- الاقتصاد العالمي يمر بحقبة خطيرة وإبعاد السياسة عن سوق النفط.. ضرورة
- لا أحد يسأل كيف يمكن أن تخلق وظائف لنصف مليون قادم لسوق العمل في 20 سنة وتوفر خدماتهم الأساسية؟
قال تقرير «الشال» الأسبوعي انه على عكس المبررات السياسية التي تدعم ارتفاع أسعار النفط فان الاقتصاد العالمي يمر بحقبة هي الأخطر منذ أزمة العالم المالية في سبتمبر من عام 2008 والتي أدت حينها إلى هبوط أسعار برميل النفط الأميركي (wti) من مستوى 145.31 دولارا إلى نحو 30.28 دولارا ما بين 3 يوليو و23 ديسمبر 2008.
ومازالت أساسيات سوق النفط من دون تغيير على المدى المتوسط إلى الطويل إذ مازال أي انخفاض غير مبرر لأسعار النفط وعلى مدى زمني معقول دعوة للإسراف في حرق النفط ونتيجته الحتمية عجز العرض عن مواجهة الطلب وارتفاع غير محتمل في أسعاره لاحقا.
والارتفاع غير المبرر لأسعار النفط سوف يؤدي حتما إلى تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي على المدى المتوسط وعلى المدى الطويل سوف يعني ارتفاع احتمالات الاستغناء عن النفط بإيجاد بدائل اقتصادية أرخص وأقل تلويثا للبيئة.
وأكد التقرير ان من مصلحة الطرفين إبعاد أثر السياسة عن سوق النفط قدر الإمكان وخاصة من قبل المنتجين وأكثرهم لا يملكون غير النفط موردا للنقد الأجنبي ولابد للمستهلكين من فهم أن أي سعر دون السعر العادل هو سعر ظالم وحرق لثروة ناضبة لن تعوض.
وربما الأسعار ما بين 75 ـ 85 دولارا حاليا تعتبر أسعارا عادلة للطرفين في الوقت الحاضر فهي لن تؤذي احتمالات استمرار النمو الموجب للاقتصاد العالمي أو استنزاف قدرات الدول المستهلكة الصغيرة أو دعم ارتفاع أسعار المواد الأولية كما انها ستحافظ على فوائض معقولة في موازين المنتجين الداخلية والخارجية وتظل مشجعة على الاستثمار في زيادة طاقة الإنتاج. وتبقى الكويت استثناء تحتاج إلى علاج داخلي. وعند حدود هذا السعر لا تبقى هناك حاجة لتصعيد المواجهة السياسية بين المستهلكين والمنتجين والتي بدأنا نرى بوادرها غير الصحية وأي تصعيد من أي طرف لن يكون قرارا حكيما.
وأضاف التقرير انه وبانتهاء شهر يونيو 2011 يكون قد انقضى الربع الأول من السنة المالية الحالية 2011/2012 وظلت أسعار النفط الكويتي خلال معظمه مرتفعة حتى بدأت بالتراخي والهبوط في آخر أسبوعين منه وكسرت حاجز الـ 100 دولار وقد تستمر في الهبوط لفترة قصيرة قادمة. وبلغ معدل سعر برميل النفط الكويتي لشهر يونيو معظمه نحو 107 دولارات للبرميل وعليه فقد بلغ معدل سعر برميل النفط الكويتي للربع الأول من السنة المالية الحالية نحو 110 دولارات مع العلم أن معدل شهر ابريل كان أعلى معدل لسعر برميل النفط الكويتي عند نحو 115.6 دولارا.
ومعدل الربع الأول من السنة المالية يزيد بنحو 50 دولارا للبرميل أي بما نسبته 83.3% عن السعر الافتراضي الجديد المقدر في الموازنة الحالية والبالغ 60 دولارا للبرميل مما سينعكس إيجابا على الإيرادات النفطية.
وكان معدل شهر يونيو 2010 من السنة المالية الفائتة 2010/2011 قد بلغ نحو 72.1 دولارا للبرميل. وكانت السنة المالية الفائتة 2010/2011 التي انتهت بنهاية مارس الفائت قد حققت لبرميل النفط الكويتي معدل سعر بلغ نحو 81.9 دولارا.
وافترض التقرير أن تكون الكويت قد حققت إيرادات نفطية خلال الربع الأول بما قيمته 6 مليارات دينار وإذا افترضنا استمرار مستويي الإنتاج والأسعار على حاليهما ـ وهو افتراض في جانب الأسعار على الأقل لا علاقة له بالواقع ـ فإن من المتوقع أن تبلغ قيمة الإيرادات النفطية المحتملة للسنة المالية الحالية بمجملها نحو 24 مليار دينار وهي قيمة أعلى بنحو 11.7 مليار دينار عن تلك المقدرة في الموازنة.
ومع إضافة نحو 1.1 مليار دينار إيرادات غير نفطية ستبلغ جملة إيرادات الموازنة للسنة المالية الحالية نحو 25.1 مليار دينار.
وبمقارنة هذا الرقم باعتمادات المصروفات البالغة نحو 17.9 مليار دينار والتي ارتفعت بعد إقرار بعض النفقات الأخرى إلى نحو 19.435 مليار دينار ستكون النتيجة تحقيق فائض افتراضي في الموازنة يقارب 5.7 مليارات دينار لمجمل السنة المالية 2011/2012.
موازنة 2011/2012
وقال التقرير يبدو أن الموازنة العامة للدولة حجما ومدى زمنيا ومحتوى هي آخر أولويات السلطتين التنفيذية والتشريعية فهي دائما تضخم بمطالب شعبوية ولسنة واحدة فقط وتتأخر كثيرا عن موعد إقرارها الدستوري ثم تسلق تحت ضغط انفضاض دور الانعقاد ولا يمكن قراءة أي هدف لها غير توزيع الثروة من دون تنميتها.
وانفض دور الانعقاد نهاية الأسبوع الفائت بموازنة بلغت مصروفاتها المقدرة نحو 19.435 مليار دينار كويتي بزيادة نسبتها 11.3% عن اعتمادات السنة المالية الفائتة بما يعنيه ذلك من ارتفاع سعر التعادل للموازنة عند مستوى تصدير نحو 2.2 مليون برميل يوميا (الإنتاج يتراوح بين 2.5-2.7 مليون برميل يوميا) إلى نحو 88 دولارا للبرميل.
ولم يناقش أحد مثلا لماذا تتخلف الكويت تعليميا كثيرا في العلوم وهي أساس صناعة الإنسان الصغير لمواجهة تحديات المستقبل في حين تبلغ النفقات على التعليم مستويات الدول المتقدمة ولكن الجميع حريصون على رشوة المعلمين من دون ربطهم بكفاءتهم لأنهم أكبر كتلة وظيفية وهو المقترح الذي حاز 42 صوتا بنقص صوتين لتمريره يوم الثلاثاء الفائت.
وما ينسحب على التعليم ينسحب على الخدمات العامة الأخرى كلها فالمواطن متلقي الخدمات يتلقى أسوأها مقابل دفعه من ثروته الناضبة أعلى تكلفة لها والكل مواطن والضائعان هما الوطن وصغاره.
ولا أحد يسأل كيف يمكن أن تخلق وظائف لنصف مليون قادم لسوق العمل في 20 سنة وتوفر خدماتهم الأساسية ونحن نرفع النفقات العامة إلى مستويات سوف نعجز قريبا عن المحافظة على الوفاء بها؟
ونعتقد أن ذلك يتوافق مع الالتزام بقانون الخطة التنموية ويمكن أن يأخذ إقرار تلك الموازنات حقه كاملا من النقاش الهادئ والمسبق ويمكن أن توظف الموازنات لتحقيق أهداف محددة وملزمة ومنها خلق فرص العمل الحقيقية ونعتقد أنه سيوفر الكثير من احتمالات الاحتكاك بين المجلس والحكومة كما أنه سيتيح المزيد من الوقت لتفرغ المجلس والحكومة لقضايا أكثر أهمية.
النفط والسياسة
الى ذلك، عاد النفط إلى حلبة المواجهة السياسية بعد رفض أوپيك زيادة إنتاجها رسميا في اجتماعها الأخير في 08/06/2011 الذي قابلته وكالة الطاقة الدولية بالإفراج عن 60 مليون برميل على مدى 30 يوما من الاحتياطيات النفطية لدولها الأعضاء ما أدى إلى هبوط حاد لفترة محدودة في أسعار النفط.
وكانت المنظمتان قد دخلتا حرب تكسير عظام خلال الفترة ما بين عام 1974 ـ عام إنشاء وكالة الطاقة الدولية أو اتحاد المستهلكين ـ وعام 1986 كانت نتائجها أليمة على أداء الاقتصاد العالمي ثم انتهت بانهيار أوپيك في ديسمبر 1985 حتى قام نائب الرئيس الأميركي في عام 1986 ـ جورج بوش الأب ـ بإعادة ترميمها في عام 1986 بعد زيارته لدول رئيسة فيها.
ورغم أن قرار أوپيك بالزيادة أو عدمها لا أثر له على واقع عرض النفط لأن زيادة الإنتاج قرار اتخذه من يملك طاقة إنتاج فائضة في أوپيك وكان في حيز التنفيذ قبل اجتماعها والإفراج عن الاحتياطيات بمعدل 2 مليون برميل يوميا ليس كبيرا ولا يمكن أن يستمر هو وأثره سوى على المدى القصير إلا أنهما قراران قصدا التأثير النفسي.
وسوف يظل سوق النفط مضطربا لأن ما يحدث لا يمكن مواجهته نفسيا أو على المدى القصير فالصادرات النفطية الليبية فقدت بالكامل ومعها اليمنية والسورية على قلتهما ومعامل الإحلال بين فاقد الإنتاج والمتوافر من فائض الطاقة ليس متطابقا.
ولا تلوح نهاية قريبة للربيع العربي والمخاطر قائمة لاحتمالات امتداده ما لم تتخذ إجراءات وخطوات عملية لاجتناب عنفه في الدول العربية الأخرى التي ظلت هادئة نسبيا.