الإمام موسى الصدر من أبرز علماء الدين الذين شهدهم عصرنا الحالي، وقد تألق بنشاطه المميز الذي أدى إلى بناء مجتمع واعد متماسك وقصته طويلة لم ولن تنته لقد قدم الإمام الصدر مفاهيم جميلة تؤسس للمجتمع المفتوح وللمواطنة الصالحة والسياسة الراشدة، لقد كان يرى دائما أن الدين إلى جانب أنه يساوي بين أبناء الطائفة الواحدة فهو يساوي أيضا بين أبناء جميع الطوائف والطائفية الصحيحة هي تآخ قبل كل شيء وتلاق وطني وهي تفسر بأربعة معان.
أولا: الطائفية السياسية أي النظام القائم في لبنان، النظام الذي اختاره لبنان لظروف خاصة.
ثانيا: الطائفية بمعنى ممارسة الطقوس والواجبات والأفضل تسمية هذا بالتدين.
ثالثا: الطائفية الإيجابية أي ان كل طائفة تهتم بإصلاح شؤون أبنائها ورفع مستواهم الخلقي والثقافي والاجتماعي ولا أعتقد أن هذا المعنى من الطائفية أمر مستنكر.
رابعا: الطائفية السلبية بمعنى أن أبناء كل طائفة يحاولون الاقتصار في الحياة على أبناء طائفتهم بمعزل عن الطائفة الأخرى وهذا المعنى من الطائفية يعد عازلا اجتماعيا ويشكل سدا في طريق تقدم المجتمع.
ولذلك فلقد قام الإمام بنفسه بخرق السدود وإزالة الحواجز بين الطوائف والملل وطبق ذلك على أرض الواقع بمواقفه الشجاعة، وكان يعمل من أجل بناء حياة كريمة للإنسان (مدرسة/ مستشفى/ طريق/ ماء/ كهرباء/ عمل)، كان يقول: نحن كرجال دين نجد أن العمل من أجل تحقيق هذا الشعار ضروري ويسبق في أهميته أي مطلب اجتماعي آخر، وفي هذا المجال نتلاقى مع كل مخلص لبلاده وشعبه وقد تختلف الوسيلة التي يمكننا استعمالها لوضع هذا الشعار موضوع التنفيذ وبصورة خاصة في المناطق المحرومة بعيدا عن أي انغلاق طائفي.
كان الإمام صاحب شعار «لا صيانة للحرية إلا بالحرية»، ولقد كان يرى أن الصحافة هي مشعل الحرية وأنها من أهم ميادين الجهاد وأدقها فالصحافة ـ كما يقول ـ تكون الرأي العام وتساعد في خلق الثقافة العامة وأنها محراب لعبادة الله ولخدمة الإنسان.
لقد آمن الإمام موسى الصدر بأن عدم الحرية والانتقاص منها تقليل لكرامة الإنسان وكفر بفطرة الإنسان، وأن الحرية لا حدود لها، لأنها حق من الله وأنها تحرر من النفس تحرر من الغير.
كما يقول: إن الموت سبيل الكمال وهو خلود وسبيل لانكشاف الحقيقة وبالفعل فان غيابه قد جعلنا نكتشف فينا وفيه أجمل ما في هذه الحياة فهنيئا له.