- رئيس مؤسسة عبدالعزيز البابطين الثقافية أكد أن العالم يعيش واقعاً مؤلماً بوجود حروب مدمرة وأوضاع هشّة في عدد من الدول
- البابطين: نسير على نهج ورؤية صاحب السمو لتعزيز ثقافة السلام
- العازمي: تضافر الجهود ومضاعفة الطاقات لصنع السلام عبر آليات تربوية مختلفة
لاهاي - زينة بن زريق
انطلقت في مدينة لاهاي الهولندية أمس الخميس أعمال المنتدى العالمي لثقافة السلام الذي يهدف الى تعليم السلام وحماية التراث الثقافي العالمي بمشاركة رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم على رأس وفد برلماني وحضور شخصيات سياسية وأكاديمية وثقافية من مختلف أنحاء العالم. واستمر المنتدى الذي نظمته مؤسسة عبدالعزيز سعود البابطين الثقافية يوما واحدا، حيث بحث خلاله المشاركون سبل حماية التراث الثقافي وتنمية ثقافة السلام.
بدوره، أكد رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم ان العقيدة السياسية الكويتية التي دشن أسسها صاحب السمو الأمير تقضي بقيام الكويت كدولة صغيرة بالاستثمار في السلام بوصفه خيارا استراتيجيا.
وأضاف الغانم ان الكويت تريد ان تنتصر في معارك السلام لأنها تملك رصيدا أخلاقيا يساعدها على ذلك ولأنها من الناحية المبدئية غير راغبة في خوض المغامرات السياسية التي لا تعرف عواقبها.
وقال الغانم خلال الجلسة الختامية للمنتدى: «نحن في الكويت نريد ان نراكم الأصدقاء لا الأعداء لأننا نؤمن بان الاحتراب والتنازع هما خيار الفاشلين سياسيا وديدن الموتورين والمنفعلين ونؤمن انه في أجواء الحرب يتم وأد الديموقراطيات ومكاسب الإنسان الحقوقية التي ناضل قرونا لتعزيزها وتموت فرص التنمية وتتلاشي إمكانيات التواصل الثقافي ويتوقف البناء». وأضاف: «الحرب ليست لعبة ولا تسلية لقد جربنا في الكويت أثر الآلة العسكرية وقدرتها التخريبية ولا نريد لغيرنا ان يخوض ذات التجربة المريرة». وقال الغانم: «من أجل السلام ولا غيره استضافت الكويت بتوجيهات من صاحب السمو الأمير 3 مؤتمرات دولية للمانحين في سورية إضافة الى ترؤسها للمؤتمر الرابع الذي عقد في لندن، ومن أجل السلام استضافت الكويت مؤتمرا دوليا واسعا من أجل إعادة إعمار ما دمره الإرهاب في العراق.. العراق الذي احتل بلدي قبل 29 عاما». ومضى الغانم قائلا: «ومن أجل السلام استضافت الكويت على مدى شهرين المفاوضات السياسية بين الفرقاء في اليمن إضافة الى رعايتها للمفاوضات لاحقا في ستوكهولم».
وأضاف: «ومن اجل السلام ولا شيء غير السلام تقف الكويت موقفا مبدئيا ثابتا وصامدا ضد كل جرائم الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني الأعزل».
وقال رئيس مجلس الأمة الكويتي: «نعم أيها الإخوة نحن في الكويت ندعم ودون كلل او ملل كل الجهود الإقليمية والدولية التي تصب في صالح استتباب السلام في مناطق الصراع المختلفة».
وأضاف: «نحن ندعم الحلول السياسية السلمية القائمة على التحاور في سورية واليمن وليبيا والسودان وأفغانستان وغيرها مثلما ندعم الحوار السياسي المفتوح والشفاف لحل الأزمة العابرة بين الأشقاء في مجلس التعاون الخليجي».
وقال: «هذه عقيدتنا السياسية التي دشنها سمو الأمير عبر عقود من الزمن ونحن ماضون بها ونعمل وفق مقتضياتها».
وتطرق الغانم في كلمته الى مفهوم الحرب والسلام قائلا: «أنا لا أحبذ الحديث عن السلام بوصفه بديلا ومقابلا للحرب ولا أستسيغ فكرة وضع السلام والحرب في ثنائية متقابلة كالليل والنهار أو الشر والخير أو اليمين واليسار لأنني رافض لمبدأ مناصفة هذين الخيارين».
وأضاف ان «مرد هذا الرفض هو قناعتي وايماني بأن السلام هو خيارنا الوحيد للعيش ولأنني مؤمن (وان اتهمت بأنني حالم) بأن الحرب استثناء عابر وارتجال عرضي وخروج مؤقت على نص الحياة». واستدرك الغانم قائلا: «ولكن وبرغم قناعتي تلك إلا أنني دائما ما أكون مسكونا بالقلق إزاء هذا الاستثناء.. استثناء الحرب والدم لأنني اعرف ان العمل من اجل السلام وترسيخه يحتاج على الدوم الى ملايين من الحكماء والعقلاء والناضجين بينما خيار إشعال حرب لا تبقي ولا تذر لا يحتاج أحيانا إلا الى شخص أحمق». وقال: «المجرم صدام حسين بمفرده أشعل حربا وانشغل بعده ملايين من الكويتيين والعراقيين بعرقهم ودمهم من أجل ترسيخ سلامهم الذي يستحقونه كبشر وهتلر فعل ذات الشي لينشغل الألمان بعده في العمل حثيثا لعقود من الزمن من أجل ترميم ما هدمه هتلر في لحظة».
وقال الغانم: «هذا القلق هو ما يدعوني دائما الى التحذير من الأجواء المستنقعية التي يكثر فيها دعاة الصراع وقارعو طبول الحرب وهذا القلق هو الذي يجعلنا في الكويت وعلى رأسنا صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد نعمل بشكل حثيث من أجل تفادي الاحترابات والنزاعات المسلحة».
وأضاف: أن «سمو الأمير طالما علق الجرس خلال السنوات الماضية محذرا من ويلات الدخول في صراعات ونزاعات مسلحة كان يمكن تفاديها.. نعم يمكن تفاديها لو اعطينا للجهد الديبلوماسي والسياسي فرصة أخرى وآمنا قليلا ان الفعل السياسي يغلب الانفعال لو تريثنا قليلا».
ومضى قائلا: «هل أحتاج الى ان أذكركم بما كان يقوله سمو الأمير منذ العام 2011 عندما اندلع الصراع في سورية.. سموه ما انفك ينادي بالحل السياسي ويؤكد على ان خيار الحسم العسكري مكلف ومتعذر».
وزاد: «لقد كان سموه يقول هذا الكلام في الوقت الذي كان البعض ينظر للحسم العسكري سواء مع هذا الطرف أو ذاك وها نحن اليوم في العام 2019 نسمع الكل ينادي بالحل السياسي».
وقال: «وسؤالي هنا: هل كنا بحاجة إلى ثماني سنوات من الرعب والقتل والتهجير والإرهاب لنعرف ان الحل هناك هو حل سياسي؟».
واختتم الغانم كلمته بتوجيه الشكر الجزيل لمؤسسة البابطين الثقافية وعلى رأسها الأستاذ السيد عبدالعزيز سعود البابطين ولجميع الشركاء الدوليين على المساهمة المميزة والفاعلة لإنجاح المنتدى العالمي لثقافة السلام. وكان الغانم وصل الى مدينة لاهاي امس الأول الاربعاء للمشاركة في المنتدى. ورافق الغانم خلال مشاركته في المنتدى النائبان عبدالوهاب البابطين وعمر الطبطبائي.
استلهام القيم
من جانبه قال وزير التربية ووزير التعليم العالي د. حامد العازمي: إن التعليم في أشهر تعريفاته وأبسطها عملية تغيير شبه دائم في سلوك الفرد المتعلم.
وقال العازمي في كلمته بالمنتدى: ان ميدان التعليم خير سبيل موصل إلى استلهام القيم الإنسانية الرفيعة التي يمثلها الناشئ وتكبر معه شيئا فشيئا. واضاف ان «قيم السلام السامية التي يعد تحقيقها رسالة هذا المنتدى الكريم هي من أعظم القيم التي يحتاجها العالم بصورة ملحة في هذا الوقت العصيب الذي طغت عليه النزاعات المدمرة وتعالت فيه أصوات آلات الحرب». وشدد على ضرورة المسارعة بجدية لمعالجة هذا الوضع المضطرب على صعد عدة يأتي التعليم على رأسها وضمن أول أولوياتها.
واشار الى دور التعليم في نشر ثقافة السلام ونبذ الكراهية والعداوات مؤكدا ضرورة تضافر الجهود ومضاعفة الطاقات لصنع السلام وذلك من خلال آليات تربوية مختلفة تكون على قدر من الكفاءة والفاعلية.
وقال انه من المهم ايضا تعزيز قيمة حرية التعبير لنشر ثقافة السلام «فالمجتمعات التي تكمم فيها الافواه لا يمكن ان تنعم بالسلام» مؤكدا ان الايمان بحرية الاخرين هو اللبنة الاساسية في بناء مجتمع انساني متآخ يسوده مناخ الود وروح الصفاء.
واضاف ان تحقيق تلك الغايات يتطلب من مؤسسات التعليم المختلفة العمل بجدية وكفاءة على إعداد الكوادر اللازمة للنهوض بها من معلمين واختصاصيين ومدربين وكوادر مساعدة مؤهلين.
وأوضح ان تحقيق تلك الغايات يتطلب كذلك إعداد مناهج دراسية تضع نصب عينها تلك الغايات النبيلة وتعمل من خلال العملية التعليمية على تحويلها من توصيات وتوجهات إلى واقع ملموس نقطف ثماره في فترة معقولة.
ثقافة السلام
بدوره، قال رئيس مؤسسة عبدالعزيز سعود البابطين الثقافية عبدالعزيز البابطين ان المنتدى العالمي لثقافة السلام هو مباركة من صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد قائد العمل الإنساني الذي نسير على نهجه ونتبع رؤيته.
وأضاف البابطين في كلمته خلال المنتدى ان هذا المنتدى هو ثمرة لمبادراتنا باسم المؤسسة حول «ثقافة السلام من اجل امن اجيال المستقبل» التي تم تقديمها في جلستين متتاليتين إلى الجمعية العامة للامم المتحدة بهدف تدريس مبادئ ثقافة السلام العادل بين الطلبة من الحضانة الى الجامعة. وذكر أن المؤسسة عرضت حينها (المنهج النموذج) الذي أعدته وتمت الموافقة عليه وإقراره بالإجماع.
وبين أن المؤسسة قامت الى جانب لجنة دولية وخبراء من العالم بإعداد هذه المناهج الخاصة بذلك وعددها 17 منهجا والتي تقوم على الأفكار التي تم طرحها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وقال البابطين إن العالم يعيش واقعا مؤلما، حيث الحروب المدمرة والأوضاع الهشّة في عدد من دول العالم والمجتمعات وبسببها أصبح السلم الاجتماعي في خطر متفاقم وتعرض التراث الثقافي الإنساني الى تدمير متعمد ومقصود. وقال ان موضوع الدورة الأولى لهذا المنتدى هو تدريس ثقافة السلام وحماية التراث الثقافي، لاسيما في العراق واليمن. كما ركز المنتدى على جمهورية افريقيا الوسطى من اجل تدريس ثقافة السلام بعد تعرض السلم الأهلي فيها الى انتهاكات كبرى تجاوزتها بسلام. وبين ان المؤسسة أقامت سلسلة من دوراتها وندواتها الخاصة حول موضوع حوار الحضارات والتعايش بين الأديان بعدد من دول العالم.
وأشار الى عقد المؤسسة لدورتها الـ 11 في عام 2008 في الكويت برعاية صاحب السمو الأمير بعنوان (ثقافات ومصالح) من محورين هما محور صراع المصالح وتأثيره في المشهد الثقافي العالمي ومحور حوار الثقافات طريقة إلى حل القضايا.
وأكد ان الهدف الأسمى لهم هو إرساء مبدأ الحوار والتفاهم بين الثقافات الإنسانية والأديان المختلفة ومن أجل إنهاء النزاعات المذهبية والعرقية وإعلاء قيم الحق والتعاون والسلم بين شعوب الأرض. ودعا البابطين للعمل على تجفيف منابع الإرهاب والظلم كالذي يقع على الشعب الفلسطيني لكي ينعم العالم بسلام دائم.
عاصمة السلام
من جهتها، قالت ممثلة الحكومة الهولندية ووكلية وزارة الخارجية جوك برندت: اننا نرحب باسم الحكومة الهولندية بالجميع في قلب مدينة لاهاي عاصمة السلام ويشرفنا الترحيب رئيس مؤسسة عبدالعزيز البابطين في هذا المكان المميز الذي له مكانة تاريخية ومرموقة.
وزادت: في العام 1954 تم توقيع اتفاقية حماية الملكية الفكرية لحماية الثقافة الفكرية والتراثية جاءت بعد الحربين العالميتين لحماية التراث العالمي في لاهاي مقر محكمة العدل الدولية وتم الحكم على بعض الأشخاص لتسببهم في تدمير التراث العالمي. ولقد ساهمت هولندا بشكل كبير في القضاء على الاتجار بالتراث وندعم عدة مشاريع لمساهمة في حماية التراث ونأمل ان تنضم إلينا الدول وعلينا ان نحمي التراث، مؤكدة ان المباني التاريخية والأرشيف يشكلان الذاكرة الجماعية لنا ويساعدنا على رسم المستقبل ويساعد على بناء الهوية لان التراث مهمة جدا لدينا.
وقالت ممثلة الحكومة الهولندية إن داعش قامت بتدمير الكثير من الاماكن في العراق واليمن وهذا يتطلب لاتخاذ إجراءات لمكافحة هذه الأمور لذلك نأمل في الحكومة الهولندية دعم الصناديق المالية ومعنا عدد من المؤسسات لحماية التراث الثقافي وهذا المؤتمر اليوم يشكل خطوة مهمة لحماية التراث العالمي ونشكر مؤسسة البابطين على وضع التراث العالمي ونتعاون معهم.
من جانبه، أكد رئيس مؤسسة كارينجي قصر السلام إيريك دي باديتس على أهمية إقامة المنتدى بمشاركة العديد من السياسيين والقادة والمشاركين من العالم والشرق الأوسط، مشيرا الى منطقة الشرق الأوسط تشكل مصدر قلق للعالم لما يحدث فيه من انتهاكات في بعض دولها، موضحا دور السلام في لتهدئة الأوضاع. واستطرد قائلا: لن أتحدث عن الدين على الرغم من نظرة الكثيرين على أنه مصدر الخلافات، لكنهم لا يدركون أنه مصدر الإلهام مهما اختلفت مسميات المذاهب التي ننتمي إليها، وأشار إلى دعوة مؤسسة «كارينجي» للقادة الروحين لمناقشة نشر السلام في العالم.
وأوضح باديتس انهم يتحدثون يوميا عن السلام داخل مقر المؤسسة بالمحكمة، لإيجاد طرق سلمية لحل النزاعات. ولفت الى أن تأسيس المحكة الدولية وبناء قصر السلام كان بدعم من الرجل الثري كارينجي، الذي أراد أن تكون هناك مكتبة للسلام وتبرع بكامل ثروته لتحقيق ذلك، ويعد الهولندي الوحيد الحائز جائزة نوبل للسلام، وتحوي المؤسسة الى الآن أكثر من مليون منشور لحل النزاعات حول العالم.
وبين أنه وقع الاختيار على قصر السلام ليكون مقرا لمحكمة العدل الدولية من قبل عصبة الأمم «الأمم المتحدة» حاليا، مؤكدا ان قصر السلام مقر ومعلم تاريخي ذو سمة ثقافية أوروبية وتدعمه العديد من دول العالم التي تسعى لنشر السلام.
جورج فيلا: تنظيم النسخة المقبلة من المنتدى في مالطا
المشاركون في الجلسة الأولى: دور كبير للتربية والتعليم في حماية التراث الثقافي
الجبري لجعل ثقافة السلام صيغة تعليمية فاعلة لتربية الأجيال
بالفيديو.. الفيصل: إيران لم تكف عن تدخلاتها وتخريبها في المنطقة
عمرو موسى: منتدى لاهاي يحمل رسائل سامية
رئيس مجلس الأمة بحث مع رئيسي مالطا وأفريقيا الوسطى علاقات التعاون والصداقة
إقبال الأحمد: تطبيق توصيات منتدى لاهاي «فوراً»