مع بداية كل عام دراسي جديد يتجدد احترامي لكل معلم أحبّ أشرف المهن وأخلص العطاء لطلابه في كل الظروف، إن التعليم أسمى مهنة يتقلدها الإنسان وهي مهنة الوصول إليها شاق جدا في الدول المتقدمة، فلا يضطلع بها إلا صفوة الصفوة وأما في دول العالم الثالث فالأمر جد يسير، والمعلم الجاد في العالم المتخلف كأنه في سباق قفز الحواجز، فمن أنظمة سياسية متخلفة أثرت وتأثرت بثقافة مجتمعات لها عادات وتقاليد ليس بالقليل منها جاهلي وليس بالقليل من أفرادها ساذج، ثم إدارة تعليمية تحاول أن تسدد وتقارب في ظل سياسات تعليمية ليس لأهدافها مقصد واضح ومحدد، لقد حذر كثير من الخبراء والعلماء من أثر التعليم الرديء ذلك أنه يمنح شهادات زورا يظن من يحصل عليها أنه متعلم وهو يحمل شهادة يثبت نجاحه فيها أنه لا يعرف القيمة الحقيقية للعلم إن كان شديد الزهو بها.
إن المعلم جندي مجهول يحاول بكل ما لديه من إمكانات أن يقدم لطلابه عصارة تجاربه وأقصى ما استطاع تحصيله في رحلته العلمية وكثيرا ما يقوم بجهد ذاتي بغية التغلب على كل المعوقات التي تحول بينه وبين عقول وقلوب طلابه سعيا منه ليغرس في طريقهم مكارم الأخلاق وأنوار المعرفة، ولكل ما سلف على المعلم أن يبدأ في كل عام بهمة عالية وثقة لا حد لها بذاته وبطلابه لكي يتمكن من العطاء، ولن يستطيع أن يقدم شيئا ذا قيمة لطلابه ذلك المعلم الذي يستحضر المعوقات حتى تحبطه ويبلغ اليأس منه مبلغه ولن يكون الضحية سوى الطالب الذي هو أشبه بريشة في مهب الريح.
وثمة أمر كثيرا ما وددت أن يتحقق في نظامنا التعليمي هو الاختبارات النفسية وحبذا لو كانت أكثر من اختبار يتم من خلاله قياس المستوى النفسي لكل من يلتحق بمهنة التعليم وذلك أن المعلم يتصل اتصالا مباشرا مع أجيال تتجدد كل عام، ولعل هذه الاختبارات إذا طبقت أن ترحم الطلاب ممن قد تكون فيه مسحة من مرض نفسي ولا يملك الطلاب إلا مجاراته ومسايرته وربما يصيبهم بالعدوى دونما أدنى علم من أحد!
[email protected]