عبدالرحمن العوضي
«تمام يا فندم» عبارة تخدر المسؤولين ولا تكشف لهم الحقيقة ويعيشون في عالم من الضلال. وهذه العبارة لا تجعلنا نضع المسؤول امام مسؤولياته، خاصة اذا كان بيده القرار.
وهكذا عشنا زمنا من الخداع نحاول ان نوهم الشعب بأن جميع الأمور على خير ما يرام، حتى ان شعوبنا قد زج بها في حروب لا ناقة لها فيها ولا جمل، وانهزمنا شر الهزائم ورغم ذلك كله كنا نخفي الحقيقة خلف ستار «تمام يا فندم».
وهكذا عاملنا الشعب الكويتي على مدى سنوات، نخدعه بأقوال جميلة ونفرش الأرض له بالورود ونطمعه بالرفاه الكامل، ولكن عندما يحاول الاستفادة من هذه الوعود يجابه بالواقع المر بأنه كان أسير خديعة كبيرة أخفت عنه الحقائق.
تذكرت هذا الأسلوب في الحياة وأنا أقرأ في الصحف هجوم النائب الخليفة على الوزير محمد العليم، واصفا شعار الترشيد الذي يظهر على شاشة التلفزيون بأنه شعار «العار»، في حين انه في نظري، ان ابراز اخطائنا وابراز اخفاقاتنا يجب ان يكون هو اسلوب حياتنا، وان نشكر ونثني على كل من يذكرنا بأننا قد أخطأنا ووقعنا في الخطيئة.
عجيب ان نسمع من هذا النائب مثل هذا الوصف لواقعنا الأليم الذي تمر به البلاد، وعسى ان نكون دائما مستعدين للاعتراف بالخطأ وأن نبرزه امام الناس حتى يشاركوا معنا في اصلاح هذه الخطيئة كل حسب قدرته، وأعتقد ان مجابهة الواقع مهما كان مرا وأليما هي الطريق الصحيح دائما للوصول الى بر الأمان، ومن دون تلك المجابهة ستتعرض منطقتنا، ونحن نبحر في عالم متلاطم الأمواج، الى احتمالات الغرق وخسارة كل شيء.
فلنكن شجعانا لا نخشى اللوم، خاصة اذا كنا قد بذلنا جهودنا وأخلصنا في عملنا، ولكن التوفيق لم يكن حليفنا، فليس كل شيء في الحياة سهل المنال، وأعتقد ان وضع خطة شاملة لسنوات مقبلة للكهرباء والماء أمر سهل وممكن ويحتاج فقط الى الاستثمار الصحيح البشري والمادي.
وهذان العاملان متوافران لدينا، حيث ان اقامة مثل هذه المشاريع تمثل مدارس يتدرب فيها اولادنا وبناتنا خلال انشاء وتشغيل المحطات وصيانتها.
ان مجابهة الواقع المر وإبرازه في حملة الترشيد ومشاركة المواطن في كل جزء من مسؤولياته تعتبر وسيلة للاستفادة من الدروس الماضية التي اوصلتنا الى هذه الحالة، ويكون درسا لنا لنتفادى الاخطاء في مشاريعنا المقبلة.
وفي نظري انه عار علينا اذا لم نقبل مثل هذا النقد البناء، ولا نريد ان ندفن رؤوسنا في الرمال وندعي «ان كل شيء مظبوط»، لأن صاحب السمو الأمير يدعونا الى المصارحة والمكاشفة دون تفريط او تخبط.
وليكن مثلنا دائما الآية الكريمة: (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون).
ولنكثر من العمل الصالح حتى نرضي الله ونرضي ضمائرنا في كل عمل نقوم به.
وعلينا ألا نخشي لومة لائم او من يريد الاستمرار في اسلوب «تمام يا فندم» في حياتنا.