باهي أحمد
ظهرت في الآونة الأخيرة العديد من حالات النصب والاحتيال تحت مسمى «التداول بالفوركس» والتي توهم العديد بحلم الثراء السريع تحت شعارات رنانة وذلك بالكسب السريع ومضاعفة محفظة التمويل لعدة مرات لجذب اكبر قدر من المتداولين، وبالتالي عند حدوث خسائر وهزات مالية فإن المتداول هو كبش الفداء مما يجعله يتعرض للإفلاس. وسوق الفوركس أو سوق تبادل العملات الأجنبية وبالإنجليزية Forex ـ وهي اختصار Foreign Exchange ـ تعتبر ذات مخاطر عالية للغاية ولا ينصح بالدخول لها لغير المختصين لأنها تستخدم في الأساس للتحوط ضد مخاطر أسعار الصرف من قبل التجار والمستوردين للاستفادة من التقلبات التي تجري على العملات الرئيسية مقابل الدولار الأميركي، ولا تستخدم بحد ذاتها للمضاربة لأن في ذلك مخاطر عالية لغير المختصين، لذا يسعى أصحاب هذه الشركات لتسويق هذا النشاط كنشاط استثماري مغر للمستثمرين الأفراد قليلي الخبرة مما يكبدهم خسارة كبيرة والبعض منهم يخسر كامل استثماره في هذا السوق في يوم أو أقل. «الأنباء» استطلعت آراء الخبراء والشركات العاملة في الفوركس، بالاضافة إلى حالات تعرضت الى النصب وضياع أموالها حيث أجمعوا على انه مع انتشار التقنية بشكل كبير أصبحت الكثير من هذه الشركات الأجنبية تحاول إغراء زبائنها بالأسواق المحلية من دون وجود ترخيص رسمي عن طريق المواقع الإلكترونية وذلك بالكسب السريع ومضاعفة محفظة التمويل لعدة مرات لجذب أكبر قدر من المتداولين.
النفيس: خسرت 10 آلاف دينار من خلال استدراجي بصفقة خاصة وربح مضمونالغباري: 90% من شركات الفوركس في الكويت.. وهمية ونصابة
في هذا السياق قال الخبراء: ان كل متداول بالسوق المحلي عليه ان يتأكد من الشركات الأجنبية التي يتعامل معها بوجود ترخيص لها بمزاولة العمل والاطلاع على العقود وعرضها على مستشارين قانونيين لمعرفة أبعاد هذه الخطوة الاستثمارية ومعرفة الحقوق، كون غالبية هذه الشركات الأجنبية تعتمد على عامل الإغراء المالي، مما يجعل الكثير من المتداولين بالسوق المحلي وغيرها من الأسواق يقعون بالفخ، مشيرين إلى ان تلك الشركات تتمركز معظمها في دولتين، هما اسرائيل وقبرص بسبب عدم وجود ضرائب على تلك الشركات.
تبخر الأموال
قضايا النصب عديدة والأموال التي تبخرت بالآلاف وهذا ما ترويه لنا المتداولة م.هنوف النفيس التي قالت لـ«الأنباء» ان احدى شركات الفوركس في الكويت استدرجتها بالربح السريع بعد أن قامت باستثمار مبلغ بسيط 300 دينار في البداية وأوحت لها أنها ربحت من تلك الأموال وتضاعف المبلغ، ليأتيها تلفون من الشركة يخبرها بأن تضع أموالها في صفقة خاصة على الجنيه الاسترليني وبالفعل قمت باستثمار 10 آلاف دينار، لتفاجأ بعد شهر بأن رصيدها هو صفر وعند التواصل مع الشركة لم يكن هناك إجابة لفترات طويلة إلى أن يئست وعلمت أن أموالها ذهبت هباء.
واستعرضت النفيس العديد من قضايا النصب التي تعرض لها بعض الاشخاص، ولعل أبرزها أن هناك احدى الشركات قامت بالنصب على سيدة أرملة لديها 5 أطفال بمبلغ يقدر بـ23 ألف دينار حيث تم النصب عليها بعد الحصول على جميع أموالها.
وشددت النفيس على أن لديها العديد من الحالات التي تم النصب عليها، لذلك وجب أن تقوم الجهات المعنية في الدولة بالتوعية للمتداولين على ألا يتعرضوا لحالات من النصب مستقبلا، خاصة أن معظم الحالات التي تتعرض للنصب لا تكون لديها دراية كبيرة بمتطلبات التداول كما أنه ينقصها التوعية والعديد من الأمور.
سوق تريليوني
ولمعرفة ذلك السوق وحجم المخاطر التي ينطوى عليها ذلك الاستثمار، قال الرئيس التنفيذي لشركة الأكاديمية الاقتصادية والخبير في الأسواق العالمية د.محمد الغباري إن حجم التداول على الفوركس يبلغ 5.7 تريليونات دولار حول العالم وإن أبرز التحديات التي يواجهها الطمع من قبل المتداولين لتحقيق أرباح دون دراية كافية بالسوق.
وأوضح أن السوق الكويتي يعد من أنشط الأسواق العربية، حيث يقوم بتقديم ندوات ومحاضرات للتوعية في تداولات «الفوركس»، وعلى النقيض فإن هناك العديد من الشركات وقد تصل نسبتها إلى 90% منها تعد شركات وهمية ونصابة وتستغل طمع بعض المتداولين بتحقيق ثراء سريع من خلال التداول على العملات.
مشاكل الفوركس
أكد د.الغباري أن الفوركس يعاني في الكويت من نوعين من المشاكل أولها هي توظيف بعض الشركات لأشخاص تحت مسمى (مديري حسابات) وظيفتهم ادارة أموال الناس بطريقة عشوائية وهدفها تحقيق المكاسب للشركة قبل تحقيق المكاسب للعميل، والمشكلة الثانية كثرة الأشخاص الذين يعتبرون وسطاء بين المستثمرين والشركات العالمية أو الشركات التي لا تملك رخصة وساطة بموجب القانون الكويتي وتزاول أعمالها من دون أي رقابة.
آليات النصب
بدوره، أكد مستشار التحليل الفني لأسواق المال العربية والعالمية إبراهيم الفيلكاوي أن هناك آليات للنصب على المتداولين، ففي البداية عندما يقوم المتداول «الضحية» قراءة الإيميل المرسل له أو الرسالة المرسلة له من خلال الشركة الوهمية وعند قيامه بالاتصال بتلك الشركات فبداية يقوم بالتواصل معه شخص يعرف بنفسه على أنه مدير مالي متخصص في الفوركس وسيقوم بإعطائه خطة بسيطة من خلال إحدى الموظفات التي تعمل لديهم في الشركة إذا كان «الضحية» من الذكور بهدف وضع إغراء له للاستثمار واستمرار عملية النصب يتم من تحفيزه لوضع مبلغ مالي بسيط لا يتجاوز 100 دينار فقط في البداية للاستثمار وليرى بعينه أن تلك الشركة صادقة معه وأنها ستقوم باستثمار أمواله ومضاعفتها.
وأضاف: «عند زرع الثقة في نفس المتداول بهدف إعطائه جميع البيانات المالية الخاصة به من أرقام حسابه وبياناته تقوم تلك الشركة بالاستيلاء على جميع الأموال في تلك البطاقات فورا، أما ما يتعلق بالآلية الثانية فتعتمد على سياسة الترغيب والنفس الطويل مع المتداول بحيث في البداية عندما يقوم المتداول بتحويل 100 دينار من حسابه لتلك الشركة تقوم الشركة من خلال شاشة وهمية بإيحائه بأنها أصبحت 500 دينار ما يدفعه لزيادة المبلغ بحيث يقوم بإيداع 500 دينار ثم تقوم بتحويلها لـ 5 آلاف دينار إلى أن يطالب المتداول بأمواله، حينها يطلبون منه تزويدهم بالبيانات الخاصة به ويستمرون في المماطلة معه إلى أن يقوموا بعدم الرد عليه وبعدها حظره نهائيا، وتلك الطريقة تعد الطريقة الأكثر اتباعا في عالم الفوركس».
5 نصائح للمتداولين
قدم الخبراء الاقتصاديون والمتداولون خلاصة خبراتهم في تداول الفوركس كالتالي:
1 ـ لا تتسرع أبدا، فالطمع وعدم الدراية الكافية بالسوق من أهم أسباب الخسارة.
2 ـ لا تتداول بأموال أنت بحاجة إليها.. وإنما تداول بأموال فائضة عن احتياجاتك الرئيسية.
3 ـ التداول في سوق الفوركس لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون عشوائيا، فالمتاجرة العشوائية من دون قواعد وأسس استثمار صحيحة نهايتها المؤكدة هي خسارة أموالك، ننصحك بالتعلم والتطبيق الناجح لما تتعلمه قبل أن تبدأ في التداول الفعلي بأموالك.
4 ـ التداول في سوق الفوركس من أكثر المجالات الاستثمارية خطورة، فكما أن فرص الربح غير متناهية فإن احتمالات الخسارة غير متناهية.
5 ـ لا تفكر في نظرية الثراء السريع، لأن الاستثمار في الفوركس عادة ما يعرضك لخسارة جميع أموالك.