حذرت الأمم المتحدة من أن شن النظام لعملية عسكرية واسعة النطاق على محافظة ادلب يمكن أن يؤدي الى «اسوأ كارثة إنسانية» في القرن الحادي والعشرين، فيما يجري مبعوثها ستيفان ديمستورا مشاورات حول «اللجنة الدستورية» في جنيف، وسط انتقادات توجهها له المعارضة بالتركيز على اللجنة الدستورية بدلا من العمل لمنع وقوع تلك «الكارثة».
وقال مارك لوكوك منسق الشؤون الإنسانية والإغاثة في الأمم المتحدة أمس: «يجب أن تكون هناك سبل للتعامل مع هذه المشكلة بحيث لا تتحول الأشهر القليلة المقبلة في إدلب إلى أسوأ كارثة إنسانية مع أكبر خسائر للأرواح في القرن الحادي والعشرين»، حيث يقطن ادلب نحو 3 ملايين مدني بينهم نحو مليون طفل بحسب تقديرات الامم المتحدة.
التحذيرات الأممية، تزامنت مع استمرار قصف النظام لمناطق المعارضة في ريفي حماة وادلب.
وقال ناشطون ان قوات النظام والميليشيات الموالية استهدفت بلدات حيش والتح، إلى جانب جرجناز التي أصيب فيها خمسة أطفال.
ونتيجة للقصف المكثف والمستمر، أعلنت مديرية التربية والتعليم في محافظة إدلب تعليق دوام المدارس في مدينتي خان شيخون ومعرة النعمان.
وفي بيان نشرته المديرية عبر صفحتها الرسمية على فيسبوك، قالت فيه إن قرار تعليق الدوام جاء نتيجة استهداف الطيران الروسي والحربي لمدرسة «حيش» بالصواريخ التي تحمل قنابل عنقودية، ما أدى إلى تدمير أجزاء من المدرسة دون وقوع إصابات.
وبحسبما نقل موقع «عنب بلدي» في ريف إدلب، فإن مدارس عدة تعرضت للقصف في ريف إدلب الجنوبي صباح أمس، وبينها مدرسة النضال والقدس، ما تسبب في إصابة أربعة أشخاص بينهم طفلان.
بدوره، ناشد «مجلس محافظة حماة الحرة» الهيئات الدولية ومنظمات حقوق الإنسان بالوقوف عند التزاماتها بحماية المدنيين الآمنين والضغط على النظام وروسيا بوقف حملتهم الشرسة على «المناطق المحررة في الشمال السوري».
ووجه المجلس نداء استغاثة طارئا للنظر بوضع النازحين الذين هربوا من آلة الموت إلى العراء في مناطق ريف ادلب وضرورة الاستجابة العاجلة لتأمين مستلزماتهم الإنسانية الضرورية.
وأضاف المجلس أن قوات النظام صعدت من قصفها على ريفي حماة الشمالي والغربي بشتى أنواع الأسلحة، حيث لم تهدأ الطائرات المروحية وطيران الاحتلال الروسي والمدفعية الثقيلة وراجمات الصواريخ عن استهداف المدنيين.
وأشار المجلس إلى أن التصعيد العنيف على المدنيين رافقه حركة نزوح مكثفة للمدنيين الى مناطق أقل قصفا حيث تركز معظمهم في مناطق ريف ادلب، كما تعطلت الحياة المعيشية للمدنيين الرافضين للنزوح خاصة في مدينتي اللطامنة وكفر زيتا ومدينة قلعة المضيق وقرى جبل شحشبو وسهل الغاب.
وقد حذرت المجالس المحلية في ريف حماة أمس مما وصفته «خطة روسية خبيثة» تنفذها في مناطق التماس بين مناطق سيطرة قوات المعارضة مع النظام، لتفريغ المدن والبلدات من سكانها من خلال تكثيف القصف ومن ثم التقدم واحتلالها.
وأوضحت المجالس في بيان لها أن مناطق ريف حماة الغربي تتعرض لحملة قصف شرسة وممنهجة منذ عدة أيام سعيا منهم لإفراغ المنطقة من سكانها، ولم يعد خافيا أن هذا الأمر يحمل بعدة سياسية مهمة يحتاج للوقوف عنده والحذر منه.
وبينت المجالس أنه وبعد القمة الثلاثية الأخيرة (تركيا ـ روسيا ـ إيران) وبسبب الموقف التركي الرافض لأي عملية عسكرية على إدلب ونظرا لعدم رغبة الروس في هذه المرحلة بخسارة دولة مهمة كتركيا، فقد بات من المتوقع أن يعمد الروس إلى خطة بديلة تتمثل في تكثيف القصف على المناطق الفاصلة ومناطق التماس والمناطق المحاذية لنقاط المراقبة التركية للضغط على السكان المدنيين وتهجيرهم منها لتصبح فارغة تماما ثم تقوم قوات النظام بالتقدم السيطرة عليها دون قتال، وهو ما سيجعل تركيا عاجزة عن فعل أي شيء.
سياسيا، أكد نائب وزير الخارجية الروسي أوليغ سيرومولوتوف أن أنقرة تطالب موسكو بالامتناع عن استخدام القوة بشكل مكثف لحل مشكلة إدلب السورية.
وأشار سيرومولوتوف، بحسبما نقلت عنه وكالة «سبوتنيك»، إلى أن التحضير للعملية المحتملة على إدلب يجري بعناية وسرية، وبمشاركة جميع الأطراف، وأنه لا الجيش ولا الديبلوماسيون يعلنون عن شيء يتعلق بهذه الأمور.
وجدد اتهام بعض الفصائل بانتاج أسلحة كيميائية، بدعم مادي وفني من الخارج دون أن يوضح مصدر هذا الدعم.
وفيما طبول الحرب تقرع في إدلب ومحيطها، عقد ديمستورا جولة مباحثات غير رسمية مع مسؤولين كبار يمثلون الدول الثلاث الضامنة لاتفاقات استانا لما يسمى بخفض التصعيد، وهي روسيا وتركيا وإيران، لمتابعة بحث تشكيل اللجنة الدستورية.
وأشار بيان صادر عن الأمم المتحدة إلى أن ديمستورا التقى وفد كل دولة على حدة أمس، على أن يلتقي بوفود الدول الثلاث معا اليوم لاستكمال ملف اللجنة الدستورية المعنية بالتوصل لصيغة توافقية لدستور سوري جديد.
كما يلتقي ديمستورا سيلتقي يوم الجمعة المقبل أيضا مع ممثلين عن مجموعة السبعة المعروفة بمجموعة أصدقاء سورية التي تضم الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا ومصر والأردن والسعودية. وكان المبعوث الدولي قد اعتبر تلك الاجتماعات حاسمة على صعيد التوصل إلى تشكيل اللجنة الدستورية السورية وبما قد يسمح بإعادة تنشيط العملية السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة لإيجاد حل سلمي للأزمة السورية.