عبدالوهاب الفهيد
«الخزة» في اللهجة الكويتية معناها النظر بحدة أي النظرة المباشرة، وأحيانا تعبر هذه الخزة عن سخط او نقد لاذع، او عدم رضا، فنقول احيانا: «عطيته العين الحمرة».
وهذه الخزة بالعين وصفها كاتب غربي (رالف والدو ايمرسون) بقوله: «العين يمكن ان تهدد كما تهدد بندقية معبأة ومصوّبة، او يمكن ان تهين كالركل والرفس، اما اذا كانت نظرتها حانية ولطيفة فإنه يمكنها ان تجعل القلب يرقص بكل بهجة».
لكن عندنا في الكويت هذه النظرة غالبا ما تكون كالبندقية المصوبة نحو الآخرين، فهل جربت ان تنظر الى شخص ما لا تعرفه في السوق او عند اشارات المرور او في اي مكان؟!
أعتقد انك ستُصدم من ردة فعل الآخرين ولسان حاله يقول: «شفيه هذا يخز!.. فيني شي.. لا يكون انا ذابح احد من اهله»، وفي احسن الاحوال سيبادر ويقول للخاز «في شي اخوي، اشوفك تخزني، انا مو عاجبك»! وينتهي الأمر عند هذا الحد.
ولكن من غير الطبيعي ان تنقلب هذه الخزة الى صياح وشتائم وسباب ويتطور الأمر الى الاشتباك بالأيدي والسلاح الأبيض (السكاكين) والبوكسات وبعدها الى المستشفيات وغُرز وكدمات، ونهايتها إما مخافر وأزمات لا تنتهي او إزهاق أرواح لا ذنب لها.
وقد حدثت عدة مشاجرات بين شبابنا راح ضحيتها شباب في مقتبل العمر او حصلت لهم عاهة مستديمة بسبب هذه الخزة.
وأتذكر ان ابن الشيخ الفاضل حاي الحاي وهو شاب طالب علم في المعهد الديني راح ضحية هذه الخزة، وطُعن عدة طعنات حتى فارق الحياة رحمه الله، وذلك من قبل شاب ايراني ادعى انه خزّه.
ومنذ أيام قلائل وقع ابن لأحد اصدقائي بهذه المشكلة في الشارع من شابين قاما بضربه ضربا مبرحا ورد عليهما بمثله، والنتيجة كدمات وآثار دامية على الوجه وشكوى في المخفر!
ونسأل: الى متى يستمر مسلسل «خزّني وأخزك والبادي أظلم».
وأخشى ما أخشاه أن يتطور الأمر الى اوسع من هذه الحوادث الفردية وتنتهي بـ «حرب البسوس» التي استمرت اكثر من 120 عاما لأسباب تافهة، والعرب قديما قالت:
العينُ تُبدي الذي في نفس صاحبها
من المحبة او بغض اذا كانا
والعينُ تنطق والأفواه ساكتة
حتى تري من ضمير القلب تبيانا