بيروت ـ عمر حبنجر
المراوحة حكوميا مستمرة، لكن الآمال التي عُلقت على الافراج عن استشارات تكليف من يشكل الحكومة المنتظرة لم تخب، والقبول الضمني للرئيس ميشال عون بتكليف سمير الخطيب بتشكيل الحكومة تبدّل، بعد رفض حزب الله لهذا الخيار، رغم مواصفاته السياسية والاعمارية الملائمة، كما سبق للحزب ان وضع الفيتو على مرشحين آخرين، مُصرا على ان تكون الحكومة برئاسة سعد الحريري وبشروط الحزب وحلفائه المرفوضة من رئيس حكومة تصريف الاعمال والمقبولة نسبيا من الاوروبيين ومن الجامعة العربية كما يبدو.
الخطيب التقى الرئيس الحريري مساء الاربعاء في بيت الوسط وكلاهما على الصعيد الشخصي صديق، لكن لم يصدر عن اللقاء ما يوحي بالتقدم.. ما عنى العودة بالاستشارات النيابية الى دائرة التريث بضعة ايام اضافية.
في الاثناء، تابع رئيس مجلس النواب نبيه بري حملته على الرئيس سعد الحريري محملا اياه مسؤولية الكثير ما يحصل، ونقل عنه قوله للنواب «استروا على ما سمعتموه منا»، ثم تابع قائلا «ان بهيج طبّارة اتفق عليه ثم ظلم، وسمير الخطيب زارني في عين التينة قائلا انا صحبة مع الحريري، فأجبته: هذا الكلام لا ينفع، روح تفاهم معه».
وكرر بري ان حركة امل وحزب الله قدما «لبن العصفور» للحريري ليرأس الحكومة، وتمت الموافقة على صيغة حكومية من 20 وزيرا بينهم 6 سياسيين على رأسها الحريري مقابل 14 وزير تكنوقراط يحملون الحقائب.
لكن للحريري شروطا لا يتقبلها حزب الله كما هو معروف، وفوق هذه الشروط ما تنامى عن تفاهم اميركي ـ بريطاني ـ فرنسي على تضييق الطوق الاقتصادي على حزب الله بمعزل عما قد يلحق بالشعب اللبناني، وهذا يبدو كافيا لوقف التردد الحاصل من جانبه، وبالتالي مبررا للقيام بزيارة باريس نهاية هذا الاسبوع لمتابعة التحضيرات للاجتماع المرتقب لمديري الشرق الاوسط في وزارات الخارجية الاميركية والبريطانية والفرنسية في باريس اوائل الشهر.
اما الشروط الحريرية للعودة الى الحكومة ـ بحسب المصادر المتابعة ـ تتلخص بما يلي: حكومة تكنوقراط من اختصاصيين تكون انتقالية من 6 الى 9 اشهر لهدفين: الاول وقف الانهيار المالي والاقتصادي عبر قرارات سريعة وصعبة ووضع قانون انتخاب جديد تمهيدا لانتخابات نيابية مبكرة، وهذا يستدعي منح هذه الحكومة صلاحيات استثنائية تشريعية لتسريع القرارات، وعدم المس بقائد الجيش العماد جوزف عون وبحاكم البنك المركزي رياض سلامة، وعدم قيام علاقات سياسية مع النظام السوري طالما ان عودة سورية الى الجامعة العربية لم تحسم.
لكن المصادر عينها اكدت لـ «الأنباء» ان الحريري لن يستطيع مقاومة الميول الاوروبية الى غض الطرف عن وجود حزب الله في حكومة جديدة يمثلها من خلال وزراء ليسوا منه انما من اختياره.
وكشفت المصادر عينها لـ«الأنباء» عن رسالة فرنسية رفيعة المصدر وصلت الى الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله تنطوي على تحذير من خطورة ما آلت اليه الاوضاع الاقتصادية في لبنان وانعكاس ذلك على حزبه وجمهوره، مما يفتح الباب امام البنك الدولي لوضع اليد على الاقتصاد اللبناني وعلى مقدرات البلد.
المصدر ـ وهو عضو في مجلس النواب اللبناني ـ ربط جولة مساعد الامين العام للجامعة العربية حسام زكي على الرؤساء والفعاليات السياسية في لبنان ناقلا رسالة شفهية من الامين العام احمد ابوالغيط بالحل الاوروبي ـ الاميركي لأزمة الحكومة اللبنانية.
من جانبه، أكد الرئيس اللبناني ميشال عون أن الوضع الراهن في لبنان لا يحتمل شروطا وشروطا مضادة، مطالبا الجميع بالعمل من أجل الخروج من الازمة الراهنة على نحو يحقق مصلحة اللبنانيين ويساهم في حل الاوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد.
وقال عون، خلال استقباله السفير حسام زكي، انه «يواصل جهوده لتحقيق تفاهم حول الحكومة الجديدة».
وأشار إلى أنه «يؤيد غالبية المطالب التي رفعها الحراك الشعبي لأنه سبق أن قدم اقتراحات قوانين لتحقيقها ولاسيما ما يتصل منها بمكافحة الفساد وتفعيل الاصلاحات ومنع الهدر ورفع الحصانة عن المرتكبين وغيرها»، لافتا إلى أنه دعا المتظاهرين أكثر من مرة للحوار معهم وسيواصل مساعيه لإيجاد الحلول المناسبة للأزمة.
ولفت الرئيس عون إلى أن «الدعم العربي للبنان يجب أن يترجم في خطوات عملية لاسيما بالنسبة إلى المساعدات لمعالجة الوضع الاقتصادي المتردي والذي نتج في جانب منه بسبب تدفق النازحين السوريين إلى لبنان والذي بلغ عددهم مليونا و900 ألف نازح»، مشيرا إلى «عودة نحو 400 ألف نازح وبقي مليون و500 ألف نازح».
وأوضح ان المعالجات تتجه لتكليف الحريري بتشكيل الحكومة الجديدة، لكن لن يعلن اسمه كمرشح وحيد قبل موعد بدء الاستشارات تجنبا لحرقه، كما حل بالآخرين، ومثل هذا الموعد متوقع مطلع الاسبوع المقبل من حيث المبدأ.
وزير الخارجية جبران باسيل العائد من مؤتمر «التصدي للاضطهاد الديني» اعلن امس في مؤتمر صحافي عن مشروع قانون جديد لمكافحة الفساد سيتقدم به تكتله النيابي امام مجلس النواب، واصفا اياه بالأفعل والاسرع وانه سيفضح الفاسدين.