الأخت/ الأم/ الجدة فلسطين، تحية طيبة مباركة إليك أيتها الأرض التي يعلو مجدها الكون بأسره، إليك يا حلم الإنسان الذي شردته الذئاب، ومازالت تجاهد محاولات الإرهاب التي تتمنى أن تلفظ فلسطين أنفاسها على خشبة الإعدام، هذه الخشبة التي هي أشبه ما تكون بمسرحية هزلية عنوانها السلام، ذاك السلام المزعوم الذي هو في حقيقته قتل للروح ومحو للذات.
إننا نعتذر لك يا فلسطين، فحينما يتبجح المتغطرسون ويعلن الطغاة عن رغبتهم في اغتيالك فإننا نفهم دوافعهم وندركها لكن أن يحذو بعض أبنائك حذوهم فهذه هي الطامة الكبرى التي تقصم الظهر لان خيانة الابن وقهر الأولاد موت بطيء يورث حزنا عميقا يدفن كل الأرواح السوقية في غياهب الظلام.. فيا أبناء الأمة رفقا بأرواحكم وانتبهوا، فالوعي الوعي والإرادة الإرادة، فلا يستبيحكم الطاعون فلا سلام من دون قوة وعزة.
لماذا أصبحت فلسطين ضحية العالم لماذا يصر المستعمرون القدامى على جعلها أنموذجا للسلام الذي يدّعونه، وكيف يتحقق السلام على أرض مغتصبة بادعاءات دينية وعنصرية وهمية مزيفة، بل كيف يتحقق السلام من قبل كيان يمارس القتل والظلم والقهر والطغيان والكذب والنكران، إنه العجب العجاب.
هل أخدعكم أيها الإخوة الكرام أم أخدع نفسي أم أخدع التاريخ؟ ولماذا ولحساب من نخادع أنفسنا ونلقي بظلال الشك على القضية التي يفترض ألا نجادل في حقّانيتها؟ وهل يشك عاقل منصف في عروبة فلسطين والقدس؟ ومن يملك الحق في تزييف هوية التاريخ والتلاعب بجغرافيا الروح الإنسانية؟ ففلسطين شرقية/ عربية/ إسلامية ومسيحية ولم تكن في يوم ما أرضا لإسرائيل المغتصبة الصهيونية التي تحاول أن تضحك على عقول البشر وتحاول أن تختطف التاريخ وتزيف الثقافة قبل أن تخطف الجغرافيا.
فلسطين كانت وستبقى ملاذنا وقضيتنا الأولى وأيقونة عزتنا الإنسانية ورمزا لأصالتنا وتاريخنا، فالمسلم والمسيحي من فلسطين يعشقها ويلتمس الدفء والقدسية والروحانية فيها ومنها، أما الصهيونية فإنها ستبني أسوارا وستحاول أن تستبيح مزيدا من الأرض وتسرق المزيد من السماء، لكنها لن تصبح جزءا من الأرض ولا من أبنائها ولن تهنأ في أبراج مستوطناتها العالية، وهذا شأن كل خائن وغاصب، بل سيعاني حتى يسقط سقوطا مدويا في بئر عميقة مظلمة، لأن الحق لا يستقيم مع التمويه والأكاذيب، والحياة لا تتكامل مع الخداع ولا يحظى الإنسان بحياة سوية ما دام هدفه حقير وخسيس ودنيء.
حديث هذا القرن ليس حديثا مع الصهيوني الغاصب السارق وحسب، بل هو حديث مع البعض ممن أضاع الطريق وباع روحه بالخسيس وبات يروج إلى حق مزعوم يدعيه الصهاينة لتدمير غيرهم، ولا أدري من أين يأتي مثل هذا الحق وكيف يسمح أي إنسان لنفسه أن يفرض وجوده على غيره ويسرق حياة الآخرين ليهدمها.
يا أخي الكريم، اسمح لي أن أغادرك مبكرا، فإنني أحس باحتباس الكلمات في يدي وروحي، لأنني أشعر بغضب حزين مما أراه اليوم من بعض العرب والمسلمين.
فلقد باع الكثير إنسانيتهم من أجل لا شيء، فهل يوّلد الظلام نورا وهل يولد العدم وجودا؟ أيها الغافلون التائهون تيقظوا لكي نسترد إنسانيتنا ووجودنا الذي يستباح في كل يوم، ولنقف موقف الحق لتصبح دماؤنا غالية لا تقدر بثمن ولا تراق إلا برد الثمن، أما بوابات القدس فلها من يحميها.