- المادة 16 تشكل تدخلاً سافراً من "التشريعية" في أعمال "القضائية"
- لا ينبغي أن يذهب البرلمان باستقلاله إلى حد التغول على اختصاصات بقية السلطات
- الحصانة ليست مقررة لمواجهة أحكام القضاء أو حماية النائب من اتخاذ الإجراءات في مواجهته
- ينعدم على المجلس أي تقدير لعضوية النائب بعدما أضحى غير أهلٍ لها بقوة الدستور
- المادة تمس باستقلال القضاء وتعطل آثار أحكامه بما يتنافى مع مبدأ فصل السلطات
- استمرار عضوية النائب رغم إدانته بعقوبة جنائية يعد تمييزاً غير مقبول نهى عنه الدستور
- المادة أضفت على النائب حصانة تعصمه من القانون وميزته عن غيره وجعلته بمنأى عن إعمال أثر أحكام القضاء
- يتعين إنفاذ حكم المادة 84 لزاماً دون أي تراخٍ أو إبطاء أو ترخص أو تقدير نزولاً على حكم الدستور
موسى أبو طفرة- عبدالكريم أحمد
قضت المحكمة الدستورية أمس بعدم دستورية المادة 16 من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة الصادرة بالقانون رقم 12 لسنة 1963، الأمر الذي يترتب عليه إسقاط عضوية النائبين جمعان الحربش ووليد الطبطبائي المدانين بحكم قضائي نهائي وبات في قضية اقتحام المجلس، على اعتبار ان مجلس الأمة صوت على ابقاء عضويتهما بموجب هذه المادة.
وذكرت هيئة المحكمة برئاسة المستشار يوسف المطاوعة بحيثيات حكمها، أن الأصل في الحصانة البرلمانية أنها لا تعد امتيازا لعضو البرلمان إنما هي مقررة للمصلحة العامة وليست لمصلحة عضو المجلس الشخصية وأنه يتعين أن تبقى الحصانة في الحدود والقيود التي من شأنها كفالة استقلال البرلمان وحرية أعضائه في القيام بواجباتهم داخل المجلس وهم في مأمن من كيد خصومهم السياسيين وأن تكون السلطة التشريعية بمنأى عن أي احتمال لاعتداء من جانب السلطة التنفيذية.
وأضافت المحكمة ان الحصانة ليست مقررة لمواجهة الأحكام القضائية، كما أنه لا ينبغي أن يذهب البرلمان في استقلاله إلى حد التغول على اختصاصات باقي السلطات الأخرى في الدولة، أو تتحول الحصانة إلى وسيلة لعضو البرلمان لخرق القانون، وهو في مأمن من المحاكمة أو الحساب أو الإفلات من العقاب، إذ تقتصر على حماية عضو البرلمان من اتخاذ أي إجراءات جنائية تعسفية أو كيدية في مواجهته، فهي لا تعدو أن تكون مانعا إجرائيا مؤقتا وليس المقصود بالحصانة البرلمانية أن تكون امتيازا ممنوحا لعضو البرلمان هادما مبدأ المساواة أمام القانون.
وأكدت ان عبارات نص المادة المطعون عليها بصياغتها قد جاءت عامة ومطلقة بشمول حكمها لجميع حالات فقدان عضو المجلس لأحد الشروط التي ينبغي توافرها في عضو مجلس الأمة، والمنصوص عليها في المادة 82 من الدستور والتي ترتب فقدان إحداها فقد العضوية، وذلك بما فيها حالة من فقد شرطا من شروط العضوية كأثر حتمي لحكم قضائي بات، على الرغم من أنه ينعدم أصلا على المجلس أي تقدير في هذا الشأن بعد أن أضحى عضو المجلس غير أهل لعضوية مجلس الأمة بقوة الدستور وصار مفتقدا لشرط من الشروط اللازم استمرارها في عضو مجلس الأمة مباشرة دون الحاجة لاتخاذ أي إجراء آخر، وهو ما يصم المادة المطعون عليها والتي أعطت الحق لمجلس الأمة في تقدير أمر إسقاط العضوية من عدمه بعيب عدم الدستورية.
وأرجعت المحكمة عدم دستورية المادة المطعون عليها لانطوائها على تدخل سافر من السلطة التشريعية في أعمال السلطة القضائية والمساس باستقلالها وإهدار لحجية الأحكام القضائية والنيل من مكانتها والاحترام الواجب كفالته لها باعتبارها عنوانا للحقيقة، وتعطيلا لآثارها مما يتنافى مع مبدأ فصل السلطات ويمثل خرقا لأحكام الدستور لمخالفته المادتين 50 و163 منه، فضلا عن أن في استمرار عضوية النائب وفقا للمادة المطعون بعدم دستوريتها على الرغم من صدور حكم بعقوبة جناية في حقه واستمرار تمتعه بحقوقه السياسية في حين أنه قد أضحى محروما قانونا منها بموجب هذا الحكم، يعد في حد ذاته تمييزا غير مقبول ومنهيا عنه من الناحية الدستورية، إذ جعلت تلك المادة عضو المجلس بمنأى عن إعمال أثر الأحكام القضائية الباتة عليه وتميزه عن غيره من المواطنين بالمخالفة للمادة 29 من الدستور، كما أضفت عليه حصانة في غير موضعها تعصمه من الخضوع للقانون.
وأكملت: وإذ كانت المادة المطعون عليها بعدم الدستورية بصيغتها والإجراءات التي أوردتها قد خالفت المادة 82 من الدستور على نحو ما سلف، كما خالفت صريح المادة 84 منه والتي تقضي أنه في حالة خلو محل أحد أعضاء مجلس الأمة قبل نهاية مدته لأي سبب من الأسباب انتخب بدله في خلال الأجل المضروب كإجراء حتمي لا خيار فيه، فإنه يتعين القضاء بعدم دستورية المادة 16 المطعون عليها واعتبارها كأن لم تكن مع ما يترتب على ذلك من آثار أهمها إنفاذ حكم المادة 84 من الدستور لزوما دون أي تراخ أو إبطاء أو ترخص أو تقدير نزولا على حكم الدستور.
وكانت المحكمة قد تلقت أخيرا طعنين يطالبان بعدم دستورية المادة 16 من القانون رقم 12 لسنة 1963 بشأن اللائحة الداخلية لمجلس الأمة والتي تم بموجبها التصويت على إبقاء عضوية النائبين د.وليد الطبطبائي ود.جمعان الحربش رغم صدور حكم قضائي نهائي وبات بحبسهما في قضية دخول مجلس الأمة، حيث أبدى الطاعنان اعتراضهما على تضمن المادة إجراءات مخالفة للدستور يتم اتخاذها عند فقدان عضو مجلس الأمة أحد شروط انتخابه الواردة بالمادة 82.
وأرجأت المحكمة الحكم في طعن آخر يطالب بعدم دستورية نص المادة 16 وإبطال عضوية النائب وليد الطبطبائي إلى 26 الجاري.