بقلم: بدر ناصر بوقماز
ما شهدته الكويت في السنوات الماضية من انقطاعات مبرمجة للكهرباء لم يأت من فراغ، حيث يصنف الفرد في الكويت بالمقدمة عالميا من حيث استهلاكه للكهرباء، لذلك يجب أخذ موضوع الطاقة وما يصاحبها من انبعاثات وتلوث على محمل الجد خصوصا في دولة صغيرة ذات طاقة أحادية المصدر مثل الكويت، ويجب علينا النظر في تنويع مصادر الطاقة والجد والاستثمار في المصادر المتجددة.
إذ تتنوع مصادر الطاقة المستدامة وتختلف حسب تكلفتها وسعتها الإنتاجية، حيث تشير الدراسات التي أجريت من قبل معهد الأبحاث إلى أن أكثر هذه المصادر ملاءمة للمناخ والسوق الكويتي هي الطاقة الشمسية متبوعة بطاقة الرياح، كما يعد حرص واستعجال المعهد على استكمال المرحلة الأولى من مشروع «مدينة الشقايا للطاقة المستدامة» وبدء الإنتاج الفعلي بأقل من ثلاث سنوات دليل على الأهمية الاستراتيجية لتنويع مصادر الطاقة في الكويت.
قد يتساءل البعض عن السبب وراء الحرص على إيجاد مصادر بديلة للطاقة في دولة غنية نفطيا مثل الكويت، وعن السبب وراء عدم القبول باعتمادنا على مخزوننا النفطي الوفير والذي يعد أرخص من الطاقة المستدامة نسبيا؟ اولا، فعند الرجوع للتقرير الصادر عن المنظمة الدولية للرد على هذا التساؤل يجب علينا مناقشة البعد البيئي الصحي للطاقة المتجددة IRENA، حيث يتبين لنا وجود الكويت في المرتبة الرابعة عشرة عالميا من حيث انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون، والذي يشكل خطرا على صحة الفرد في الكويت وعلى كفاءة المعيشة فيها، فالتكلفة هنا تتعدى التكلفة المادية وقد تتجاوزها إلى أضرار صحية، لا قدر الله، إذا ما استمر هذا الحال.
ثانيا، البعد التنموي الاقتصادي: الاستثمار في مثل هذه المشاريع يعود على البلاد بالخير الكثير، مثل توفير العديد من الفرص الوظيفية للمواطنين بمختلف مستوياتهم التعليمية، أيضا توفر هذه المشاريع فرصة للشراكة الحقيقية بين القطاعين العام والخاص تمكن الأفراد من المساهمة والاستثمار فيها، أخيرا تشير الدراسات الاقتصادية المتعلقة بمدينة الشقايا الى قابلية المشروع على استرداد تكلفته الأولية point even-Break خلال 10 الى 12 سنة والتي تمثل مدة معقولة لمثل تلك المشاريع العملاقة.
السؤال الأهم هو.. ما دوري كمواطن في التخفيف من حدة المشاكل المتعلقة بالطاقة؟ أثناء قيام الجهات المسؤولة بدور إعداد وتشكيل البنية التحتية الملائمة للطاقة البديلة يتوجب على كل منا الحرص على القيام بدوره أيضا.
وتقسم أدوارنا إلى نوعين، النوع الأول وهو السلوكي، حيث يبدأ من الوعي والاعتراف بوجود مشكلة حقيقية، يليها نشر هذا الوعي من غير مبالغة أو تصغير، ومعرفة كل فرد الأمور البسيطة التي قد تساعد على تغيير المسار التاريخي لهذه الأزمة، والحرص أيضا على تعديل بعض السلوكيات الشخصية التي تؤثر على استهلاكنا للطاقة، من مثل: الحرص على إغلاق النوافذ والأبواب بإحكام وعدم تركها مفتوحة لمدة طويلة خصوصا في الصيف، فمثل هذا السلوكيات البسيطة تؤثر بشكل كبير ومباشر على كفاءة أجهزتنا وتقلل من الانبعاثات الغازية في جونا.
يتمثل الشق الثاني من دوري كفرد بهذا المجتمع في الحرص على صيانة وتبديل الأجهزة الكهربائية التالفة، مثال على ذلك: الحرص على القيام بعملية التنظيف والصيانة الدورية لأجهزة التكييف والتي تساعد على رفع كفاءة الأجهزة وتقلل من كمية الطاقة الضائعة خصوصا بعد مواسم الغبار، حيث تشير الإحصائيات الصادرة عن وزارة الكهرباء والماء إلى أن معظم الاستهلاك الكهربائي يتم استخدامه في التبريد ويقارب نحو 70% من إجمالي الاستهلاك.