-
المحامية العنود الهاجري: لا يجب حصر عمل المرأة القاضية في قضايا الأحوال الشخصية
- «الفتوى والتشريع» استندت في مخاصمتها لي إلى محاذير شرعية لا قانونية
أمير زكي
قوبل خبر موافقة مجلس القضاء على تعيين المرأة «وكيل نيابة» و«قاضية» بعدد من ردود الأفعال المتضاربة، ففي حين رحبت أوساط سياسية بالقرار معتبرة انه إنصاف للمرأة كما أعلنت جمعية الخريجين ترحيبها بالقرار على لسان رئيسها سعود العنزي معتبرا أن القرار يعد إنصافاً للمرأة وخطوة مهمة لتعزيز مدنية الدولة، حذر نواب من ان دخول المرأة لسلك القضاء يحتاج الى بحث شرعي، وهو ما تمثل في تصريحات النائبين د.علي العمير ود.وليد الطبطبائي معتبرين أن الأمر لا يزال بحاجة إلى اخذ رأي العلماء بهذا الخصوص، في حين أعلن عضوا مجلس 2012 المبطل عمار العجمي وعبداللطيف العميري ان القضية شرعية وليست سياسية.
إلى ذلك تحدثت «الأنباء» إلى المحامية العنود الهاجري التي كانت أول من قامت برفع قضية في العام 2009 مختصمة وزير العدل لإلحاق خريجة الحقوق شروق الفيلكاوي بسلك النيابة، وأشارت الهاجري الى انه كان لقضيتها دور في تحريك قضية دخول المرأة إلى سلك القضاء، وقالت الهاجري في لقائها ان رد الحـكـومـة على قضيتهـا آنذاك استند إلى محاذيـر شرعيــة لا قانونية.
المحامية العنود الهاجري انها وبدعوتها القضائية التي رفعتها لمصلحة احدى خريجات الحقوق قبل عامين وطالبت خلالها بأن تلتحق موكلتها بالسلك
وأكدت المحامية الهاجري انها وبدعوتها القضائية التي رفعتها لمصلحة احدى خريجات الحقوق قبل عامين وطالبت خلالها بأن تلتحق موكلتها بالسلك القضائي وتحديدا بمنصب وكيل نيابة، كانت السبب في دخول المرأة السلك القضائي.
وقالت الهاجري ان ملف التحاق المرأة بهذا القطاع المهم داخل الدولة هو تطبيق لمبادئ الدستور الكويتي الذي ساوى بين الجنسين، وقالت في لقائها مع «الأنباء» انه من الظلم حصر عمل المرأة كقاضية في قضايا الاحوال الشخصية، مؤكدة قدرة المرأة على التعامل مع جميع انواع القضايا سواء كانت جنائية او غير جنائية معتبرة حصر عمل المرأة كقاضية في خانة القضايا الشخصية او قضايا الجنح بعد انتقاصا من حقوقها التي كفلها الدستور والقانون.
المحامية العنود الهاجري حلت ضيفة على «الأنباء» لتسرد فرحتها ان ترى ثمار ما طمحت اليه بقبول المرأة في القضاء وتطرقت في حوارها مع «الأنباء» إلى القضية التي رفعتها بهذا الخصوص.
وفيما يلي تفاصيل الحوار:
نبدأ الحوار معك ونريد ان نعرف شعورك بعد ان علمت بقبول المرأة للعمل كقاضية خاصة انك من بدأت الخطوة الاولى في هذا الخصوص؟
٭ بالتأكيد انا سـعيدة للغاية وما حــدث بقبــول المرأة في سلك القطاع كان مستحقا منذ عقود لان الدستور الكويتي حرص على المســاواة بين الجـنسين ولم يفرق مطلقا بين الرجـــل والمرأة، وبالتالي فــان ما حــدث بقبول المرأة في القضاء كان من الواجب ان يكون قبل عقود.
المحامية العنود الهاجري اول محامية رفعت دعوى قضائية بهذا الخصوص، فهل يمكن ان نتعرف على اسباب رفع هذه القضية وما ردة الفعل حال رفع هذه القضية؟
٭ في العام 2009 قرأت اعلانا منشور في الصحف اليومية ويتضمن الحاجة الى تعيين وكلاء نيابة واسترعى انتباهي ان الاعلان محصور في الذكور فقط وهنا بدأت رحلة بحثي عن اسباب حصر هذه الوظيفة في الذكور دون الاناث فوجدت انه لا يوجد نص دستوري او حتى قانوني يحصر هذه المهنة في الذكور دون الاناث وكان لا بد من وجود طرف يستحق وتنطبق عليه الشروط حتى انطلق منه ووجدت فتاة كويتية تدعى شروق الفيلكاوي تبدي رغبة في الدخول الى سلك القضاء وجلست معها واتفقت معها على ان نبدأ الخطوة الاولى نحو العمل في هذا القطاع، كانت متحمسة لما طرحته عليها وأبدت استعدادا لتحمل ردة الفعل المتوقعة من قبل قطاعات في المجتمع وبعد ذلك ذهبت برفقتها الى لجنة القبول وطلبنا منهم قبول اوراق ترشحها للعمل في هذه الوظيفة ولكن كان الرد بالرفض والأسباب كانت العرف والتقاليد وحاولت جاهدة الاستناد في طلبي إلى القانون لا العرف والتقاليد، لكن لم اجد اذان صاغية، حاولت ان اشرح لهم ان القانون والدستور لم يفرقا ولكن باءت محاولتي بالفشل، وهذا ما دعاني الى محاولة لقاء وزير العدل لابلاغه برغبة موكلتي في الالتحاق بالقضاء، ولم اجد قبولا، وهذا ما دفعني الى اختصام وزير العدل في دعوى قضائية لحق الذكورة على وكلاء النيابة مستندة الى القانون والدستور، وحتى اوثق طلباتي قمت بإرسال مذكرة عبر البريد الى وزارة العدل.
وماذا حصل بعد ذلك؟
٭ تقدمت بدعوى قضائية امام القضاء الاداري وعرضت وجهة نظري المستندة الى القانون والدستور.
وماذا قدم الخصم من دفوع؟
٭ بصراحة انا شخصيا استغربت من الدفوع التي قدمت من ادارة الفتوى والتشريع، حيث استند الدفوع الى احاديث ومحاذير شرعية بعيدة تماما عن مواد دستورية وقانونية.
وما محصلة الحكم؟
٭ الحكم جاء مضمونه انه يؤيد ما ادعيه ويؤيد ما جاء في مذكرة الفتوى ولم يقبل شروق الفيلكاوي من ان تكون من بين المرشحات.
وهل انتهى دورك عند هذا الحد؟
٭ لا لم ينته دوري عند هذا الحد لأنني مؤمنة ومقتنعة بما أطالب به، وسندي في ذلك هو الدستور الذي ساوى بين الرجل والمرأة وكان سابقا للاعراف والتقاليد التي بموجبها حرمت المرأة من اخذ احد حقوقها المستحقة، ولجأت الى المجتمع المدني وللامانة فقد اقتنعت مؤسسات في المجتمع المدني بمطالبي ومن بين هذه المؤسسات الصحافة المحلية وجمعية المحامين والجمعية الثقافية النسائية وجمعية الخريجين وكلية الحقوق رابطة الائتلافية ومركز تنمية المرأة ومنظمة العمل الوطني وأجلاء ساندوني اتذكر منهم وارجو الا تخونني الذاكرة د.سعد بن طفلة ولولوة الملا ونجلاء النقي وابراهيم المليفي ود.غانم النجار ود.علي البغيلي والمحامي محمد الجاسم والناشط السياسي داهم القحطاني والمحامية ذكرى الرشيدي التي شدت من ازري خاصة انني كنت اعمل معها، وايضا المحامي نواف الفزيع والمحامي وسمي الوسمي، وتفاعلت معي مؤسسات دولية وهيئات ديبلوماسية منها السفارة الاميركية، وايضا اثمن تجاوب القاضية نهى الزيني من جمهورية مصر العربية التي تواصلت معي وشجعتني على المضي قدما في دعواي.
ما الرسالة التي تريدين ان تقوليها من خلال هذا اللقاء؟
٭ احب ان اقول ان اي شخص لديه ايمان واقتناع بعمل معين مستندا الى القانون فعليه ان يمضي اليه وان يجاهد في الحصول على حقوقه كاملة دون النظر الى ردة فعل المجتمع طالما انه يسعى الى اصلاح اعوجاج او خلل ما يراه لا يتناسب مع نصوص الدستور وما جاء في القانون.
هل تتذكرين ردة الفعل السلبية؟
٭ نعم اتذكر ان هناك من هاجمني وزعم ان عمل وكيل النيابة محصور على الذكور واستند الى تحيز القانون وتحديدا الى التقاليد.
هل تعتقدين ان توقيت القضية لم يكن مناسبا؟
٭ ولم غير مناسب؟ فأنا اطلعت على الدستور والقانون وتأكدت ان حجب التحاق المرأة بالعمل كقاضية فيه ظلم.
اقصد لو كانت الدعوى قدمت بعد دخول المرأة كنائبة لكان الوضع تغير؟
٭ ربما ذلك صحيح.
هل ترين ان الكويت تأخرت في هذه الخطوة؟
٭ اكيد تأخرت، فمعظم الدول العربية والاسلامية نالت المرأة حقوقها ومن بين هذه الحقوق العمل كقاضية، لكن احمد الله ان الحلم الذي حلمت به وسعيت الى تحقيقه اصبح واقعا ملموسا، وبعد ذلك جاءت دعوى مماثلة حكم فيها بالحق.
ألم تشعري بالخوف حال تقدمك بالدعوى ان تأتي بردة فعل عكسية؟
٭ كما سبق ان ذكرت انا كنت مؤمنة ومقتنعة بما اريده، وبالفعل حصلت ردة فعل تمثلت في مطالبات نيابية بفصل النيابة عن التحقيقات، ونحمد الله ان هذا لم يحدث والا لكان حلم عمل المرأة كقاضية لن يتحقق.
هل تودين ان تعمل المرأة كقاضية في قضايا الاحوال الشخصية؟
٭ كفانا انتقاصا من حقوق المرأة، فالمرأة اثبتت كفاءة ومقدرة كبيرة في شتى نواحي الحياة، والمرأة كقاضية يمكن ان تعمل في اي تخصص سواء جنائي او مدني او احوال شخصية، والمطلوب هو تأهيل المرأة من خلال اكتسابها مهارات في التواصل مع النساء اللاتي سبقناها للعمل كقاضية سواء في مصر او بقية الدول العربية والخليجية الاخرى، ويجب ان يتم دعم الرغبة بالتأهل الجيد والعلمي.
نواب: وجود المرأة في القضاء يحتاج إلى بحث شرعي موسع
ناصر الوقيت ـ عبدالله البالول ـ بدر السهيل
في سياق قريب لم يمر خبر موافقة مجلس القضاء على تعيين المرأة «وكيل نيابة» و«قاضية» مرور الكرام على الرغم من الأجواء السياسية المشحونة التي تشهدها البلاد، حيث عبر عدد من أعضاء مجلس الأمة ومجلس 2012 «المبطل» عن تحفظهم على هذا القرار الذي وصفوه بالخاطئ وطالبوا في الوقت نفسه بالمزيد من البحث الشرعي الموسع، حيث قال عضو مجلس 2012 «المبطل» عمار العجمي ان إعلان مجلس القضاء قبول المرأة في سلك القضاء مخالف للأحكام الشرعية ويكرس سابقة خاطئة ستسبب خللا في عمل السلطة القضائية.
وذكر النائب علي العمير ان تولي المرأة منصب القضاء يحتاج الى بحث شرعي ونأمل حسمه من العلماء وأخذ رأيهم قبل البدء فيه.
وأوضح النائب عبداللطيف العميري ان موضوع تولي المرأة القضاء ليس موضوعا سياسيا لنتجادل فيه، بل قضية شرعية محسومة وأجمع علماء على عدم جواز ذلك.
وبين النائب د.وليد الطبطبائي ان اللجنة التشريعية في مجلس 2012 وافقت على عمل المرأة بالنيابة العامة بشرط ألا يتم نقلها للقضاء لأن الشرع قصر القضاء على الرجال، كما قصر عليهم النبوة.
«الخريجين»: القرار إنصاف للمرأة وخطوة مهمة لتعزيز مدنية الدولة
من جهته ثمن رئيس جمعية الخريجين سعود العنزي قرار المجلس الأعلى للقضاء الموافقة على فتح باب القبول في النيابة العامة لخريجات كليتي الحقوق والشريعة للعمل وكيلات للنيابة العامة، إلى جانب زملائهن الرجال من الكليتين.
وأضاف أن هذا القرار جاء لينصف المرأة التي أجحفت بحقها كثيرا بعض القوانين وكثير من الممارسات الرسمية، كما أنه يشكل خطوة ضرورية ومهمة باتجاه تعزيز مدنية الدولة وتفعيل دستورها.
وقال العنزي إن على جميع الذين يحترمون الدستور، ويطالبون بتطبيقه دعم هذا القرار والتصدي لجميع محاولات الضغط على الجسم القضائي لإيقافه أو تعطيله.
وبين أن هناك من يصر على فرض وصايته على المجتمع من خلال الدفع بتفسيراته الخاصة للنص الديني الذي طالما اختلف المسلمون عليه خلال القرن والنصف قرن الماضيين.
وقال «لكننا، وهذا هو الأهم، لسنا في صدد البحث عن تفسيرات للنصوص الدينية المختلف عليها، بل إزاء تطبيق نصوص الدستور الواضحة والجلية في عدم التفرقة بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات الدستورية».
وختم العنزي بالقول: «إنها خطوة ضرورية ومهمة وإن تأخرت كثيرا، فشكرا للسلطة القضائية على احترامها للدستور».
ذكرى الرشيدي تبارك دخول المرأة القضاء وتؤكد: علينا مواصلة المطالبة بما هو «متفق عليه»
أما المحامية ذكرى الرشيدي فقد أكدت أن ما تم الإعلان عنه من قبول المرأة الكويتية في سلك النيابة والقضاء هو أمر يحق لنا ان نفخر به، فهو جاء بعد نضال طويل.
وأضافت الرشيدي في تصريح صحافي «لا شك ان سجل كويتنا العزيزة سوف يذكر لمجلس القضاء الأعلى الموقر ومستشاريه الأجلاء ومعهم وزير العدل الحالي أنهم اصحاب سبق وفاعلون حقيقيون وداعمون مخلصون لحق المرأة في تولي هذا المنصب.
وقالت الرشيدي في بادئ تصريحها اخيرا نالت المرأة الكويتية حقا من حقوقها التي طال انتظارها، ويسرني أن اتقدم بتهنئة خالصة لكل أهل الكويت، واخص في ذلك المرأة الكويتية الجديرة بهذا الحق الذي طالبت به منذ سنوات وناضلت لأجله إيمانا منها بوطنها أولا وبقدرتها على أن تتقلد هذه الوظيفة الهامة والحساسة.
وأكملت الرشيدي: ومن دواعي سرورنا اننا كنا ـ بفضل من الله ـ ضمن من نالوا شرف المطالبة بهذا الحق والمبشرين به.
وقد أقام مكتبنا أول دعوى قضائية في تاريخ الكويت طلبا لحق خريجة القانون في الالتحاق بوظيفة باحث قانوني المؤهلة للتعين بالنيابة وصعود سلم الوظيفة واعتلاء منصة القضاء.
وقالت الرشيدي «وإذا ما كانت التهنئة للمرأة الكويتية واجبة، فإننا لا يمكن أن نغفل الدور النبيل والمستنير الذي كان خلفه رجال أصحاب قامات وهامات عالية ونفوس مشرقة بالحب لهذا الوطن، وقد كان هؤلاء في مواقع عدة ـ ولكن ـ لا يمكن أن نغفل في ذلك دور مجلس القضاء الأعلى، فما كان للمرأة الكويتية أن تحصل على هذا الحق، إلا بموافقة صريحة من هذا المجلس الموقر الذي على رأسه رجل فاضل ومستشار جليل.
واضافت الرشيدي «والشكر في ذلك موصول لوزير العدل الذي دعم وساند بكل جهد وإخلاص لتنال المرأة الكويتية ذلك الحق ـ ونحن ـ نعلم تلك الجهود المحمودة لهذا الرجل الذي لم يسبقه من جلس على مقعده لتقديم دعم مماثل. وأكدت الرشيدي ان ذلك خطوة إلى الأمام علينا أن نتمسك بها ونجعل منها عنوانا حقيقيا لمعالم جديدة على الطريق لمجتمع ديموقراطي يؤمن بكل الطاقات دون تمييز بين مواطنيه، وبذلك نقدم للعالم كويتنا بثوب مبهر، وفي ذلك تحقيق لمصالح بلدنا وهذا ما يجب أن يكون.
وقالت الرشيدي «وإلى كل صاحب حق في هذا الوطن أقول ما ضاع حق من خلفه مطالب به ومؤمن بحقه فيه، لذلك علينا أن نواصل المطالبة بما هو ـ متفق عليه ـ انه حق وسنصل حتما إلى نيل المطالب ـ وما نيل المطالب بالتمني ولكن تؤخذ الدنيا غلابا ـ فقد سبق المطالبة بالحقوق السياسية للمرأة الكويتية طويلا حتى نالتها وكذلك كانت المطالبة بتعيين المرأة في النيابة العامة على قاعدة عدم التمييز بين المواطنين ـ وتلك قاعدة ـ اساسها الدستور، لذلك ومن منطلق القواعد الدستورية التي لا تميز بين المواطنين نصر على طلب باقي حقوق المرأة ولن تنتهي المطالبة إلا مع انتهاء التمييز الحاصل والذي لا ينكره أحد بل ان الكثيرين يبررونه.
وختمت الرشيدي وأقول لحكامنا الأجلاء، الكويت تستحق وأبناء الكويت هم اخلص شعوب الأرض لحكامهم فلتكن المبادرة تلو المبادرة في الاتجاه الصحيح حتى نرى ونشهد كويتنا التي نحلم بها فهل يتحقق الحلم؟