد مواقعه في المنطقة».
الشوف
للمرة الأولى، يلمس خصوم جنبلاط في الجبل مدى الصعوبات التي يواجهها الحزب الاشتراكي «الرسمي» في فرض لوائحه وخياراته على المحازبين والناخبين، في ظل قرار من جنبلاط بالابتعاد عن «التعليب» وعدم التدخل مباشرة في فرض المرشحين واللوائح.
وبدل ذلك، يعمل «الرسميون» على دعم مرشحيهم بشكل موارب، مع الانفتاح على الخصوم بشكل كبير، مع أولوية الانفتاح على الحزب الديموقراطي اللبناني وعدم الوقوف بوجه مرشحيه، ثم الحزب السوري القومي الاجتماعي، في مقابل محاولات تقويض تمدد الوزير السابق وئام وهاب في قرى الشوف.
ويشكل التحالف العوني القواتي حجر عثرة أمام فوز الحزب الاشتراكي ببلديات القرى المختلطة، على عكس انتخابات 2010، حيث استفاد الاشتراكيون من الخصام القواتي العوني لعقد تحالفات موضعية بحسب كل بلدة، لضمان الهيمنة الاشتراكية على القرار البلدي.
ويشير أكثر من مصدر في قوى 8 آذار «الدرزية» إلى أن غياب المال الانتخابي لدى الاشتراكي سمح لشخصيات ومسؤولين اشتراكيين سابقين ومتمولين بالتأثير بسير الترشيحات وتركيب اللوائح، ومنح هؤلاء هامشا أوسع للحركة، بما لا يتناسب مع التوجه المركزي في كليمنصو.
زحلة
استقر المشهد على 3 لوائح: الأولى تضم التيار الوطني الحر والقوات والكتائب التي اتحدت لأول مرة في تاريخها، وأوكلت الى الرئيس السابق للبلدية أسعد زغيب رئاسة اللائحة. والثانية يشكلها النائب نقولا فتوش برئاسة شقيقه موسى، وهذه اللائحة تأخذ أصواتا من درب اللائحة الأولى وتستفيد اللائحة الثالثة منها بشكل غير مباشر.
والثالثة تشكلها رئيسة الكتلة الشعبية ميريام سكاف التي لم تكشف بعد عن اسم مرشحها لرئاسة اللائحة (علما أن ميشال طعمة سكاف أعلن وضع ترشيحه بعهدة ميريام سكاف، وهناك اسم يوسف سكاف).
ضبية
قد لا تصنف بلدية ضبية (مع توابعها ذوق الخراب- حارة البلان- عوكر) من بين البلديات الضخمة في قضاء المتن الشمالي. لا يتعدى عدد ناخبيها الـ 3200 صوت وفق لوائح العام 2010، بينما يبلغ عدد أعضاء مجلسها البلدي 15 عضوا فقط و3 مخاتير. لكن «بحبوحة» واردات الضبية المالية، ورمزية معركتها الانتخابية، تجعل منها محطا للمتابعة.
في العام 2010 حصلت المواجهة بين رئيس البلدية الحالي قبلان الأشقر ذي الميول القومية، والمدعوم بشكل أساسي من ميشال المر وحزب الطاشناق والقوات، وبين التيار الوطني الحر المكتفي يومها بتحالف مع حزب الكتائب الذي اتكأ على عصا الخلاف «العقائدي» مع الأشقر ليكون في صف العونيين بمواجهة «الريس العتيق».
حاليا، تشهد الضبية سباقا مكتوما بين معركة قاسية ومسعى تفاهمي يقوده، للمفارقة حزب الكتائب الذي حمل الى الأشقر طرحا يقول بمنح الثلاثي المسيحي (التيار الوطني الحر والقوات والكتائب) حصة وازنة من التركيبة، 8 أعضاء الى جانب نيابة الرئيس، أي وضع اليد على قرار المجلس البلدي.
جبيل
لم يحسم التيار الوطني الحر قراره بالانضمام الى اللائحة الائتلافية في جبيل التي يتزعمها الرئيس الحالي للبلدية زياد حواط الذي حقق في عهده إنجازات لافتة، فتربعت جبيل على عرش السياحة اللبنانية والعربية وحصدت الجوائز، في وقت كان بعض المناطق يغرق في الحروب المشتعلة والمشكلات الأمنية والإنمائية. ويستند حواط الى تجربة إنمائية عمل على تحقيقها مع فريق عمل متجانس وفق رؤية علمية.
حواط كان التقى رئيس حزب القوات اللبنانية د.سمير جعجع وأبدى تجاوبا مع رغبته في التعاون بلديا مع التيار الوطني الحر، وهذا ما تبلغه الأخير من حليفه بعدما أبلغ العماد ميشال عون دعمه حواط وعدم استعداده لخوض المعركة في لائحة منافسة له. وبناء لنصيحة جعجع، التقى حواط الوزير جبران باسيل وناقش انضمام التيار الوطني الحر الى اللائحة الائتلافية التي يتزعمها والتي تضم في معظمها أعضاء من المجلس البلدي الحالي.
وطلب باسيل في اللقاء أن يتمثل التيار الوطني بـ 5 أعضاء في المجلس البلدي المؤلف من 18 عضوا على أن يكون من بينهم نائب الرئيس.
لكن حواط ارتأى أن يتمثل بعضوين بدلا من عضوين حاليين أبديا استعدادهما للتخلي عن الترشح مراعاة لحواط، من دون أن يكون بينهما نائب الرئيس.
وتردد أن التيار الوطني الحر طرح مع الوزير السابق جان لوي قرداحي إمكان التعاون لتشكيل لائحة منافسة مدعومة منهما، لكن الأخير لم يتردد في حسم أمره لجهة رفضه الانخراط في معركة ضد حواط.
لذلك، فإن حواط ينتظر من التيار الوطني أن يحسم أمره، إما بالانضمام الى لائحته أو البحث في تشكيل لائحة ثانية.