شن الرئيس الأميركي دونالد ترامب هجوما عنيفا في عدة اتجاهات بخصوص استغلال الولايات المتحدة في مواجهة تنظيم داعش. وطالت الاتهامات الحلفاء الأوروبيين وكذلك الأكراد الذين يهيمنون على قوات سوريا الديموقراطية (قسد)، وكانوا حتى الأمس القريب يقاتلون كرأس حربة في معركة التحالف الدولي ضد التنظيم في سورية.
وفي اطار دفاعه المستمر منذ اصداره قرار سحب القوات الاميركية من شمال شرق سورية، قال ترامب في سلسلة تغريدات على تويتر «لن نخوض اي حرب اخرى بين اناس يتقاتلون من 200 عام». واضاف غامزا من قناة الحلفاء الاوروبيين قائلا «الاوروبيون كانت لديهم الفرصة للذهاب الى هناك لاسترداد مواطنيهم الدواعش المعتقلين هناك. لكنهم لم يشاءوا أن يدفعوا الثمن وقالوا.. لتدفع أميركا».
واتهم الأكراد بأنهم ربما يتعمدون الافراج عن البعض من مسلحي داعش المعتقلين لديهم لـ«حملنا على التدخل. من السهل للغاية أن تعيد تركيا أو الدول الأوروبية التي ينحدر منها الكثيرون أسرهم، لكن ينبغي لهم التحرك بسرعة».
وهدد تركيا الحليف في حلف شمال الاطلسي بعقوبات كبيرة، وقال إن هناك «عقوبات كبيرة على تركيا قادمة». وتساءل «هل يمكن أن نشن حربا على تركيا العضو في «الناتو»؟ واجاب عن نفسه «الحروب اللانهائية يجب أن تنتهي».
وفي سياق الرد على التدخل التركي ضد الاكراد في سورية، أفادت مصادر بأن إدارة الرئيس الأميركي تتهيأ لفرض عقوبات اقتصادية على أنقرة ربما خلال الأسبوع الحالي، لتستخدم بذلك واحدا من الوسائل القليلة التي لاتزال الولايات المتحدة تملكها للضغط على تركيا الشريك حلف شمال الأطلسي «الناتو».
فقد قال مسؤولون بوزارة الدفاع إن استخدام القوة العسكرية الأميركية لمنع الهجوم التركي على المقاتلين الأكراد حلفاء الولايات المتحدة لم يكن قط خيارا مطروحا.
وبعد أن قال وزير الخزانة ستيفن منوتشين الجمعة الماضي إن ترامب أمر بفرض عقوبات جديدة «غاية في القوة» تستهدف تركيا، بدا أن الإدارة تستعد للوفاء بتهديد ترامب بالقضاء على اقتصاد تركيا.
وفي إشارة إلى عضو مجلس الشيوخ الأميركي الموالي لترامب والذي انتقد الرئيس الأسبوع الماضي، قال ترامب في تغريدة على تويتر «أتعامل مع ليندزي غراهام وعدد كبير من أعضاء الكونغرس بما في ذلك ديموقراطيون فيما يتعلق بفرض عقوبات قوية على تركيا».
وقال مسؤول أميركي لرويترز مشترطا الاحتفاظ بسرية هويته إن «العمل يجري على جميع مستويات الحكومة لبدء فرض العقوبات».
ويبذل ترامب جهودا كبيرة لإسكات الانتقادات الشديدة التي ينطلق بعضها من أقرب مؤيديه من الجمهوريين. ويقول أصحاب هذه الانتقادات إنه منح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الضوء الأخضر لشن هجوم على الأكراد عندما قرر سحب عدد صغير من الجنود الأميركيين من المنطقة الحدودية.
ورغم أن العقوبات تبدو أقوى أدوات الردع فمن الممكن أيضا أن تفكر الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون في فرض حظر على مبيعات السلاح وفي التهديد بتقديم مرتكبي جرائم الحرب للمحاكمة.
وقال السيناتورغراهام في تغريدة «قرار صائب من الرئيس دونالد ترامب للعمل مع الكونغرس من أجل فرض عقوبات معوقة ردا على جرائم العدوان/ الحرب الشائنة التي ترتكبها تركيا في سورية». ويكتنف الغموض العقوبات التي وردت في الأمر الصادر الأسبوع الماضي والتي قال منوتشين إنها جاهزة للتنفيذ في أي لحظة ومن غير المعروف أيضا ما إذا كانت بالشدة التي يقترحها أعضاء في الكونغرس.
فقد قدم النائبان الديموقراطي إليوت إنجل رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب ومايك مكول أقدم الأعضاء الجمهوريين في اللجنة مشروع قانون يفرض عقوبات على مسؤولين أتراك ضالعين في العملية العسكرية في سورية وعلى البنوك المشاركة في القطاع الدفاعي في تركيا إلى أن تنهي تركيا عملياتها العسكرية في سورية.
كما يقضي مشروع القانون بوقف إرسال أسلحة إلى القوات التركية في سورية ويلزم الإدارة بتنفيذ عقوبات قائمة على تركيا لقيامها بشراء نظام الدفاع الصاروخي الروسي إس-400.
وردا على الإعلان عن احتمال فرض عقوبات أميركية على تركيا قالت وزارة الخارجية التركية، إن أنقرة سترد على أي خطوات تستهدف التصدي لجهودها في محاربة الإرهاب.
وأبدى الخبراء شكوكا في أن تدفع أي من العقوبات الأميركية أردوغان إلى تغيير رأيه في ضوء اعتقاده الراسخ أن المقاتلين الأكراد في سورية يهددون الأمن الوطني التركي ولأن أنقرة تعتبرهم فرعا لحزب العمال الكردستاني.
وقال آرون ستاين مدير برنامج الشرق الأوسط في معهد أبحاث السياسة الخارجية «هذا فشل ذريع من ناحية الولايات المتحدة».
وأضاف ستاين أن الحكومة السورية أو روسيا هي التي قد تتمكن من وقف العملية التركية لا العقوبات الأميركية.
وقال «الشيء الوحيد الذي سيوقفهم هو إذا تحرك النظام أو الروس بأعداد كبيرة إلى حيث يقفون».