يعتبر القرار أول مؤشرات قوة الشخصية وتمتع صاحبها بقدر كبير من الاتزان النفسي والوجداني بحيث يتمكن صاحبه من تحقيق الأهداف التي يرمي إليها، ليس هذا فحسب، بل يساعده على معالجة مواطن الخلل في حياته والتخلص من العقبات والسلبيات المحيطة به وتحسين أوضاعه المعيشية للأفضل، وأحيانا يكون القرار في بعض الأحيان في غير مصلحة الفرد إلا أن إصرار الفرد على قراره مؤشر على قوة الشخصية، حيث ان تتخذ قرارا وتتمسك به فهذا مؤشر ودليل واضح على الاتزان النفسي وقوة الشخصية.
وعلى النقيض من ذلك نجد أن بعض الأشخاص ليست لديه القدرة على اتخاذ القرار سواء كان مناسبا أو سلبيا وتظل حياته معلقة إلى أن يأخذ الآخرون له القرار المناسب، وكان سابقا يطلق على مثل هؤلاء الأشخاص إنهم أناس مذبذبون، ولكن الحقيقة العلمية ومع تطور الطب النفسي هذا مؤشر على معاناة مثل هذه الشخصيات من الاعتلال النفسي الحاد.
فالتأرجح بين الأفكار والتنقل بينها مع محاولة إيجاد الأمثل هذا يدل على أن مثل هذه الشخصيات معتلة نفسيا وليست لها القدرة على تحديد ما يناسبها ويعيش مثل هؤلاء في الغالب على هامش الحياة مع قدر كبير من الفشل وذلك لأن القرار هو البوابة الرئيسية لأي نجاح، أن تكون صاحب قرار إذن أنت من المتفوقين في هذه الحياة لأنك تعرف ما الذي يناسبك وكيف تخطط لحياتك وكيف تتخلص من كل من يزعجك، وكذلك فإن صاحب القرار يعلم الآخرين كيف يحترمونه وذلك لأنه لا أحد يثق أو يحترم إنسانا غير قادر على أن يحدد مساره وما الذي يريده في هذه الحياة.
وليس معنى ذلك أن الحياة تسير على قرارات المرء منا، فهناك الكثير من القرارات والمبادئ التي تزيد وتقل مع الزمن وفقا لمعطيات الظروف المحيطة في كل شخص منا، فأحيانا نقرر ولكن القدر يقول كلمته وهنا في هذه الحالة يكون القدر والظروف حالت دون أن تنفذ قرارك وليس بدواع شخصية ذاتية.
اليوم وعلى الرغم من تطور علم النفس وتفرعه إلى مجالات متعددة وأفرع كثيرة إلا أنه لا احد يولي أهمية كبيرة لنتائج الأبحاث والدراسات، وأفضل العقارات التي يتناولها بعض ممن تكون حالتهم تتطلب تدخلا دوائيا إلا أن القلة من يعطي لمثل هذا الجانب أهمية على الرغم من ان أهمية علم النفس لا تقل عن أهمية الطب بل ان الطب العقلي أحد فروع الطب البشري إلا أن الاهتمام بهذا الجانب ضئيل لدى الأغلبية.
فاليوم وبعد علم النفس التربوي وعلم النفس الاجتماعي أصبح لدينا علم النفس الإيجابي، وهذا الجانب العلمي المهم من الضروري ان يتم تسليط الضوء عليه إعلاميا واستفادة الاخصائيين النفسيين من تطبيق هذا الجانب عمليا على المرضى لتحقيق الفائدة المطلوبة.
فلا نريد أبحاثا ونظريات على الورق، المهم كيف يتم إثبات هذه النظريات بالواقع العلمي لتحقيق النتائج المرجوة، فالاخصائي النفسي يكمل عمل الطبيب النفسي وكلاهما لابد أن يجتمعا لتعزيز الإيجابية وتحسين السلوك لدى الأفراد، وهذه حقيقة من أصعب الأبحاث وأشقها نظرا لأنها تتعلق بالسلوك والنفس البشرية.