إبان الغزو العراقي الغاشم على الكويت تجلت الوحدة الوطنية في أروع صورها وأصبح المجتمع الكويتي، متماسكا بكل طوائفه ملتفّا حول قيادته الشرعية رافضا الغزو العراقي والغزاة، ولم يستطع العراقيون أن ينفذوا إلى هذا الشعب أو يجدوا متعاونا معهم، وتحرك المجتمع الكويتي بجميع طوائفه لمواجهة الغزاة وضربوا أروع الأمثلة في البطولة والفداء مقدمين حب الكويت على الحزبية البغيضة، ولم يكن هذا السلوك غريبا على الكويتيين فهم على امتداد تاريخهم الطويل لم يعرفوا الفرقة والانقسام ولم يعرفوا ولاء إلا لأمهم الكويت ولأسرة الصباح، فما الجديد الذي حدث الآن؟!
نرى وسائل التواصل الاجتماعي تجذب الشباب من صغار السن لاستخدامهم في نشر الفكر المتطرف وزعزعة الأمن، والبعض يستثمر وسائل التواصل لبثّ الكراهية والبغضاء وضرب الوحدة الوطنية، وما هذه النعرات الطائفية التي تستأسد من الداخل ومن الخارج؟!
كلنا نعرف أن الدين لله سبحانه وتعالى والكويت للجميع تسعنا جميعا سنة وشيعة وكل الطوائف، فكتابنا واحد هو القرآن الكريم ونبينا واحد هو محمد صلى الله عليه وسلم، فلماذا نبحث عن الفرقة والشتات ونهمل ما يجمعنا؟!
أما أوجه الخلافات والفرقة فلا مكان لها في حياتنا اليومية، كلنا كويتيون وعلاقتنا ببعضنا البعض أخوية، فإذا كانت نظرة الإسلام للأنبياء والرسالات من قبله وأقول للأنبياء وليس للمذاهب تتجلى في قول المصطفى صلى الله عليه وصحبه وسلم: «مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى دارا فأتمها إلا موضع لبنة أنا موضع اللبنة جئت فختمت الأنبياء».
هذا موقف نبينا من الديانات السابقة فما لنا ونحن مسلمون نختلف ونبحث عن الفرقة والفتنة مما يهدد أمننا وسلامة وطننا الغالي الكويت، فالكويت منذ القدم لا توجد بها هذه النعرة الطائفية سواء كانت سنية أو شيعية، فالولاء للكويت فقط، لكن ظهرت أقلام عميلة وأناس لهم أجندة خاصة تدين بالولاء لغير الكويت تحاول بث سمومها لتنخر في عظام الوحدة الوطنية، وأناس يثيرون الأحقاد والضغائن عن طريق القضايا الخلافية ليس مكانها صفحات الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي.
الكويت يا سادة لا تحتمل بذور الشقاق والفرقة والفتنة الطائفية، ولكم في لبنان والحرب الضروس التي شبت هناك وبدول أخرى عظة وعبرة، فقد دمرت هذه الفتن الطائفية لبنان وشردت أهله في بقاع العالم فرارا من الحروب كنتيجة واقعية للفتنة الطائفية، وتدخل دول أخرى كل يناصر حسبه من جميع الطوائف، وقانا الله وإياهم والكويت وجميع الدول شر الفتنة ولعن الله من ينفخ فيها.
لقد آن الأوان ليكون ولاؤنا جميعا للكويت الغالية بكل طوائفها ولتكن أقلامنا حرابا تدافع عن الكويت، قاتلة للفكر المريض الوافد إلينا والموجود بيننا الذي يقسم المجتمع الكويتي المسلم إلى حزبية وطائفية وينسى أن ربنا واحد وكتابنا واحد ورسولنا واحد ووطننا واحد يسعنا جميعا، فإن كان هناك وجه للاختلاف والشقاق فهناك أوجه للاتفاق والوحدة، فخذوا ما يجمعكم واتركوا ما يفرقنا فكويتنا الغالية أبقى منا جميعا ولنبذل الغالي والنفيس لها، فالكويت باقية ونحن زائلون.
قال تعالى: (ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات ولهم عذاب عظيم). اللهم احفظ بلدي الكويت وأميرها وشعبها والمخلصين عليها من كل مكروه، ونسأل الله أن يصرف عنا هذا الوباء ويقينا شر الداء، اللهم آمين.
[email protected]