السؤال والبحث عن «معنى الحياة» يستبطن في داخله يقينا مسبقا رسخ في العقل البشري مفاده أنه لا بد أن تكون للحياة معنى والعلامة المميزة لهذا المعنى أنه يتصف بالسمو والعلو والقداسة وهو جوهر فريد جدير بأن يبحث عنه الإنسان ويسعى للحصول عليه وعادة ما يقوم الإنسان بربط هذا المعنى بالرموز الغيبية المقدسة المعتبرة كالخالق، الوهاب، القدير، وقد يربطها أيضا بالقيم الأخلاقية السامية كالحب والعشق والصدق، وقد يربط الأمر بنتائج الأحوال مثل الفناء بمعنى النقاء الروحاني ومثل البقاء بمعنى الأبدية المعنوية.
وهذا هو شأن الأسئلة الروحية الذاتية، وتتنوع الإجابات بل وتتناقض في كثير من الأحيان والسبب الحقيقي في ذلك هو أن إجاباتنا كبشر تنبع من رؤانا وتجاربنا وممارساتنا ولا تعبر عن دراسة موضوعية لحقيقة «معنى الحياة»، ولكي نخرج من أسر الوقائع اليومية والانفعالات البشرية لا بد أن نهيئ أنفسنا ونمضى بعمق من أجل تغيير حياتنا ونبدأ من الوعي بأهمية حقيقة وجودنا ومعرفة طاقاتنا والإيمان بلا محدوديتنا.
يجب أن نؤمن بحقيقة أننا نتطور في لحظة من لحظات الحياة وفي كل محطة من مسيرتنا نحو التكامل الروحي والمادي في الكون فإننا منذ الطفولة ندخل في عالم عجائبي غرائبي لاستكشاف القدرة الكامنة فينا، وذلك عبر مهارات عديدة نبتكرها ونطورها في كل لحظة من حياتنا، وذلك منذ اليوم الأول لمسيرتنا في هذا الكون ولا ريب أن هذه المسيرة تحتوي على نقلات حقيقية ونوعية تمتد إلى كل جزء من واقعنا الذي نعيش فيه، فتمتد إليه يد التغيير، ولكن من الأهمية بمكان أن يكون هذا التغيير جزءا من بناء معرفي متوازن.
إن من شأن الفهم أن يغير الصورة الكاملة للواقع وحقيقة الفهم عبارة عن تفاعل مشترك مع جانب العاطفة الروحية فينا، فعندما تفعل أي شيء بعاطفية فأنت تعبر عن كل جانب فيك وتستخدم طاقتك الكامنة بكل حرية، وعندما تتحرر هذه الطاقة من كل القيود الوهمية الفكرية والمادية فأنت تضع نفسك على المسار الصحيح لأن عاطفة الروح الصادقة تجلب كل حسن لتبدل كل عيب، أو ضعف أو سوء عبر صناعة روح مبادرة، إننا في كون حي متجدد وليس من الضروري أن نجيب عن أي تساؤلات حول هوية الخالق ولكن من المهم جدا أن نتحول إلى عقل وروح ناضجين يتقنان فن الحياة وصناعة الإنسان.