بيان عاكوم
يعتبر المعهد الديبلوماسي أحد أهم الانجازات التي اعتمدت في توصيات المؤتمر الخامس لرؤساء البعثات الديبلوماسية في الخارج الذي عُقد منذ عامين، وذلك استجابة لتوجيهات سامية من صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، وبمتابعة من نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الشيخ د.محمد الصباح الذي يوضع المعهد في ميزان أعماله وانجازاته.
وسيشرف المعهد بتفضل صاحب السمو بافتتاحه ليكون فاتحة خير على الحياة الديبلوماسية الكويتية مع انطلاقة المؤتمر السادس لرؤساء البعثات الديبلوماسية في الخارج.
الشارخ.. تاريخ ديبلوماسي
الفكرة اصبحت حقيقة بدأ العمل بها منذ عام تحت قيادة السفير المخضرم عبدالعزيز الشارخ الذي منذ صدور المرسوم الأميري عام 2006، وبعد صدور القرار الوزاري بدأ الاستعداد لمهمته الجديدة وهي اعداد ديبلوماسيين جدد على قدر عال من الكفاءة ووفق معايير ونماـــذج اقليميــة ودوليــة.
لاشك انها مهمة صعبة وشاقة تحتاج الى قيادة متمكنة، الا ان الشيخ د.محمد الصباح لم يقع اختياره عبثا على السفير عبدالعزيز الشارخ وهو كما وصفه «من خيرة الديبلوماسيين» فالشارخ بخبرته التي تتجاوز الـ40 عاما في الحياة الديبلوماسية قضى معظم حياته متنقلا في اروقة الوزارة وممثلا لبلاده في الخارج ويكفي انه ظهر كقيادي بارع في العمل الديبلوماسي اثناء الاحتلال العراقي وكان من الذين رافقوا الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد في زيارته المشهورة الى أميركا، حيث مقر الأمم المتحدة هذا الى جانـــب ثقافتـــه وامتلاكه لمميزات القيادة الديبلوماسيــة، حيث من المتوقع ان يحقـــق نقلة نوعيـــة في العمل الديبلومـــاسي الكويتــي.
مصنع للديبلوماسيين
يعتبر المعهد مصنعا للديبلوماسيين فمن أول اهدافه التدريب والتأهيل ويضم اليوم 46 متدربا يقتصر التدريب على المقبولين الجدد، وانما يشمل الديبلوماسيين العاملين في الوزارة بمختلف مناصبهم، حيث يعتبر التدريب احدى الركائز الاساسية التي يقوم عليها المعهد لتزويد الديبلوماسيين بأساسيات العمل واحاطته بكل ما يتطلب على الديبلوماسي امتلاكه، خصوصا في عصرنا الحالي حيث التحديات باتت اكبر وهذا ما يتطلب من الديبلوماسي الكثير من الكفاءة والثقافة وهذا ما يؤكده الشارخ ففي حديث سابق مع «الأنباء» قال «نحن نعيش في عصر سريع التغير ومقبلون على ثورة معرفية متفجرة في جميع مجالات العلم والثقافة، واذا لم نعد كوادرنا لمتابعة هذه الثورة الشاملة وتمكينهم منها فسيفوتنا القطار».
هذا اضافة الى مهام اخرى لا تقل اهمية عما سبق كالعمل كمركز ابحاث متخصص في الامور ذات العلاقة بالسياسة الخارجية للبلاد وهذه المهمة تجعل المعهد مساهما في صناعة القرار من خلال اعداد دراسات وتوفير الخلفية الفكرية للسياسة الخارجية.
الهدف الاخير تنظيم الندوات والمؤتمرات وورش العمل وبالفعل بدأ المعهد بتنظيم مثل هذه الندوات حيث استقبل العديد من الشخصيات السياسية المحلية والعالمية وكان آخرهم مساعد الامين العام للامم المتحدة ورئيس اكاديمية السلام الدولي تيري رود لارسن بعنوان «الشرق الاوسط في عمق النزاعات الدولية» ولم تقتصر مهمة المعهد على ذلك وانما العمل على سد كل الثغرات في امكانيات الديبلوماسي الكويتي من خلال التركيز على جوانب مختلفة ابرزها الجانب الاقتصادي، حيث يولي المعهد اهمية قصوى بهذا الجانب وذلك لتمكين الهيئة الديبلوماسية من المساهمة بفاعلية في تحقيق رغبة سمو الأمير بتحويل الكويت الى مركز مـــالي تجـــاري بارز وفاعل في المنطقة.
اضافة الى تزويد الديبلوماسي ببرامج تتعلق بتاريخ الكويت ونظامها السياسي والتوجهات الرئيسية للسياسة الخارجية، اضافة الى كيفية ادارة السفارة والبروتوكول والاتيكيت وتاريخ العلاقات الدولية.
إلا انه وعلى الرغم من ذلك فتبقى المهمة الأبرز على الديبلوماسي نفسه في التزود بأكثر قدر ممكن من المعرفة والثقافة، وكما يقول الشارخ «نحن نحاول مد المتدربين بمفاتيح النجاح، لكن المهمة الكبرى تبقى على عاتقهم من خلال المجهود الذي سيبذلونه لتحقيق الكفاءة والنجاح في مهمتهم».
مرونة كبيرة
كذلك منح المرسوم المعهد مرونة كبيرة في اداء مهماته حيث نص المرسوم الأميري على ضرورة تعاون المعهد مع المؤسسات المماثلة في الدول الاخرى اي مع المعاهد الديبلوماسية في الدول العربية والعالمية حيث بإمكانه الاستفادة من خبرات مؤسسات سبقته في التأهيل والتدريب وبالفعل زار الشارخ العديد من المعاهد الديبلوماسية ومن المتوقع ان يتم توقيع اتفاقيات وبروتوكولات تعاون معها.
اما فيما يتعلق بدول مجلس التعاون الخليجي فيتم التعاون من خلال اللجان المشتركة بين الكويت ودول المجلس.
ولا يمكن عند الحديث عن المعهد ان نغفل انه يسمح لمواطني دول مجلس التعاون الذين يتم ترشيحهم من قبل دولهم بالتدريـــب في المعـهـــد في المجالات التي يختـــص بهـــا.
متحف للفن الحديث
من حظوظ المعهد الديبلوماسي انه وقع الاختيار على المدرسة الشرقية للبنين لتكون مقرا أساسيا له.
وتعتبر هذه المدرسة أحد أهم المعالم الأثرية في الكويت ويعود بناؤها إلى عام 1946 وموقعها على شارع الخليج العربي، وتنقسم الى قسمين اولهما على شكل مربع يقع في الجزء الأمامي للمبنى وتتميز ممرات هذا القسم بأسقف من الجندل والباسجيل، أما الحوائط فهي من الطابوق الاسمتني الذي كان يميز مباني تلك الحقبة.
اما القسم الثاني فيتألف من غرف كانت تستخدم كمختبرات وصالة ألعاب، اما اليوم فأعيد ترميمها مع الاحتفاظ بتاريخها الأثري حتى تكون مصنعا للديبلوماسية ينطلق منها سفراء الكويت الى الخارج.
تحديات إقليمية ودولية
مما لا شك فيه ان المعهد الديبلوماسي سيشكل علامة بارزة وانطلاقة مهمة في العمل الديبلوماسي الكويتي، خصوصا في ظل التحديات والتطورات الاقليمية والدولية، بدءا بالملف النووي الايراني وانعكاساته على المنطقة مرورا بالأحداث اليومية المتنقلة بين فلسطين ولبنان والعراق، وعلاقات دول المنطقة فيما بينها، ما يعني ان هناك استحقاقات كبيرة تواجه العمل الديبلوماسي وتتطلب مهارة فائقة في الوصول الى الأهداف المطلوبة، وذلك لن يتحقق الأمن خلال كوادر قادرة على تمثيـــل بلدهــــا في الخـــارج بالاعتماد على خلفيـــة علميـــة شاملة تمكنهم من الدخـــول في معتـــرك العمـــل السياسي بكل تفاصيلـــه ودهاليــزه.
تغطية خاصة في ملف ( pdf )