لا تزال مناهج التربية في تطور مستمر مع الأخذ بعين الاعتبار كل ما توصلت إليه نتائج الدراسات حول اهم أساليب تنشئة الطفل، التي قد يعتني بها البعض لدى تربيته لأطفاله وقد يهملها آخرون لعدم الاكتراث بأهمية دور الدراسات في الوصول لنتائج إيجابية في تربية الطفل وإكسابه السلوكيات المحمودة.
وعلى الرغم من كثرة التربويين الذين يقدمون استشارات في التربية إلا أن البعض مع الأسف يهمل اللجوء إلى التربويين لدى تعرضهم لعقبات في تربية أبنائهم حتى ان البعض ومع الأسف يهمل في التربية بشكل كبير فتتحمل الدولة مسؤولية ما لم يكتسبه هؤلاء الأطفال لدى تنشئتهم.
فهناك الكثير من المشاكل التربوية والسلوكيات الخاطئة التي وإن لم يكتسبها الأطفال منذ نعومة أظفارهم فأبدا لن يكتسبوها في أي مرحلة من مراحل حياتهم ولنا على سبيل المثال احترام الكبار.
فقد يعتقد البعض أن معنى احترام من يكبروننا سنا هذه أمرها سهل جدا ولكن إذا لم يتربّ عليها الأولاد في صغرهم فستنكشف معهم في حياتهم اليومية بعد أن يكبروا وينخرطون في ميدان الحياة.
حيث ان الطفل في بداية حياته لا بد ان يتعلم كيف يحترم من يكبره سنا من المحيطين به، فمثلا إذا كان لديه إخوة اكبر منه بكثير فلا يناديهم بأسمائهم المجردة وإنما يبدأها بكلمة أخي فلان فيتعلم كيف يتحدث مع من يكبرونه سنا بالألقاب وكذلك إذا كان له أقارب كأبناء خال او عم وكانوا يكبرونه بما يتجاوز العشر سنوات فلا يناديهم بأسمائهم ولكن بخالي وخالتي أو عمي وعمتي.
أيضا في تعامله مع العمالة المنزلية فيمنع على الطفل ان يصرخ بوجه عمالة المنزل أو أن يشتمهم أو أن يضربهم ويعاقب إذا ما اقترف مثل هذا السلوك حتى يتعلم ان يحترم من يكبرونه سنا حتى ولو كانوا عمالة لديه، فالعمر له إحكام.
وعليه فالطفل قبل أن ينخرط بالمدرسة عليه أن يكتسب عادات وسلوكيات منذ بداية نشأته تؤهله ان يتعامل برقي في مجتمعه الصغير في المدرسة وسيمتد معه إلى أن يكبر ويدخل ميدان العمل.
ولكن المشكلة لدى بعض الأسر، سامحهم الله، فهم يهملون كثيرا كسب أبنائهم أساسيات احترام من يكبرونهم سنا فنجد مثلا فتاة في الرابعة عشرة تخطئ بحق امرأة بعمر والدتها تكبرها بسنوات كثيرة وهذا مؤشر على ان مثل هذه الفتاة لم تتربّ من الأساس لأن أولى أساسيات التربية هي ان نعلم أبنائنا الأخلاق والأخلاق بدايتها تكون في احترام من يكبروننا سنا.
إن المشكلة التي تعتري بعض أطياف المجتمعات اليوم هو الإهمال في التربية بشكل كبير فتعتبر الأم أو الأب بأنهما قاما بتربية أبنائهما، وحين نفتش في يوميات هؤلاء الأطفال نجد أن عدد ساعات جلوسهم مع والديهم قليلة واحيانا تكون كثيرة ولكن دون جدوى فما فائدة أن اجلس مع أبنائي ولغة الحوار معدومة فأنشغل في القراءة أو مشاهده التلفاز ولا أحاضر وأدرس أبنائي القيم والفضائل، فلربما تكون ساعات قليلة ولكنها مفيدة وتكسبهم قيما ومهارات.
أيضا انعدام القدوة، فإذا كان الأم والأب من النوع السبّاب والشتّام ولا يحترم لا كبيرا ولا صغيرا فبالتأكيد أبناؤه سيقلدونه في قلة الحياء مع الآخرين لأن القدوة غائبة وعليه مع انعدام ذوق الآباء فبالتأكيد سيتبعهم أبناؤهم في السلوك.
البعض يعتقد أن كل مرء حر في تربيته لأبنائه ولكن إذا ما قسنا القضية بأبعادها فالطفل في بداياته بين أهله ولكن بعدها سيكون جزءا من المجتمع وقد يتسبب للآخرين ولنفسه بكثير من المشاكل.