البارون أمبان
باني قصر البارون وحي مصر الجديدة ومنشئ المترو الكهربائي في القاهرة بمصر، عبقرية اقتصادية ومالية ومعمارية!
هو إدوارد لويس جوزيف امبان، بلجيكي ولد في 20 سبتمبر عام 1852 في (بيلوا) في عائلة متواضعة، لكنه صنع مجد أسرة وبلد بأكمله، تدرب في مجال الهندسة وبدأ سيرته المهنية في مجال شركات التعدين عام 1878 ثم في شركات الإنشاءات الخاصة بوسائل النقل، وبسبب ضعف شبكة الاتصالات أنشأ بنفسه الخط الحديدي. وبعد نجاحه في مدينة «بيج» في النقل المحلي، قامت السلطات البلجيكية باعتماده لإنشاء هيئة النقل في فرنسا والتي شكلت حوالي 10 شركات خلال 10 سنوات، وكان امبان قد أنشأ الشركة العامة للترام ثم قامت شركته بتطوير وسائل النقل بالترام في كل أنحاء فرنسا، وكي يستغني عن تمويل البنوك قرر إدوارد إمبان تأسيس شركته المالية الخاصة باسم «بنك امبان» عام 1881، والذي أصبح فيما بعد (البنك البلجيكي الصناعي)، وصعدت مجموعة إمبان صعودا مدويا عام 1890.
قدم الى مصر بعد سنوات من افتتاح قناة السويس على سفينة قادمة من الهند، فقد كان يعشق السفر، وانطلق بأمواله الى معظم بلدان العالم، فبنى عدة مشاريع في روسيا والمكسيك والبرازيل وأميركا الجنوبية وافريقيا، خاصة في الكونغو ثم في الهند.
لكن مصر كانت عشقه بعد الهند وبلغ من حبه ان كتب في وصيته ان يدفن في تراب مصر حتى لو مات خارجها، وقد كان! وقد بنى في البداية قصره الشهير باسمه، في صحراء مصر الجديدة، مستلهما التراث الهندي المعماري والفن المعماري الأوروبي معا، فجاء تحفة رائعة، خاصة الحديقة والبرج الذي يدور على قاعدة متحركة دورة كاملة كل ساعة، ومنه يمكن رؤية القاهرة حتى الأهرامات، آنذاك. وبلغت مساحة القصر بالحديقة على الربوة حوالي 30 ألف كم2 وانتهى من بنائه عام 1906. ومن هناك لمعت فكرة إقامة مدينة كاملة حوله للطبقة الأرستقراطية وللباشاوات والجاليات الأجنبية خاصة البلجيكية.
وكانت الحكومة المصرية قد باعت مساحة 6 آلاف فدان الى باغوث ابن رئيس الوزراء الأرمني نوبار باشا عام 1905 وكان شريكه إدوارد امبان نفسه، بقصد إنشاء مشروعات إسكان. واستعان امبان بعلاقات نوبار باشا وصلاته في بلاط الخديو لتحقيق حلمه بما سماه (معادي بوليس) لتكون على نمط المعادي ومربوطة بها.
وأثناء تخطيطه للمدينة كان لابد من شبكة نقل سريعة غير مألوفة في البلاد فأقام أول قاطرات ترام كهربائية على النسق الباريسي الذي أنشأه بنفسه. وكان ينوي ربطها بحلوان، الضاحية التي يستجم فيها الأثرياء والأجانب.
(من كتاب: شخصيات صنعت التاريخ ـ أسيمة جانو)