الذي يرى ما يدور على الساحة الكويتية هذه الأيام يتعجب، لأن هناك غيابا كاملا للعقل الكويتي الخلاق الذي كان يتغلب دائما على أسوأ المشاكل بأسلوب متميز وبالحل السريع المبني على العقل والمنطق والمحبة دون الدخول في حواشي الأمور ودروبها الضيقة التي يتيه فيها الإنسان، ومن ثم ينسى القضية الأصلية.
نحن نعلم أننا هذه الأيام أصبحنا مكشوفين للعالم وكأن الكويت على بركان من الخلافات والمنازعات، خاصة ان هذه الخلافات قد بدأت تدق باب الأسرة الحاكمة، هذه الأسرة الحكيمة التي كنا طوال عهدنا بها نلجأ إليها دائما، وكنا نجد عندها الحكمة والبصيرة النافذة للمستقبل.
وكانت جهود هذه الأسرة الطيبة وقيادتها الصلبة تتعاون مع أهل الكويت جميعا دون أي شقاق أو تفرقة، غير ما نسمعه هذه الأيام عن معارضة أو تهديد حتى لنظام الحكم.
وأتذكر وقد أصبحت من كبار السن، أنه حتى سنة المجلس والثورة التي أرادها بعض أصحاب المصالح بإيعاز من الخارج تم تجاوزها عليها بكل حكمة ودون إراقة الكثير من الدماء، مع أن عددا قليلا من المتطرفين من شباب الكويت آنذاك قد ذهبوا ضحايا تلك الفتنة رحمهم الله.
نحن في الكويت لا نوصل قضايانا لحد القتل والحرب، لأننا متعودون على الحوار وعلى كشف الحقائق دون تنويه أو تردد، حيث ان الحقائق إذا لم تكن واضحة أمام الناس فستكون الشكوك هي المتحكمة ويصبح الاتهام للجميع.
يحدث مثل هذا الوضع السيئ في الكويت، والجماعات المتطرفة تدعي الإسلام تحت اسم «داعش» وأخواتها يدقون باب الفتنة والقتل في جارتنا العراق.
ونحن نقبل ان تكون هناك خلافات في حكم اي بلد، ولكن لن نقبل أن تكون بتدخل خارجي مهما كانت طبيعتها فهي مرفوضة، فالمنطق يقول: على إخواننا العراقيين أن يستعجلوا العودة إلى ما كانوا عليه من تآزر ووفاء ومحبة، ولم نكن نفرق في العراق بين السني أو الشيعي أو المسيحي، وكانوا قبل كل ذلك عراقيين.
ومتى بدأنا نصف الناس بالفئوية والطائفية نكون قد بدأنا حالة اللااستقرار، لأن استقرار العراق مهم لنا، وبدل ان نشارك في تهدئة الأمور في العراق أخذت الفتنة تطل برأسها بأسلوب آخر في الكويت، فيجب ألا نسكت وألا نقبل بهذه الأمور والأوضاع ولنضرب بيد من حديد، وليحزم صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، حفظه الله، الأمور سريعا قبل أن تفلت الأمور من أيدينا جميعا.
«وعندها يفوت الفوت ولا ينفع الصوت».
ومثل هذا الحزم يجب أن يأخذه الإخوة العراقيون لاستئصال فتنة الغرباء من أرضهم.
فالدين الإسلامي لا يسمح بأن يقتل المسلم أخاه المسلم، وهذه بدعة الزمن لأنها كلها فئات تسترزق من الإسلام وتتخذ أسماء مختلفة لتختبئ خلفها، ولكن هدفهم واضح ومعروف وهو مصالحهم فقط وبعدهم الطوفان.
يا أهل الكويت، فلتجتمع العقول جميعها شعبا وحكاما ويجب أن تناقش الموضوع بصراحة لأن الضرر يصل الجميع والسكوت عنه معناه نهاية حياة كويتية متميزة ارتضيناها منذ مئات السنين.
ونحن مع أسرة آل الصباح الكرام، كلنا يد واحدة، لن نفترق، ولا نريد أن تهزمنا خلافات طارئة مستهدفة بعض المصالح لبعض الفئات.
فالكويت للجميع ولا احد له فضل على الآخر، فالفضل لله سبحانه وتعالى الذي حمانا في احلك الظروف، وأعادنا إلى بلادنا سالمين، فلنحافظ على هذه الأرض الطيبة، وليكن حوارنا في مؤتمر وطني يضم الجميع، ويخرج بتوصيات وآراء ملزمة للجميع، ولا نقبل أي نوع من بوادر الفتنة التي أخذت مع الأسف الشديد تطغى على أحاديث المجتمع التي تظهر في وسائلنا الإعلامية، ومع الأسف هذه الوسائل لا تفكر في القواعد الأخلاقية التي تنص على أنه ليس كل ما يعرف يقال، فلنمنع المتاجرة بالوطن ونشجع المزايدة على حب الوطن.
فكلنا فداء لهذا الوطن، وكلنا حجر الأساس في بناء عظيم صمد ويصمد أمام كل تيار جارف.
فلنتكاتف جميعا لدرء هذه الفتنة منذ بدايتها، ونكون بذلك قد خدمنا هذا الوطن.
وشكرا لله سبحانه وتعالى على تفضله علينا بإعادتنا إلى وطننا وحمايتنا من الظالمين، سواء أكانوا من الخارج أو من العملاء في الداخل.
حفظ الله الكويت وأهلها وشعبها من كل مكروه.