ما من لجنة اخذت حيزا كبيرا من المناقشة والنقد والاتهام مثل ما حظيت به لجنة تعزيز الوسطية منذ انشائها قبل ما يقارب عقدا من الزمن وما وجه لها من اتهامات إدارية تتعلق بتنظيمها الهيكلي، ومالية بهدر المال العام واستنزاف ميزانيتها لعقد مؤتمرات لا فائدة منها دفع ثمنها د.عبدالله المعتوق وزير الأوقاف السابق الذي عمل جاهدا لنشر الوسطية ولكن الحسابات السياسية تختلف!
وقبل سنة تمت اعادة تشكيل اللجنة العليا للوسطية برئاسة م.فريد عمادي وفي الوقت ذاته وكيل وزارة الأوقاف وتواصلت التصريحات بأن أسلوب عملها سيكون مختلفا وفق استراتيجية واضحة الى ان فوجئنا بأن اللجنة ستعقد مؤتمرا في شهر سبتمبر القادم لمكافحة التطرف وأن هذا المؤتمر سيكون مختلفا!
وفي هذا الشأن نود ان نشير الى ان هناك العشرات من المؤتمرات عقدت لمكافحة التطرف والإرهاب منذ عقود مضت ولعل اهمها على الإطلاق دعوة الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله عندما كان وليا للعهد لعقد مؤتمر دولي لمكافحة الإرهاب وكان ذلك عام ٢٠٠٦ وما اشتمل عليه من ورش عمل اوضحت تجارب الدول العربية في مكافحة التطرف والإرهاب وكان بحق مؤتمرا مميزا من ناحية الإعداد والتنظيم والورش وقبل ذلك من المدعوين من ذوي الخبرة السياسية والأمنية والدينية وما اسفر عنه من توصيات مهمة، وتبعه عقد العشرات من المؤتمرات.
اذن لنا الحق ان نتساءل: هل بداية عمل اللجنة بعقد مثل هذا المؤتمر الذي يعد باكورة عملها بتشكيلها الجديد، إقدام على عمل مميز يختلف عن السابق؟ لماذا الاسراف في عقد مثل هذه المؤتمرات التي لا طائل منها الا هدر المال العام.
وإذا كنا انتقدنا اللجنة سابقا بأنها حادت عن جادة الهدف من انشائها، واتجهت لعقد المؤتمرات الخارجية دون ان تلتفت الى ما يواجه المجتمع الكويتي من تهديدات داخلية تقسم المجتمع الى طوائف وملل.. فإننا ايضا ننتقد عقد مثل هذا المؤتمر الذي يعد مؤشرا سلبيا لأنه بكل بساطة لن يقدم شيئا ومضيعة للوقت وإهدار للمال العام وخاصة ان الميزانية العامة للدولة تعاني من عجز، الا اذا كان ذلك تسجيل موقف بأنها تعمل.
ومهما حاول القائمون على اللجنة إعطاء صورة وردية لهذا المؤتمر فان الواقع والتجارب السابقة تؤكد عكس ذلك وخاصة ان مجتمعنا الكويتي بحاجة ماسة لجهود منظمة من الهيئات الحكومية ومنها لجنة الوسطية ومنظمات المجتمع المدني تحاكي الواقع للوقوف على مسببات التطرف بصورة حيادية وكيف يتم استقطاب شبابنا لطريق التطرف على الرغم مما تملكه وزارة الأوقاف من وسيلة اتصال مهمة وهي المنابر وخاصة يوم الجمعة؟
معنى ذلك ان الخلل في سياسة الخطاب الديني والذي يجب مراجعته لكي يتماشى مع الواقع وأن يكون مؤثرا في القلوب لا مجرد عبادة نؤديها أسبوعيا حتى أصبحت خطبة الجمعة خطبة حكومية رسمية بامتياز ورتيبة لا تتماشى مع التطور وهذا ما يجب ان تضعه لجنة الوسطية في حسبانها وان تبدأ بإصلاح الخلل من داخل البيت الديني لكي تنطلق وفق أسس راسخة للخارج لكسب قلوب المصلين قبل عقد المؤتمرات.
هذا ما نأمله من اللجنة وان يتسع صدرها للاستماع للرأي الآخر.
[email protected]