تشكل المخاطر والتهديدات الأمنية هاجسا دائما لكل الدول دون استثناء ما يستدعي معه اتخاذ كل السبل والتدابير الوقائية لمواجهتها على الأقل للحد منها وفي الوقت ذاته تتخذ المنظمات الإرهابية ايضا كل السبل لكي تنفذ من التدابير الأمنية لتنفيذ مخططاتها الإجرامية.
كما لا يخفى أن لوسائل الاتصال الاجتماعي الحديث وتطوره السريع استخدامات تبتعد عما وجدت له، ومع تطور الحياة العصرية أيضا في كل المجالات لتقديم ما هو أفضل للناس استخدمت الطائرة من دون طيار وعلى سبيل المثال تم استخدامها في إنجاز المعاملات أو تلبية طلبات الزبائن كما هو مخطط لها، وأيضا للأسف تتناول الأخبار استخدامات خاطئة أو دون الرجوع للسلطات المختصة ومنها هبوط طائرة تتحكم فيها عن بعد في حديقة البيت الأبيض ما أدى إلى استنفار أمني وقبل أيام في العاصمة الفرنسية باريس واتهام مجموعة من الصحافيين بتوجيهها.
تلك الحوادث أرجعت بي الذاكرة إلى نهاية الثمانينيات من القرن الماضي عندما طلب الفريق المتقاعد عبدالعزيز اسماعيل دراسة مخاطر الطائرات اللاسلكية وإمكانية استخدامها في أي أعمال قد تتعرض لها حركة الطيران المدني للخطر نتيجة للاستعمال الخاطئ أو المتعمد وخاصة أن مضمار الطائرات اللاسلكية الواقع بالنادي العلمي قريب من خطوط الطيران، وفعلا تم تشكيل لجنة من الجهات المعنية «وزارة الداخلية، والطيران المدني، ووزارة الدفاع (القوة الجوية)، والنادي العلمي» واتخذت اجراءاتها بدراسة الموضوع والتعرف على قدرة الطائرات اللاسلكية على الارتفاع الأقصى وكذلك أقصى حمولة لها للتعرف على إمكانية حمل أي متفجرات، ولكن للأسف مع الغزو العراقي الغاشم انتهت الدراسة.
تلك الأحداث التي حدثت مؤخرا في الولايات المتحدة وفرنسا لم نكن بعيدين عنها هنا في الكويت، فقد استخدمت في مناسبات متعددة من الاعتصام في ساحة الإرادة إلى تصوير احدى المناسبات الدينية، هذا الأمر الذي قد يستفحل مستقبلا ما لم يتم وضع ضوابط من حيث الاستخدام والاستيراد حيث يستلزم ترخيصها بتعاون الجهات المعنية وبالأخص وزارة التجارة والإدارة العامة للجمارك وبالتنسيق مع وزارة الداخلية لوضع المواصفات والأسس اللازمة للترخيص.
من هنا فقد يتساءل البعض عن التدخل في هذه الأمور نقول إن اتخاذ الاحتياطات الوقائية والأمنية واستشراف ما قد يحدث مستقبلا وما حصل سابقا يستلزم البدء فورا في اتخاذها لا الانتظار حتى يحدث شيء ما لا سمح الله، حينئذ لا ينفع الندم لاتخاذ أي إجراء كما انه ليس بدعة فهناك العديد من الدول شرعت في اتخاذ الإجراءات المناسبة لوضع الشروط اللازمة لاستخدام الطائرات اللاسلكية «بدون طيار» حفاظا على أمنها وعلى الحياة الخاصة للأفراد وهذا ما نأمله من نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية الشيخ محمد الخالد في البدء فورا في وضع الضوابط وهذا ما نأمله وأن نراه في القريب العاجل.