لا يمكن لحضارة أي أمة أن تزدهر ما لم تكن قد تأثرت تأثيرا مباشرا بحضارة أمة أخرى، سواء كان هذا التأثير ثقافيا أو علميا أو تربويا، وإن ذلك يعد ميراثا إنسانيا يتوالد مع همم الشعوب وأجيالها المتعاقبة.
ولا شك أن الأم العظيمة هي التي تستطيع أن تخترق بعلومها كل الحواجز والسدود، وتضع لها دستورا ثقافيا تحمله معها عبر آلاف السنين، وتبني لها حضارة عريقة تسطع شموسها على أرض ذلك الكون الواسع فيعم الخير والمنفعة على الجميع، ونحن في زمن سريع التطور تسابق قفزاته كل أفكارنا وإبداعاتنا المتجددة، فلابد لنا أن نعد أجيالا قوية مدربة على نهل العلوم بشتى صنوفها لهم من الفكر وقودا يشعل هذه الإبداعيات بنقلة علمية رائدة تطمئن النفوس وتشذب العقول.
ولا شك أن حضارة هذا العصر هي حضارة أشبه بقطار سريع التحرك يخترق الحدود بأسرع ما تمكنه قدراته، متنقلا من مكان لآخر، حاملا لنا معه ألوانا مفيدة من التكنولوجيا العلمية الحديثة التي نحن بأمس الحاجة إليها في ذلك الوقت الذي يلزم علينا أن نرتقي ونسمو فيه بسماء العلم، ونغوص في أعماق جذوره فتزدهر الثقافة وتتطور، وبذلك نستطيع أن نحيي حضارتنا العريقة التي حمل لواءها علماؤنا العرب والمسلمين الأفذاذ ردحا من الزمن، حيث أضاءوا فيها معاقل العلم بالعالم فسطعت شمس العرب على الغرب بعد أن كانوا يغطون في سبات عميق.
لذلك نريد من جيلنا الحالي أن يتسلح بسلاح الصبر والإيمان وأن يثابر على الاطلاع والبحث والتنقيب حتى يخرجوا لنا من بطون أفكارهم علوما تكنولوجية مبدعة تفيد الإنسانية جمعاء. ويعيش هذا العالم في أمن وأمان بعيدا عن التوترات التكنولوجية الساخنة.