- ولدت في منطقة الشرق عام 1930 وشاهدت القماش «اللؤلؤ» وكيف يزنه الرجال بالميزان
- شاهدت البحارة وهم يسحبون السفن من البحر إلى «الجال» وكنت أسمع غناءهم
- أخوالي كانوا يعملون أساتذة في البناء ومما شيدوه المستشفى الأميري وقصر المربع في الرياض
- تركت الدراسة في المدرسة القبلية واشتغلت في أعمال البناء وبعد سنتين أصبحت «أستاذاً» ولم يوقفني سوى ضربة شمس
- أول بعثة تعليمية مصرية وصلت إلى الكويت عام 1942 ومدرس منها كان يقص شعر الطلبة ويضرب الحفاة منهم
- ذهبت في بعثة إلى القاهرة ودرست في الأزهر والشيخ كان دائماً يسأل عني قائلا «فين الكويتي الحنبلي؟»
- أثناء دراستي في الأزهر صدر أول كتاب لي «الصيام في الإسلام»
- حصلت على «المتوسطة» والثانوية العامة أثناء بعثتي في القاهرة والبعثة هددتني بوقف الراتب إن لم أتوقف عن الدراسة
- كان الطلبة في القاهرة كثيري الأسئلة عن الكويت فقررت تأليف كتاب «مختصر تاريخ الكويت»
- كتابي عن تاريخ الكويت كان ممنوعاً وعندما قرأه الشيخ عبدالله السالم وناقشني فيه أصدر أوامره بالإفراج عنه
- في السبعينيات كان للمساجد دور كبير في نشر الثقافة الصحيحة بين الناس وانحسار الظواهر السلبية
- من أغرب القضايا رجل ضاعت منه ابنته في المستشفى بسبب خطأ إداري وتعرف عليها بالصدفة واستردها بالقضاء
- من أكثر القصص الواقعية مأساوية رجل أرمني اتهمته زوجته بالاعتداء على ابنته حتى تزوجها شاب من جنسيتها
- عملت بعد تخرجي في «الخارجية» واستقلت عام 1961 للترشح لمجلس الأمة
- كنت صاحب فكرة تكييف جميع مساجد الكويت
أجرى الحوار: منصور الهاجري كاتب وباحث في التراث والتاريخ ومقدم برامج في الإذاعة والتلفزيون
عالم من علماء الكويت والأمة العربية، عالم في الدين واللغة والفقه والتاريخ والأدب.
انتشر علمه في جميع أنحاء المعمورة مع صدور أول كتاب له عن تاريخ الكويت وهو طالب في الأزهر الشريف، توقع له الأهل والأقارب مستقبلا باهرا منذ أن وضع أول لبنة (طابوقة) على أرض المرقاب وهو يعمل بناء وسنه صغيرة.
وبالفعل من البناء الى أعلى المناصب بين القياديين بالدولة وبجانب من سبقه بالعلم والمعرفة، عالم بكل ما تعنيه الكلمة من علم ومعرفة، تبوأ أعلى المناصب في السياسة والدين والعلم، ألّف الكتب الادبية والدينية والاجتماعية، كتب الشعر وأجاد به وله قصائد في الرثاء والنقد والوصف، بدأ تعليمه في المدرسة المباركية والتي كانت قريبة من بيت والده.
عمل بنّاء في البيوت مع والده وخاله ناصر الفرحان، والفرحان من العائلات الكويتية القديمة التي سكنت الكويت، وعمل الرجال من هذه العائلة في البناء، صار استاذا في البناء وعنده عمال بعد فترة من العمل.
التحق بالمعهد الديني في دولة الكويت وبعد التخرج التحق بالأزهر الشريف في بعثة دراسية، وأثناء الدراسة صادفته مشكلة بسيطة، لكن هذا الرجل استطاع أن يتغلب عليها بفكره وعقله عام 1952 صدر له أول كتاب عن تاريخ الكويت وهو طالب في الأزهر الشريف.
بعد التخرج عيّن في الخارجية الكويتية، رشح نفسه لعضوية أول مجلس أمة وبتوفيق من الله صار نائبا في أول مجلس أمة كويتي، قدم الكثير داخل المجلس وكذلك افتتح له مكتب محاماة، وكان من الناجحين في عمل المحاماة، يذكر لنا بعض القصص والطرائف والمشاكل التي واجهته أثناء العمل.
ألّف مجموعة كبيرة من الكتب تربو على خمسة وعشرين مؤلفا في جميع المجالات والمواضيع منها الدينية والأدبية والاجتماعية.
حصل على شهادة الدكتوراه بعد سنوات من العمل.
الدكتور راشد عبدالله الفرحان.
ماذا يقول لقراء «الأنباء»: الشكر الجزيل للاهتمام برجالات الكويت، وشكرا للاستاذ منصور الهاجري.
في مستهل اللقاء، تحدث د.راشد عبدالله أحمد الفرحان عن بداياته وذكرياته عن أيامه الأولى قائلا: ولدت في دولة الكويت منطقة الشرق عام 1930 جدي أحمد وأخوه راشد الفرحان شاهدت اللؤلؤ (القماش) والرجال كيف يزنونه بالميزان ويصفونه ويضعونه في قطعة قماشة لونها أحمر، شاهدت البحارة وهم يسحبون السفن الى (الجال) الساحل من البحر.
سمعت غناء البحارة، كانت منطقة الشرق مكان نشأتي صغيرا، أذكر أن جدي أحمد الفرحان يملك سيارة خضراء اللون، مرسيدس لها (مداكر) خارجية، باعها خارج الكويت بعد ذلك جدي سكن العراق فترة قصيرة، وكان يريد التجديد في حياته، وزع على اخوانه جزءا من أملاكه.
الوالد بعد الشرق سكن في سكة الفرج والتي كانت تمتد من دروازة العبدالرزاق الى الصاغة تتفرع من سكة الفرج سكة صغيرة تعرف بسكة الفرحان، فيها جميع بيوت الفرحان حتى ماكينة بودي للطحين، وبعد سنوات انتقلت العائلة الى المرقاب، وذلك بعدما سكن جدي البصرة، خالي ناصر الفرحان كان يعمل مع اخوانه أساتذة في البناء ومن آثار البناء الذي شيدوه بيت خزعل والمستشفى الأميري وقصر المرحوم الملك عبدالعزيز آل سعود في الرياض (قصر المربع) وبيت البدر الحالي.
العمل بنّاء
بعد نبذة قصيرة عن نشأته الاولى يتحدث الفرحان عن عمله في مجال البناء، حيث يقول:
بعدما تركت الدراسة في المدرسة القبلية ذهبت للعمل واشتغلت بنّاء مع والدي وأخوالي وخاصة مع خالي فهد الفرحان اشتغلت لمدة سنتين وبعدها أصبحت استاذ بناء (معلم) وصرت أحضر عمالي بنفسي واشتغلت في بناء البيوت، وبعد ذلك صار البناء خفيفا، فاشتغلت مع المرحوم عبدالعزيز المقهوي وكان العمل في ثانوية الشويخ مع بداية تأسيسها، وقال: يا راشد اذهب واشرف على تأسيس المسجد وكنت المشرف وقت الغداء ذهبنا الى المسرح مع المجموعة للغداء، كنت أمشي ولابسا حذاء أسود، لكنه حار جدا فخلعته من قدمي ومشيت حافيا على الرمل (المستجير بعمرو عند كربته كالمستجير من الرمضاء بالنار)، وصلت المطعم ومن شدة الحرارة أصبت بضربة شمس.
ضربة شمس
وقال الفرحان: بعد الاصابة بضربة شمس تركت العمل وتوقفت نهائيا وبدأت أبحث عن العلاج، أذكر أن رجلا آخر أصيب بضربة شمس ومات اسمه سليمان الغنيم، ورجل آخر كذلك.
في احد الايام ذهبت الى حلاق لعمل حجامة، أول ما وضع المحاجم على رأسي شعرت بالدوخة، تركتها، علما أن الحجامة حاليا من السهل عملها، تركت الحلاق ودخلت الى البيت، حضر عندي السيد عبدالعزيز الصقعبي، كان قديما نجارا يعمل ويصنع (بدي) السيارات من الخشب.
المهم عبدالعزيز قال تعال معي عند الطبيب، ذهبت معه الى الشرق بالقرب من مسجد بن هدبة، بجانبه بيت صغير تسكنه سيدة اسمها هيلة تعمل طبيبة شعبية.
المهم قابلت المرأة، وبعد السلام جلست أمامها عندها دوة وضعت بداخلها فحما وأشعلت النار، وأحضرت سيخا من الحديد وضعته بداخل النار حتى صار جمرا، وقالت اقترب، وضعت سيخ الحديد الحار على رأسي وانتهى الكي ودخلت البيت، ومن ذلك الكي ثلاثة شهور طريح الفراش وبعدها شفيت.
بداية التعليم
أما مشوار الدراسة والتعليم فيقول عنه الفرحان: التحقت بالمدرسة المباركية وكان ناظرها المرحوم أحمد شهاب الدين، وفيها سيد عمر عاصم.
وكنت أتردد على سيد عمر وبيتهم في سكة عنزة، اذكر بعض الطلبة الذين كانوا يدرسون في المباركية الشيخ ناصر الصباح ويوسف الرشيد وراشد الراشد وأبناء الوقيان وكنت في الصف التمهيدي في ملحق المباركية، ومنها الى المدرسة القبلية والسبب قالوا انتم تسكنون المرقاب، فالمعارف نقلونا خلف دائرة المعارف وكان الناظر المرحوم عبدالملك الصالح المبيض هذا الرجل من الذين خدموا الكويت خدمة عظيمة وجليلة ولكن مع الأسف لم يكتب عنه كتاب رجل عالم فاضل له أياد بيضاء في التعليم، رجل إذا قرأ القرآن الكريم ما ودك يسكت، مع العلم ان دراسته في مدينة مومباي، وإذا غاب أي مدرس ملأ مكانه وفي طابور الصباح يقف وقفة حازمة تربوية حنونة وكان يبث في الطلبة روح العروبة وهو واقف امام الطابور في الصباح، رجل صنع من الشباب رجالا لا أعرف ماذا أقول عن هذا الرجل واستعداده الكبير للعلم.
وكان يتحدث اللغتين العربية والإنجليزية و يحفظ الأورادو ويحفظ القرآن الكريم.
وعنده الخط الجيد ولم تطل مدة دراستي في المدرسة القبلية توفي الأستاذ عبدالملك الصالح المبيض واحضروا لنا مدرسا مصريا بدلا منه اسمه احمد اسماعيل ضيف من البعثة المصرية وأول بعثة تعليمية مصرية حضرت الى الكويت عام 1942 رجل لا يعرف وضع الكويتيين ولا يعرف حياتهم كان الأولاد يمشون من دون أحذية وشاف شعورهم طويلة فأحضر مقصا وبدأ يقص شعر الطلبة، ضيق علينا، ويوم من الأيام قال للطلبة كل واحد حافي يخرج من الفصل، خرجنا ووقفنا طابور واستدعى فراشين اثنين ونادى كل طالب وبدأ الضرب بالطلبة وكنت أول طالب تعرض للضرب، كنت أعتقد انه يريد ان يأخذ قياس أحذية لنا عندما جلست على الأرض لأننا معتادون على ذلك لأن التجار من زكاتهم كانوا يشترون أحذية وفانيلات للطلبة الفقراء جزاهم الله خيرا، أعداد كبيرة من الطلبة تركوا الدراسة وتركت الدراسة معهم.
أخي فرحان الفرحان
يتحدث ضيفنا عن أخيه فرحان الفرحان وكيف تأثر به فيقول: أثناء المرض خلال الثلاثة شهور كنت أقرأ الكتب التي ألفها أخي فرحان واسمع إذاعة لندن من الرواد، حفظت الكثير من الكتب وبعد ذلك فكرت بأن التحق بالمعهد الديني وكانوا يقبلون الطلبة الكويتيين بمختلف الأعمار، بالفعل ذهبت الى المعهد الديني وسجلت فيه للدراسة وقبلت طالبا بالمعهد ودخلت الفصل وكان فيه طلبة صغار بالسن بالنسبة لعمري وكنت بالعشرين.
ذهبت الى المرحوم الأستاذ يوسف العمر وكان وكيلا للمعهد وقلت الطلبة بالفصل صغار السن وانا أكبر منهم عمرا اختبروني، فاستدعاني الشيخ عبدالوهاب ومدرس مصري واختبرت بالدين واللغة العربية، الشيخ عبدالوهاب سألني عن الفقه وقال اين تعلمت طلابنا لا يعرفون هذا، وكنت قد تعلمته من كتب أخي فرحان عندما كنت مريضا، المدرس المصري سألني عن النحو وقد كنت حافظا للاجرومية كلها، وقلت له المرفوعات 7 والمنصوبات 12، فقال انتهى وكتب عني تقريرا ونقلت الى فصل ثان، أيضا الطلاب كانوا صغارا بعد سنتين تغير نظام التدريس في المعهد فتمت ترقيتي الى فصل أكبر والحمد لله رب العالمين وصرت من الأوائل في الدراسة مع منافسين الأول والثاني منع من إدخاله إلى الكويت والسبب أني كتبت وانتقدت الذين يكتبون عن الكويت ويضعون صور بعض الأشخاص ويقولون هذا تاريخ الكويت وهذا ليس بتاريخ الكويت وهؤلاء مثلهم مثل الشعراء الذين يقفون على أبواب الملوك والأمراء يمدحونهم بما ليس فيهم، قالوا لماذا كتبت مثل هذا الكلام، منع الكتاب وصار الكلام عني بداخل الكويت بأنني سأسجن، انتهيت من الدراسة ورجعت إلى الكويت لكن بعد وصولي ماذا فعلت؟
نقاش مع الشيخ عبدالله السالم
بعد العودة والاستقرار وبعد التوكل على الله قررت بأن أهدي نسخة من الكتاب للمرحوم الشيخ عبدالله السالم الصباح أمير دولة الكويت آنذاك ذهبت إليه ولكن كانت المفاجأة بأنه رحمه الله قد قرأ الكتاب قبل أن أهديه نسخة، والذي اعطاه الكتاب هو المرحوم الشيخ يوسف بن عيسى القناعي (حمامة السلام) الرجل المصلح (المحرر) عندما قابلته وأعطيته الكتاب أخذه ووضعه على مكتبه.
بدأ يناقشني في مراجع الكتاب مثلا قال الموضوع الفلاني من أي مرجع، فقلت الله أكبر أمير دولة الكويت يناقشني بكتابي والله هذا «هو الحاكم العادل» فأصدر أوامره أفرجوا عن الكتاب وذلك بعد أن تم توزيعه في الدول العربية وأذكر أن المرحوم خالد المسعود اشترى ثمانمائة نسخة وزعها على المكتبات، انتهى الموضوع (حاليا طبع الكتاب بعد خمسين سنة من صدور أول طبعة له).
أيضا صارت مناقشات مع المرحوم الشيخ عبدالله السالم أمير دولة الكويت بعدما صرت نائبا في مجلس الأمة.
بعد التخرج في الجامعة
بعد الدراسة يحين وقت العمل عن هذه المرحلة يقول الفرحان: بعد تخرجي في الجامعة والعودة إلى الكويت طلبت للعمل في القضاء، فرفضت وكان الأستاذ فيصل الصالح يعمل رئيس البعثات وعينني في وزارة الخارجية وتم تعيين د.جاسم حسين طبيب أسنان في وزارة الصحة، وكان الشيخ صباح السالم أمير دولة الكويت الأسبق، وكان وزيرا للخارجية قال لي الشيخ صباح السالم أنت مؤلف كتاب وقبل أن يكمل حديثه قلت له التقيت الشيخ عبدالله السالم أمير الدولة وأثنى عليه وتمت الموافقة على تعييني في المحفوظات وكل مدير عنده فراش وموظف أذكر أن خالد علي الخرافي مدير إدارة وعبدالمحسن الدويسان مدير إدارة وعبدالله حسين الرومي مدير إدارة، وكان المرحوم جاسم القطامي وكيل الخارجية وكان يسمى الوكيل الدائم، كان عندي ست موظفات وكنّ يقرأن المراسلات الأجنبية ويقدمن لي ملخصا عنها وأوزع لكل جهة تخصصاتها.
قال جاسم القطامي يا راشد جميع المكاتيب أحضرها لي وكنت أعطيه ملخصا عن كتاب وأوقع عليها، جاسم القطامي قرر الاستقالة من الخارجية لكي يترشح لعضوية مجلس الأمة، أذكر أن المحفوظات كانت عبارة عن الصادر والوارد.
هذا الحديث بداية استقلال الكويت عام 1961 خرج جاسم القطامي من الخارجية وقدمت استقالتي معه وتركت الخارجية وكنت أنوي ترشيح نفسي لعضوية مجلس الأمة.
الترشح لعضوية مجلس الأمة
عن ترشحه لمجلس الأمة في أول دورة له يقول النائب السابق الفرحان: بدأت الدعوة للترشيح لعضوية مجلس الأمة الكويتي (أول مجلس أمة) وذلك عام 1963 فرشحت نفسي عن الدائرة الثانية المرقاب ونجحت في أول انتخابات وكان من المرشحين عن الدائرة المرحوم عبدالعزيز الصقر وحمود الخالد ومحمد الرشيد وعبدالرزاق الخالد وعلي المواش وكنت معه عن المرقاب حصلت على عدد أصوات، صرت عضو مجلس أمة في أول مجلس أمة كويتي عام 1963 وكنت أصغر نائب سنا في المجلس، وشكلنا المعارضة وكنت أحد أعضاء المعارضة تتكون المعارضة من جاسم القطامي ومحمد الرشيد وراشد الفرحان وأحمد الخطيب وعبدالرزاق الخالد ويعقوب الحميضي وراشد التوحيد كان عدد المعارضة اثنا عشر عضوا وكان المجلس من أقوى المجالس لأنه كان تأسيس الديموقراطية في الكويت في عهد المغفور له الشيخ عبدالله السالم أبو الدستور والديموقراطية لا ينسى دوره الديموقراطي.
صار فيه بعض المناقشات وبعض الأمور التي طرحت مثل اجتماع بعض الأعضاء في ديوان العبدالرزاق ويسمون الموالون نحن ضدهم.
البعض ينادي بعدم تعيين التجار وزراء في الحكومة، وذلك ضد عبدالعزيز الصقر وهو رجل قوي ولا يعطيهم فرصة فصاروا يتحدون لخلعه من رئاسة المجلس، وهو أول رئيس لأول مجلس أمة كويتي وأحسن رئيس وأقوى رئيس وقبل ذلك كان وزيرا للصحة أيام المجلس التأسيسي، وعبداللطيف ثنيان الغانم كان رئيس المجلس التأسيسي.
انتخابات عام 1967
أكملنا أربع سنوات في أول مجلس أمة كويتي وثاني انتخابات كانت ذلك عام 1967 نجح ناس لا يستحقون النجاح، صندوق جزيرة فيلكا وصل قبل صندوق الدسمة وكان من المفروض أن يروح مع صندوق الدعية للفرج، نحن في القادسية حاولوا أن يأخذوا الصندوق فلم يستطيعوا، حضر رئيس مجلس الأمة السابق ولم يستطع أحد أخذه ولذلك نحن المرشحون جميعنا نجحنا هناك بعض الأعضاء بعد النجاح احتجاجا على الانتخابات والأخطاء قدموا استقالاتهم، أذكر منهم المرحوم عبدالعزيز الصقر ومحمد عبد المحسن الخرافي وخالد المسعود ومحمد العدساني وعبدالرزاق الخالد وراشد الفرحان وعلي عبدالرحمن العمر، سبعة أعضاء قدموا استقالتهم من الذين نجحوا في عضوية مجلس الأمة عام 1967.
ولم ندخل المجلس اجتمعنا في ديوانية يوسف الإبراهيم المنسحبون والمرشحون وكلفوني مع عبدالله النيباري وكتبنا البيان وقالوا من يوصل الكتاب لصاحب السمو الأمير فقلت أنا أوصله وكان أمير الكويت المرحوم الشيخ صباح السالم الصباح.
تم تحديد الموعد وتم الاتصال من قبل الديوان الأميري وقالوا لا يحضر أحد معك، ذهبت إلى الديوان الأميري ودخلت على الأمير وسلمته الكتاب وخرجت من المقابلة وكان المرحوم الشيخ جابر الأحمد رحمه الله رئيس الوزراء ووليا للعهد أصدر بيانا للمصالحة بين المعارضة والحكومة وقال: تعالوا صيروا وزراء، وأيضا صار انتخابات تكميلية نجح فيها سبعة بدلا من المستقيلين وسار المجلس حتى عام 1971.
انتخابات عام 1971
انتهت أربع سنوات انتخابات عام 1967 وبدأ الترشيح لانتخابات عام 1971 ورشحت نفسي للانتخابات وبدأ نشاطي بزيارة الدواوين ونجحت في الانتخابات عام 1971 وتم تعييني وزيرا في الحكومة الكويتية، رئيس الوزراء الشيخ جابر الأحمد رحمه الله وهو أيضا ولي للعهد، وعينت وزيرا للأوقاف والشؤون الإسلامية وأذكر أنه رحمه الله قال لي جميع المعارضين أريدهم أن يكونوا وزراء.
رجل عنده التفاهم والمصلحة العامة، أصحابي من المعارضة غير راضين عني لأني قبلت الوزارة فقلت لهم غير مربوط معكم صار وزيرا المرحوم حمد العيار ونحن الاثنان عضوان في مجلس الأمة، كانت أقوى وزارة وأذكر من الوزراء المرحوم حمود النصف للأشغال وعبدالله الغانم للكهرباء ومحمد الحمد للعدل وجاسم المرزوق ومن الشيوخ اثنين صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد والمرحوم الشيخ سعد العبدالله السالم وأذكر خالد العدساني للتجارة وعبدالعزيز الصرعاوي وزيرا للبريد، توقعت له أن يكون وزيرا ونحن في لندن.
وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية كان اسمها الأوقاف فقط، وفي مجلس الأمة تقدمت باقتراح مع المرحوم حمد المشاري بتسميتها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية فتمت الموافقة ورصدوا لها ميزانية وسميت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بناء على الاقتراح، ومن تلك السنة حتى يومنا هذا.
أما بالنسبة لمجلة الوعي الإسلامي فحضر عندي مواطن وقدم الاسم فقلت للمسؤولين هذا اسم جيد فتم إطلاق الاسم «مجلة الوعي الإسلامي» كان وكيل الوزارة عبدالرحمن المجحم، بعد ذلك قلت للمسؤولين مقر المعهد الديني في الشرق حولوه إلى معهد للمؤذنين والأئمة لتدريس القرآن الكريم وعلوم القرآن لكي يتثقف الأئمة والموذنون وأحضرنا مدرسين وكان التعليم صباحي وكل واحد نعطيه عشرة دنانير فحضر عندنا من الدارسين بعض الأطباء وبعض القضاة وحفظوا القرآن ومنهم الدكتور حسان حتحوتوصاروا شعراء وخطباء من هذه الدراسة والدراسة لمدة ثلاث سنوات وحصلوا على دبلوم واذكر احد المستشارين تعلم في المعهد وحفظ القرآن الكريم.
تكييف مساجد الكويت
يحكي د.الفرحان عن دوره في تكييف المساجد في الكويت وكيف جاء ذلك بعد قصة يرويها قائلا: حضر عندي مواطن وقال اريد تبرعا لتكييف مسجد في الرميثية، قلت له تبرع بتكييف مسجد، فقال نعم وكان يريد مني خمسة دنانير، وقلت له رجع المبلغ الذي تسلمته لاصحابه، وقلت له اريد ان اكيف المسجد هذا، فذهبت اليوم الثاني الى مجلس الوزراء واخبرتهم اني اريد ان اكيف المساجد كلها، فكان الرد ما عندنا فلوس، ذهبت الى مدراء البنوك وقلت لهم كم عدد المبلغ الموجود عندكم للاوقاف؟ كل هذه الفلوس حولوها الى بنك التسليف والادخار فتم تحويلها.
قابلت المرحوم الشيخ جابر الاحمد وطرحت عليه الموضوع رحمه الله احضر شركتين للتكييف وكل شركة لها مسجد وانتهى العمل واشتغل التكييف بالمسجدين كنموذج مسجد البدر ومسجد بورسلي.
بلغت المرحوم الشيخ جابر الاحمد انني سأقوم بتكييف جميع مساجد الكويت، ملايين الاموال موجودة ووقفها على المساجد وثلاثمائة مسجد دفعة واحدة، مائة وخمسون مسجدا لكل شركة من الشركتين بما فيها مسجد الرميثية الذي عرضه احد المواطنين، وبعد ذلك بلغنا وزارة الاشغال ان تسلمنا المساجد الجديدة مكيفة، والى يومنا هذا وكذلك مبنى المجمع عملنا له مخططا وجهزناه، واثناء تلك الفترة انتهت مدة عملي كوزير، والوزير الذي تسلم الوزارة اكمل العمل من بعدي، ومن انجازاتي نشر كثير من كتب التراث وطبعناها مثل مجلة الوعي الاسلامي وطباعة المصحف الكريم، والموسوعة قدمت اقتراح فيها الى مجلس الامة وتمت الموافقة ونفذتها وانا وزير.
مدرسة القرآن الكريم زاد عددها بنين وبنات وزاد العدد، سننا سنة وسارت عليها.
ويضيف د.الفرحان: اعمالي دخلت مجلس الامة وصرت وزيرا من دون ضجة او دعاية، كل عملي بهدوء وسكون، كنت انجح في الانتخابات بناء على عملي الطيب ورضا المواطنين عني وعن اعمالي لهم خير شاهد لي، مجلس الامة زرع الناس في ثقافة كأنه كلية حقوق (هنا خرجت لنا ديوانية سياسية)، هذه دفعت مستوى العلم عند الناس وصار العامل يناقشنا في ادق الامور ويطالب بحقوقه.
اذكر ان احد الاعضاء لا يقرأ ولا يكتب ونحن في لجنة الطعون قالوا لنا امنحوه، وفي طعون ضده من الخارج حاولنا ان نناقشه فلم نجد عنده شيئا، قلنا للمجلس هذا لا يعرف يقرأ ولا يكتب، اعتقد كانوا اثنين نائبين، ولكن لم يكمل السنة الا صار احسن من الخريجين، الاثنان احضرا لهما مدرسين لغة عربية وقانون.
الظواهر السلبية عندما كنت وزيرا
يحدثنا ضيفنا عن مرحلة السبعينيات عندما كان نائبا ودور المسجد وانحسار الظواهر السلبية في المجتمع حيث يقول: ما اعتقد ان هناك ظواهر سلبية مثل الملابس القصيرة والسفور وخاصة بالسبعينيات اقول ان المسجد كان له دور كبير في ثقافة الناس في ذلك الوقت كنا نحضر علماء دين كبار ويلقون محاضرات ثقافية وادبية في المدارس، والرجال والنساء يحضرون تلك الندوات.
علماء يلقون محاضرات في المساجد، واذكر ان الشارع يزدحم بالسيارات قرب مسجد ملا صالح، لا يوجد مجتمع ما فيه ظواهر سلبية، كان فيه تلاحم بين المجتمع والموجهين والعلماء، عندما يقف عالم ويخطب نشوف الناس حضورهم كبير وكان هناك تقدير كبير للعلماء ورجال الدين، اما ظاهرة الملابس فكانت لفترة قصيرة واختفت بسرعة وانتهت، او انتقلت مع المسافرين من الخارج بذلك الوقت وكان للمعهد الديني دور كبير في الندوات ايضا افتتاح المعهد الديني للبنات له دور كبير في ازالة الظواهر السلبية.
عن قدرته على العمل كنائب للشعب والمحاماة في الوقت نفسه يقول د.الفرحان: وفقت ما بين اني محام ونائب في مجلس الأمة استطعت ان أوفق بين العملين.
كنت أحضر القضايا التي أترافع عنها يوم عبر الجلسة أو أحيانا أحضر القضية وارجع للمجلس مباشرة.. كانت المهمة فيها صعوبة وكثير من المحامين كانوا أعضاء واستطاعوا التوفيق بين الجلستين.
وهذه قصة طريفة مرت عليّ مع اثنين من الأعضاء المحترمين وهما من قبيلة واحدة:
رجل من قبيلة اخرى ضاعت ابنته لا يعرف أين هي، تعب وهو يبحث عنها، أشار عليه رجل من أصدقائه بأن يذهب الى دار الأيتام مجهولي الوالدين لكي يأخذ منهم بنتا يشرف على تربيتها، وقف طويلا أمام مجموعة من بنات الدار، شعر بقلبه ان احدى البنات هي ابنته (حنين الأب) فذهب الى المدرسة وقال لها هذه ابنتي فطردته ولم تستجب لمطلبه، وقال لي أحد الأصدقاء لم نحصل على البنت ووصل الأمر الى أمير البلاد سمو الشيخ صباح السالم، وقال إذا الجهات المسؤولة غير موافقة لا أستطيع ان تأخذ البنت، ما المطلوب والعمل؟ رفعت دعوى في المحاكم على وزارة الصحة وعلى وزارة الشؤون الاجتماعية وأقنعت القاضي المرحوم احمد بوطيبان بأن يخرج لمشاهدة البنت فخرجت هيئة المحكمة بكاملها ومندوب عن الصحة ومندوب عن الفتوى والتشريع وكاتب الجلسة وكنت معهم وذهبنا الى دار الطفولة، وكان مقرها حاليا مركز الصقر الطبي وقال القاضي للمديرة اعرضي البنت بطابور مع البنات، بدأ الطابور أمامنا، أقررنا بانها تشابهها مثل الرجل، القاضي تعجب وسأل الرجل أين ابنتك فقال هذه، فحكم القاضي بأن البنت تلحق بأبيها، والقضية من بدايتها ان الرجل أخذت ابنته المريضة الى المستشفى الأميري وتركها وكان يزورها بين فترة وأخرى، وآخر مرة غاب عنها فترة طويلة ونسيها.
أخوه ذهب الى المستشفى الأميري لمشاهدتها فقيل له ان ابنتكم ماتت وغير موجودة فقال وهذه البنت فقالوا له هذه البنت اسمها نجوى الأميري وغير معروفة.
بعدها الأخ رجع لأخيه وقال له ان ابنتك قد ماتت، الأب حاول فلم يستطيع وحاول بعض نواب مجلس الأمة ان يصلوا للحقيقة وعجزوا.
كيف عرف الأب انها ابنته؟ قال لمديرة رعاية الأطفال انظروا لفخذها وراسها إذا يوجد مكان للكوي إذا كان فيها فهي ابنتي وإذا لا يوجد فهي غير ابنتي، المديرة وجدت العلامة التي قال عنها أبو البنت وقالت روح للمسؤولين لا أستطيع ان أعطيك إياها، أراد الله ان يعيد البنت لأهلها.
البنت اسمها موزة
السبب ان الفراشات أردن غسل العنبر فوضعن الملفات للبنات في غير أماكنها، نجوى الأميري وضعوا ملفها على سرير موزة والعكس.. غلطة الفراشة أضاعت الطفلة.
قصة الرجل الأرمني
يحكي ضيفنا قصة من الواقع يقول انها تصلح كقصة لفيلم عربي: حضر عندي المرحوم عبدالله العل المطوع ونعم الرجل الطيب الخير المجاهد المناضل المحترم والمحسن الكبير مساعد الفقراء، قال لي يا بورياض عندي سائق مسجون أريد ان تشوف وضعه وقصته كبيرة باعتقادي لا أحد يستطيع ان يخرجه من السجن إلا أنت، ولا عنده أي مبلغ، قابلت الرجل وهو كبير بالسن رجل أرمني، قصته فيلم عربي قصة غير عادية عنده بنت جميلة جدا وكان يسكن بشارع الجهراء بذلك الوقت، بعض الشباب كانوا يلاحقون ابنته فانتقل للسكن في منطقة الجهراء، ايضا لحقوا به ولم يتركوه، تضايق من الشباب وانتقل للسكن في حولي.
مواطن أرمني أراد الزواج منها والأب لا يريده لكن الشاب الأرمني تواطأ مع أم البنت ضد الأب، وأدخلوا في ذهن البنت ان والدها يعتدي عليها.
(عملية غسيل مخ) أقاموا عليه دعوى والرجل سجن مدة طويلة هذه بداية القصة التي قالها عبدالله العلي المطوع.
زرت الرجل في السجن وعرفت منه القصة أخذت الملف ودرست القضية وفهمت ما به وجدت ثغرات ووقفت امام القضاة وقلت هل معقول ان الأب يعتدي على شرف ابنه وشرحت للمحكمة كل ما دار مع أفراد العائلة والأم تتلون امامي ورجال القضاء، قالوا يكفي يا بورياض وآخر الجلسة الرجل براءة.. وخرج الرجل من السجن ولم يفعل اي شيء لأفراد عائلته.
نهاية مؤلمة
ثم يكمل رواية القصة بذكر نهايتها التي أقل ما يمكن قوله عنها إنها مؤلمة قائلا: صارت مناسبة عيد فالرجل أحد جميع أفراد عائلته وسافروا إلى البصرة وامضوا هناك ايام العيد ومارسوا هوايتهم من العاب وزيارة للعائلات وعادوا إلى الكويت وفي الطريق إلى الكويت توقفوا ونزلوا من السيارة والرجل أخرج المسدس واطلق الرصاص على كل واحد من الأفراد الذين معه وماتوا وأثناء المشي باتجاه السيارة من بعيد سيارة صدمته ومات على الطريق انتهت العائلة كلها.
الكتب والمؤلفات
عن كتبه ومؤلفاته يقول د. الفرحان: أول كتاب صدر لي، وعندما كنت طالبا في الأزهر الشريف «الصيام في الإسلام» وثاني كتاب «مختصر تاريخ الكويت» ايضا كنت طالبا والكتاب الثالث «تفسير مشكل القرآن» والكتاب الرابع «النظام الاجتماعي بين الرجل والمرأة» وكنت نائبا في مجلس الأمة حينها.
وقد ترجم الى اللغة الأوردية.
«تفسير مشكل القرآن» الجزء الثاني «العقائد الاديان المعاصرة طبع بالكويت سنة 1985»، هداية البيان في تفسير القرآن «أربع مجلدات» طبع في بيروت عام 1990.
معجم الأماكن الكويتية وطبع في بيروت سنة 1995، التدخين مباح ولكن، طبع بالكويت سنة 1996، الرعيل الأول لعائلة الفرحان، طبع بالهندسة، الفقه المعاصر «في المعاملات المدنية».
طبع في بيروت سنة 2000 مكرر الأديان المعاصرة ترجم للأوردية.
توقعات وفطنة
تميز د.راشد الفرحان بفراسة وفطنة حيث كانت غالبا ما تصدق توقعاته، يحكي لنا بعض المواقف: التقيت المرحوم الأستاذ عبدالعزيز الصرعاوي في لندن وقلت له سوف تصبح وزيرا سافر إلى الكويت وبعد وصوله تم اختياره وزيرا، كذلك المرحوم انور النوري كان ملحقا ثقافيا وقلت له سوف تعين وزيرا وبالفعل وصل الى الكويت وعين وزيرا، الشيخ عبدالحميد محمود كان يعمل في الكويت وسافر وحضر إلى الكويت للمشاركة في مؤتمر فقلت له انت سوف تكون شيخا للازهر وبالفعل عين شيخا للازهر الشريف.