لا مؤشرات على قرب سقوط النظام السوري. وحتى الآن وبعد مرور خمسة أشهر على اندلاع الاضطرابات والأحداث، لم تبرز مؤشرات في هذا الاتجاه، فالجيش مازال «جيش النظام» ولم تسجل فيه أي حركة أو حالة انشقاق مهمة، كما لم تحدث أي حالة استقالة من مؤسسات الدولة وأجهزتها الديبلوماسية والادارية، والمعارضة في الداخل لم تبلور شخصيتها وبرنامجها ومازالت ضعيفة وحائرة بين الاستمرار في الثورة السلمية مع التعويل على الموقف الدولي العربي لتضييق الخناق على النظام وتقويض دعائمه، أو التحول الى أساليب جديدة مثل العصيان المدني والعنف المسلح تتناسب مع أسلوب القمع والاستخدام المفرط للقوة من جانب النظام.
والثغرة الاقتصادية المالية في وضعية النظام والتي صنفت بأنها مكمن التهديد والخطر الأول عليه لا ترتب أخطارا آنية وقريبة، خصوصا في ظل دعم ايراني مادي ومعنوي، وكذلك حال العقوبات الأميركية والأوروبية التي تظل مفاعيلها محدودة، وتظل هي «السقف المعتمد» طالما لا إمكانات ولا ظروف لاعتماد خطط التدخل العسكري. أما في الداخل فإن الجيش السوري ماض قدما في عملياته لإنهاء الجيوب والبؤر الأمنية وبوتيرة متسارعة.
لا مؤشرات فعلية على قرب سقوط النظام السوري، ولكن هناك مؤشرات فعلية على انه مقبل على أيام واختبارات وقرارات صعبة من جراء اشتداد حركة الضغط والتصعيد الأميركي ضده، وحيث ان الولايات المتحدة تتحول تدريجيا الى قيادة الموقف الدولي ضد سورية، وتتدافع مؤشرات كثيرة تدل على هذا المسار التصاعدي وأبرزها:
٭ رفع الادارة الأميركية درجة التنسيق والاتصالات مع تركيا وتولي الرئيس باراك أوباما شخصيا متابعة الملف السوري. وهذه الاتصالات تجاوزت النتائج المبهمة لزيارة أوغلو الى دمشق وتدور تحت عنوان عريض هو «ضرورة الاستجابة للمطالب الشرعية للشعب السوري بالانتقال الى الديموقراطية». ونزولا عند طلب تركيا بالتريث وأهمية انتظار ما سيجري وما سيقوم به الرئيس الأسد من الآن وحتى نهاية الشهر، فإن واشنطن لن تقول «كلمتها الأخيرة» في القريب العاجل.
٭ الدفع في اتجاه تشديد العقوبات الأميركية والأوروبية على سورية.
٭ تشكل حالة (لوبي) ضد نظام الأسد في الكونغرس الأميركي الذي وبخلاف موقفه من نظام القذافي يسجل موقفا متقدما ويرفع شعارات تستهوي الأميركيين والغرب عموما.
٭ حشر الرئيس بشار الأسد في زاوية الخيارات والقرارات السريعة والواضحة، وتخييره بين الرجوع عن الحسم العسكري فيفسح في المجال وعبر تنازلات جدية أمام تركيا لمساعدته في رسم خريطة الطريق للخروج من الأزمة. أو الاستمرار في الخيار الأمني كوسيلة للبقاء في السلطة، مع ما يتسبب به هذا الموقف من انزلاق للوضع السوري الى الفوضى والمجهول ومن تداعيات سلبية على الاستقرار في المنطقة.
يرى خبراء أميركيون ان النظام السوري أبدى معارضة شرسة للضغوط الدولية وان المواقف الأخيرة الصادرة عن السعودية وتركيا لن يكون لها وقع فوري ولكن استمرار حملة النظام لقمع الاحتجاجات قد يؤدي الى اختراق في حلقة المؤيدين له ويشكل نقطة تحول في مسار الأحداث. هذا النظام آيل الى سقوط ولكن من الصعب جدا التكهن متى وكيف؟! عملية شد الحبال بين النظام السوري وكل من المعارضة الداخلية والموقف الدولي دخلت مرحلة خطيرة ودخل النظام معها مرحلة التطويق والعزل السياسي والاقتصادي مع استبعاد خطط التدخل العسكري والأمني حتى إشعار آخر. أما الادارة الأميركية فإنها حسمت موقفها من نظام الأسد بأنه لم يعد يستطيع الاستمرار ولكن إصدار دعوة علنية صريحة الى التنحي والرحيل يرتبط بأمرين أساسيين: الأول هو إيجاد «البديل المقنع»، والثاني هو توافر الطريقة والآلية التي تلزم الأسد بالرحيل.