«اقرأ لتحيا»، هي جملة وردت في خطاب أرسله غوستاف فلوبير إلى الآنسة شونتبي يدعوها فيها إلى أن تكرس حياتها لموضوع في غاية الأهمية، إذ إنه يعيد إليها إنسانيتها المسلوبة من قبل، وهو القراءة التي هي مفتاح السعادة في حياتنا التي تتجاذبها الأحزان والإحباطات وتتقاذفها كما الأمواج العاتية.
ان القراءة تجلب السعادة الغامرة للإنسان لا لشيء إلا لأنها تحيي في كل إنسان سمو الروح والمعرفة، لقد زارنا في الكويت قبل أيام الكاتب المبدع (ألبرتو مانغويل) وهو من أشهر مؤرخي القراءة وهو يحاول أن يقدم للإنسانية فكرا متوهجا بالأسئلة عبر مأدبة متنوعة مليئة بالكتب الشهية التي من خلالها يمكننا أن نعثر على طريقنا نحو كيفية صياغة أرواحنا والتي لا تكون إلا عبر إعادة النظر في منهجية تفكيرنا وترشيد الأفكار التي نؤمن بها أو التي قد نتوصل إليها بين الحين والآخر.
أخي القارئ، يجب أن تعلم أن أصعب عملية يقوم بها الإنسان هي أن يغير طريقته في التفكير وينحت جبالا من المعلومات المتعددة لكى يجدد أفكاره لاسيما أن لدى كل إنسان اعتدادا وتعصبا لذاته وأفكاره دون مراعاة النظر في صوابها من خطئها أنه من الجميل أن نأتي بأفكار متجددة من رحم المنظومة الفكرية الحضارية الإنسانية، ولكن الأجمل من ذلك هو أن نعرف أن الحضارة والتقدم العلمي المتطور لا يمكن أن يتحقق من خلال التلقين والتقليد بل إننا نحتاج إلى ما توفره (القراءة الحقيقية) فإنها ليست مجرد النظر في الكلمات والتراكيب اللغوية وإجراء عملية الـ copy paste لكنها عملية فهم عميقة للأفكار المطروحة ولبحث جاد حول صحة أسسها العلمية ومدى صوابها ومدى تحقيقها لواقع إنساني جديد والقراءة أيضا مراجعة لخارطة الذهن الإنساني عبر ثقافات الحضارات وعطاءاتها المتعددة.
إن القراءة تحيي في الإنسان عقله وفطرته التي تحثه دائما على الارتقاء بالنفس وتدعوه إلى نضج الذات المفكرة وبعد ذلك كله فإنني أؤكد لكم يا أبناء وبنات المجتمع أن القراءة التي نفتقدها اليوم هي علاجنا الذي سيشفى أرواحنا ويعيدنا إلى قمة الحياة بالعمل والإنجاز الحقيقيين.
إنني أدعو وزارة التربية إلى إعادة حصة القراءة وإعادة وتأسيس المكتبات المدرسية والعامة في كل منطقة والعمل على تشجيع القراءة بكل صورها لأنه بدون ذلك كله لن يكون لدينا جيل صاعد أو مستقبل واعد.