- الرفاعي: ضرورة الاستعجال في قانون حماية الأسرة وتعديل قانون الأحوال الشخصية وفتح المراكز الإيوائية
- طاهر: أدعو الزوجين إلى البعد عن افتعال المشاكل ما يؤثر سلباً على استقرار الأسرة والصحة النفسية للأبناء
- الأربش: نتوقع ارتفاعاً في دعاوى الطلاق بعد فتح المحاكم والعنف الأسري في ازدياد مع إغلاق مراكز الاستشاراتآلاء خليفة
هل اوصلتنا ازمة فيروس كورونا الى القتل؟ نعم اوصلتنا الى القتل، اوصلتنا الى خلافات أسرية تنشب بين الزوجين وتؤدي الى قتل احدهما الآخر بسبب شدة الضغوطات النفسية الفترة الحالية. هذا ما حصل فعلا في الحادث الذي شهد مؤخرا اول جريمة قتل ترتكب خلال فترة الحظر الذي فرض على البلاد وأدى الى مقتل مواطن مواليد 1989 في منطقة المسايل داخل شقته وعثر عليه ملفوفا في «زولية». وفي التحقيقات الأولية مع زوجة القتيل اعترفت بأنه قد نشب خلاف بينهما وتبادلا الضرب فقامت الزوجة بتسديد ضربة الى رأس زوجها حتى سقط جثة هامدة ووضعت الجثة في كيس بلاستيك وقامت بلفها في «زولية»، فهل هذه فعلا من تداعيات ازمة فيروس كورونا المستجد التي بات واضحا أنها ليست مقتصرة فقط على الجانب الصحي بل اثرت كذلك على الجانب الاجتماعي والنفسي لافراد المجتمع خاصة بعد قرار مجلس الوزراء بالحظر الجزئي وتعطيل الدوامات والمدارس والجامعات بما جعل افراد الاسرة يجلسون في المنزل مع بعضهم بعضا لفترات طويلة بما يجعلهم عرضة للخلافات بين الحين والآخر؟ «الأنباء» استطلعت آراء مختصين في علم النفس الجنائي وكذلك في علم القانون لمعرفة الاسباب والدوافع ونصائحهم لحياة
اجتماعية افضل في ظل استمرارية ازمة فيروس كورونا. وإليكم التفاصيل:
في البداية، أكدت رئيسة لجنة الاسرة في جمعية الحقوقيين الكويتية ومستشارة فريق ايثار لحماية ضحايا العنف الأسري المحامية عذراء الرفاعي ان الأزمة الحالية قد ترتب عليها الكثير من الأمور التي تعود بالنفع او السوء على المجتمع ففي حين ساهم تواجد الاسرة في حدود إطار البيت 13 ساعة في تآلف اجتماعي وتراحم وتلاحم في بعض الأسر إلا أنه في الوقت نفسه سبب تنافرا ومشاكل وخلافات وعنفا عند بعض الأسر وهذا ما فتح الباب أمام مشاكل كثيرة.
وتابعت الرفاعي أنه في بداية الحظر سمعنا عن قضية تفقد اب ابنته وبالاتصال على الزوج تهرب وتبين ان ابنته مقتولة والآن نشهد قضية مماثلة لكن الزوج هو المقتول بعد ان فقد شقيقه ووالده الاتصال به، وهذا ما يؤكد انه على الحكومة ان تعي متطلبات الفترة الحالية وان تفرض حزمة قرارات من ضمنها تفعيل مراكز الرؤية وتقديم الحماية لضحايا العنف الاسري من الجنسين وتشريع سريع لقانون حماية الاسرة من العنف والوقوف وقفة جادة في تغيير قانون الأحوال الشخصية ليواكب الزمن الذي نعيشه ونخرج من الثوب الذي اعتدنا عليه، حيث أرهقت العادات والتقاليد والأعراف المجتمعية الشباب من الجنسين فكرهوا الزواج وأصبح بالنسبة لهم مكملا بناء على متطلبات الحياة في انجاب الاطفال وليس أساسا لاستقرار اسري وشراكة زوجية.
الزواج المرهق
وقالت ان الزواج بات مرهقا للزوج وللزوجة فالزوج يدفع المهر والشبكة وتأثيث البيت ويدفع الأموال الكثيرة ليبحث عن زوجة بمواصفات رغبته، إلا أنه يصطدم بزوجة تختلف عن بيئته وتفكيره ليعيشا في صراع مستمر لانه تكلف واقترض وهي تطالب بحقوقها المستمرة وتصرف من مالها على امل ان يعود لها ما أنفقته ويعيشان بضغط نفسي قد يسبب أزمة نفسية وانتقامًا وخلافا مستمرا دون وجود حل.
وشددت الرفاعي على أنه بات على الدولة ان تتحرك جديا في هذا الشأن في الفترة الحالية، فكما نشهد وقفات وزراء الصحة والبلدية والتجارة والداخلية في محاربة ومكافحة وملاحقة القضايا المهمة بات على وزير العدل والشؤون كذلك مسؤولية القيام بوقاية الاسرة وحمايتها والسعي لإصلاحها والمحافظة عليها، فكما هي الروح والصحة مهمة فكذلك الأمن والاستقرار الاسري مهم جدا في هذه الأزمة.
مراكز الإيواء
وأكدت اهمية فتح مراكز الإيواء والاستعجال في قانون حماية الاسرة وتعديل قانون الأحوال الشخصية واعادة النظر في أمور المهر والمصاريف المادية التي ترهق من يرغب في الزواج ومن المهم اشراك الزوجين في الإنفاق فالواقع يرتب عليهم ذلك في ظل الظروف الحالية وأيضا توزيع مسؤولية تربية الابناء وإجبارهم على ذلك، فمن غير الطبيعي ان نجد الأمور تستاء بسبب ثقافة مجتمع وبسبب إهمال طرف لتضر اسرة كاملة.
إلغاء المهر
وقالت إنها تؤيد تغيير القانون وإلغاء المهر المبالغ فيه وتحديده بالمكافأة الزوجية التي تقدمها الدولة وإلغاء البذخ والإسراف في الأعراس وجعل النفقة الاسرية مشتركة، فصحيح أن الإسلام أعطى القوامة للرجل لكن في ظل الظروف الحالية علينا تقبل الواقع المدني في اشتراك الزوجين في كل شيء في النفقات من مأكل وملبس ومسكن وفي الحضانة والولاية والقوامة والأثاث والخدمة وفي جميع الأمور ليكون كل منهما على قدم وساق في المسؤولية وتحملها وعدم إلقاء المسؤولية على شخص واحد فالزواج شراكة والشراكة يجب ان تكون وفق شروط يحددها القانون اذا كان الطرفان يجهلون ذلك.
اختلاف ردود الفعل
من جانبها، ذكرت استاذة علم النفس الجنائي بكلية العلوم الاجتماعية بجامعة الكويت د.نعيمة طاهر ان ردة الفعل تختلف من شخص لآخر على حسب شخصية كل فرد في مواجهة الحظر المنزلي، لافتة الى ان البعض يصاب باكتئاب وتوتر وقلق والبعض الآخر يأخذ الموضوع كإجازة جسدية وفكرية ويريح نفسه من التعب والجهد الذي كان يبذله طوال السنوات الماضية وتكون فرصة له لتنفيذ كل ما كان يرغب في عمله سابقا ولم يعمله بسبب عدم توفر الوقت الكافي لذلك.
وأشارت طاهر الى ان هناك اشخاصا يحاولون الاهتمام بشكلهم الخارجي وممارسة التمارين الرياضية المنزلية، موضحة ان هناك فئة اخرى من افراد المجتمع يعانون من انفعالات الغضب وعدم القدرة على السيطرة على تلك الانفعالات والضغط النفسي بسبب الحظر وعدم التلاؤم الفكري والثقافي والعقلي بين الازواج بما يؤدي الى زيادة المشاحنات والشجارات المنزلية.
الضغط النفسي
ولفتت طاهر الى ان امتداد فترة الحظر لايام متعددة اصبح صعبا على الاشخاص خاصة المعتادين على الخروج بشكل يومي بما يزيد من الضغط النفسي لدى الافراد، موضحة ان عدم التفاهم بين الزوجين خصوصا لو كانت هناك مشاكل سابقة بينهما ومع وجودهما مع بعضهما حاليا في المنزل يزيد من الحدة والخلافات حيث يعاند الزوجان ويرفض كل الطرف التنازل من اجل الطرف الاخر وحل المشكلة بما يؤدي الى تفاقم المشكلة. ونصحت طاهر الزوجين بالتنازل حتى تسير المركبة الى بر الامان والبعد عن افتعال المشاكل خلال الفترة الحالية والتي تؤثر سلبا على استقرار الاسرة وعلى الصحة النفسية للأبناء.
جريمة القتل
وحول جريمة القتل التي حدثت قالت إنه من الواضح ان هناك خلافات سابقة بينهما وزادت مع ازمة فيروس كورونا وجلوسهما مع بعضهما لفترات طويلة داخل المنزل بما زاد من حدة الخلافات وصولا الى تبادل الطرفين لضرب بعضهما البعض ومن ثم سقوط الزوج جثة هامدة، لافتة الى ان الخلافات وإن كانت موجودة في السابق لكن بالتأكيد كان الزوج يهرب منها بالذهاب الى الديوانية مع الاصدقاء وقضاء معظم الوقت خارج المنزل، اما خلال الفترة الحالية فاضطر الزوج للبقاء في المنزل بما ادى الى نشوب تلك الخلافات بشكل اكبر وأضخم. وعلى صعيد متصل اوضحت طاهر ان الحظر المنزلي حاليا ساهم في اشتعال المشاكل بقوة وعدم السيطرة على انفعال الغضب بما ادى مع الاسف الشديد الى وقوع تلك الجريمة، ناصحة جميع الازواج بالتنازل والتسامح والتحكم في الانفعالات وردة الفعل بينهما حتى تعيش الاسرة بسلام ولا تتأثر الصحة النفسية لأبنائهم بالسلب من جراء تلك الخلافات.
وأكدت طاهر اهمية ممارسة الرياضة التي تساهم في تحسين الصحة النفسية لدى افراد المجتمع وتعتبر متنفسا لهم يحميهم من الامراض النفسية وتجعلهم يتحكمون في انفعالاتهم وردود افعالهم، مؤكدة ان هناك رياضة منزلية يمكن ان يمارسها جميع أفراد الاسرة حاليا في المنزل ومنها رياضة المشي على اجهزة المشي وصعود السلم ونزوله وبعض التمارين الخفيفة الاخرى، بالاضافة الى اهمية شغل وقت فراغ جميع افراد الاسرة بأمور تعود عليهم بالنفع والفائدة.
ازدياد العنف الأسري
بدورها اوضحت المحامية منى الأربش انه قد بات من الملاحظ ازدياد العنف الأسري خلال فترة أزمة كورونا بسبب الضغوطات السلبية التي يعيشها الزوجان وتتمثل بعدم القدرة للعودة للعمل والجلوس الإجباري في المنزل، ومع ازدياد الأعباء المالية خاصة للعاملين بالقطاع الخاص الذين تأثرت رواتبهم سلبا، ومن أصحاب العمل الذين ضاقت بهم سبل توفير رواتب العمال ودفع الأجرة وانعدام الإيرادات المالية للمبيعات لبعض المشاريع زادت حالات العنف الاسري.
دعاوى طلاق
وقالت الأربش إن استشارات عديدة وصلتها ورغبة في رفع دعاوى طلاق ومطالبة في أجور ونفقات زوجية وأبناء إلا أنه مع غلق المحاكم التزاما بقرارات مجلس الوزراء فلا يوجد سبيل لذلك، مؤكدة ضرورة التحلي بالصبر والحلم في ظل هذه الظروف العصيبة واستثمار هذا الوقت بإعادة الحسابات وترتيب الحياة بشكل توافقي مع العائلة من أبناء وأزواج لتوطيد العلاقة بشكل إيجابي ناجح على نحو لم يكن يمكن تنفيذه في ظل تسارع الحياة فيما قبل الأزمة الصحية.
وحول جريمة القتل التي حدثت مؤخرا وراح ضحيتها مواطن في الثلاثينات من عمره قالت الأربش: أحزننا بالفعل هذا الخبر لكن لم نستغربه في ظل هذه الظروف العصيبة التي أثرت على نفسية المجتمع سلبا وضغوطات الحياة التي تدفع الإنسان أن يتصرف عكس طبيعته البشرية، مشددة على ان انتهاء الحياة الطبيعية المعيشية في السجن لم ولن تكن أبدا حلا لأي من المشاكل الزوجية.
الاستشارات الأسرية
ودعت كل من ضاقت به السبل إلى التواصل مع الاستشاريين النفسيين والاجتماعيين المختصين للتوفيق بين الأزواج وللمساعدة على تخطي الأثر السلبي على هذه الأزمة للنفسيات، متوقعة ازدياد دعاوى الطلاق الفترة الحالية بعد فتح المحاكم. ولفتت إلى أن قانون الأسرة نص في المادة ٨ منه أن (ينشأ بكل محافظة مركز يلحق بمحكمة الأسرة، يتولى تvسوية المنازعات الأسرية..) ويكون اللجوء لهذا المركز بدون رسوم، آملة أن يكون المركز له دور فعال وايجابي في محاولة الصلح بين الأزواج قبل رفع الدعاوى. وحول نصائحها لافراد المجتمع خلال الفترة الحالية قالت الاربش بأنها تنصح نفسها والأخرين بالفوز بإيجابيات هذه الأزمة بتغيير الحياة للأفضل على شتى الأصعدة سواء العائلية أو التجارية أو الثقافية. واستغلال فترة الحظر والجلوس في المنازل بكل ما هو مفيد والابتعاد عن أي مصدر سلبي واستخدام برامج التواصل الاجتماعي استخداما سليما وعدم مخالفة أي من القوانين، حيث تنتشر الاشاعات في الوقت الراهن مما يزعزع الأمن الداخلي للدولة وخطرها يتمثل في تحطيم الروح المعنوية في المجتمع وبث التفرقة في صفوفه وزرع اليأس وروح الانهزام والاستسلام في نفوس أفراده وإضعاف جبهة الدولة الداخلية، وشددت على ضرورة التأكد من أخذ المعلومات من مصادرها الصحيحة وعدم إعادة النقل الا بعد التأكد من صحتها.