هذه وصية قائد لا يختلف اثنان على حنكته وعمق تأثيره ورجاحة عقله وسعة أفق المعرفة لديه.
فبعدما يؤكد على القرآن الكريم وسنة النبي والعترة باعتباره متفقا عليه بين المسلمين وباعتباره الضمان التشريعي لصيانة المسيرة من الانحراف فإنه يقوم بدعوتهم إلى مدرسة العزة والكرامة والتحرر والانعتاق، كأنه يريد بذلك أن يلقن جمهوره الثقة بالذات والاعتزاز بهذا الانتماء الرسالي.
يقول «نحن والشعب العزيز الملتزم التزاما لا حد له بالقرآن والإسلام، نفخر بأننا أتباع دين يستهدف أن يقدم حقائق القرآن بأجمعها إلى المسلمين بل البشرية باعتبارها أعظم وصفة للبشرة ليخلصها من جميع ما يكبل يدها ورجلها وقلبها وعقلها من قيود، ويدفع عنها تلك الأوضاع التي تريد أن تدفعها نحو الفناء والإبادة والخضوع للطواغيت».
يقول أيضا: نحن نفخر بأننا أتباع رسول الله محمد بن عبدالله، هذا النبي المرسل المتحرر من جميع القيود والشهوات والمأمور بتحرير البشرية من الاستعباد وجميع الأغلال. ونحن نفخر بأن القرآن أعظم نهج للحياة المادية والمعنوية وأسمى كتاب تحرري للبشرية، وتعاليمه المعنوية والإدارية.
ونحن نفخر اليوم بأننا نريد تطبيق أهداف القرآن والسنة، وان فئات الشعب المختلفة تبذل بولع شديد على هذا الطريق المصيري الكبير، طريق الله، تبذل النفس والمال والعزة، انني اطلب من الشعوب المسلمة بكل جد وبكل تواضع أن يقتدوا بما قدمه هداة البشرية العظام من الأنبياء والحكماء والأولياء من فكر سياسي واجتماعي واقتصادي وعسكري، وبصورة لائقة وعن رغبة عميقة وببذل النفس والمال والجهود ان حركتنا ما هي الا صرخة بطولية شعبية بوجه الفاسدين على مر التاريخ والى الأبد.
يقول هذا القائد في نهاية وصيته: والآن، فإني أستأذنكم أيها الأخوات والإخوة، لأسافر نحو مقري الأبدي، بقلب هادئ وفؤاد مطمئن، وروح فرحة وضمير آمل بفضل الله. وأسألكم بإلحاح، الدعاء بالخير لي كما اسأل الله الرحمن الرحيم أن يقبل عذري عن قصوري وتقصيري. وآمل من الشعب أن يقبل عذري، لما قصرت أو كنت قاصرا فيه.
هكذا تكون القيادة، إنها العطف والحب واللطف والحرية ومثل هذه القيادات هي التي يخلدها التاريخ رغم محاولات من يستهدفها بالتزوير والتلفيق لأنها تنطلق من الحق والحقيقة ومن القلب والمعنى.
إن الوصايا كثيرة والشخصيات متعددة لكن ما يهمني هو أن تنتج الوصايا أرواحا منيرة ومليئة بالعطاء والخير للجميع.